يمانيون في موكب الرسول.. مالك بن نمط الأرحبي “زعيم بكيل وحاشد إلى رسول الله” (الحلقة الثلاثون)

يمن ديلي نيوزآخر تحديث: 2024-04-10

سلسلة حلقات يومية برعاية مياه “كرم الضيافة”

أعد الحلقة لـ”يمن ديلي نيوز” – أحمد الشجاع: هو الصحابي “الزعيم” مالك بن نمط بن قيس بن سعد بن لأي بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل البكيلي، بن جشم، بن أرحب الأرحبي بن الدعام … بن همدان الهمداني… بن كهلان بن سبأ.

وكغيرها من بعض القبائل اليمنية، اتخذت همدان، وأرحب، وخيوان، وغيرها من بعض قبائل اليمن اتخذت آلهة تعبدها.

فاتخذت همدان وخيوان “يعوق” آلهة، وكان “ود” معبودا في الجوف، في حين كان “يغوث” آلهة لأهل جرش ومذحج، وهي مسميات ذكرها القرآن عبدها قوم نوح، قال تعالى على لسان قوم نوح “وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وَدًا ولا سُواعاً ولا يغُوث ويعوق ونسرا” الآية 23 سورة نوح.

إسلامه

قبل الهجرة النبوية بسنوات، التقى أخو مالك الأكبر، قيس بن نمط، برسول الله ﷺ في مكة فأسلم، ثم عاد إلى قبيلته همدان في اليمن.

وقبيلة همدان بمفهومها القديم، كما يذكرها، محمد حسين الفرح، مؤلف كتاب “يمانيون في موكب الرسول” هي قبائل حاشد وبكيل جميعها، وحاشد وبكيل هما أخوان أبناء جشم بن خيران بن نوف بن همدان، انتهاء إلى كهلان بن سبأ.

عندما عاد قيس بن نمط، بدأ بدعوة قومه إلى الإسلام وعبادة الله، وكان مالك أول من أسلم.

وعندما رجع قيس بن نمط إلى رسول الله ﷺ بمكة أخبره أن الإسلام بدأ ينتشر في قومه همدان، وعرض عليه الهجرة الى منطقته باليمن.

فقال له النبي ﷺ هل عند قومك من منعة؟ فقال قيس بن نمط: نحن أمنع العرب، وقد خلفت في الحي فارساً مطاعاً يكنى أبا يزيد الصاعقة وإسمه قيس بن عمرو فاكتب إليه حتى أوافيك أنا وهو.

أما أخيه مالك بن نمط الأرحبي الهمداني، فقد أخذ يدعو إلى الإسلام وعبادة الواحد الأحد وينتقد عبادة “يعوق” بالحكمة والموعظة الحسنة والشعر، حيث كان مالك شاعرا، حيث قال:

يريش الله في الدنيا ويبري ولا يبري يعوق ولا يريش

والمقصود بقوله “يريش الله في الدنيا ويبري” أصله من رياشة السهام، يقال: “رشت السهم و بريته” يريد أن الله ينفع ويضر وأن “يعوق” لا يضر ولا ينفع.

وفي الوقت الذي انتشر فيه الإسلام على يد مالك بن نمط وأخيه قيس بن نمط في بلاد همدان وأرحب وحرف سفيان وبلغ إلى خيوان (تقع حاليا في عمران) معقل عبادة يعوق.

سمع العوّام بن جهيل، سادن يعوق، هاتفا يقول: “يا ابن جهيل حل بالأصنام الويل، هذا نور سطع من الأرض الحرام، فودع يعوق بالسلام”.

تذكر المصادر أن الهاتف أخبر العوّام بن جهيل بتعاليم دين الإسلام وأن يؤمن ويرحل مع وفد همدان إلى رسول الله ﷺ قائلا:

ارحل على اسم الله والتوفيق رحلة لا وان ولا مشيق

إلى فريق خير ما فريق إلى النبي الصادق المصدوق

قال العوام: فخرجت أريد النبي ﷺ فصادفت وفد همدان، وهو الوفد الذي سار بمعية مالك بن نمط.

وعلى مدى عشر سنوات، تنقل مالك بن نمط، بين كافة بطون ورؤساء همدان يدعوهم إلى الإسلام.

وفي رجب سنة 9 هجرية انطلق مالك بن نمط على رأس مائة وعشرين من رؤساء ووجهاء ورجالات حاشد وبكيل يمثلون كافة بطون وقبائل همدان لمبايعة رسول الله ﷺ.

فلما وصلوا المدينة المنورة نزلوا من الإبل والخيول، ودخلوا راجلين إلى حيث وقف رسول الله ﷺ لا استقبالهم أمام المسجد النبوي، فتقدموا وهم يرتجزون:

همدان خير سوقة وأقيال ليس لها في العالمين أمثال

محلها الهضب ومنها الأبطال لها طابات بها وآكال

فقدم مالك بن نمط بين يديه، فقال: يا رسول الله، نصية من همدان، من كل حاضر وباد، أتوك على قلص نواح، متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم.

والنصية تعني أنهم جمع من خيار القوم من الحضر والبوادي وهي حاليا: (عمران وحجة والمحويت، وأغلب مناطق الجوف ومأرب وصنعاء ومناطق وائلة في صعدة، ويام في نجران). وهي كلها ضمن حاشد وبكيل.

ولقد قال لهم رسول الله ﷺ “السلام على همدان، السلام على همدان” مرتين، وروى السيوطي في الجامع الكبير مرفوعا: “نِعم الحي همدان، ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد”.

وعندما تهيأ مالك للعودة إلى اليمن، وهو اللقاء الأخير برسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب له، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة كتب، تتعلق بتنظيم الوضع الإداري ـ السياسي ـ والزعامات والتعاليم الدينية.

فضائله

أصبح مالك نائبا لأخيه قيس الذي كان عامل رسول الله ﷺ على قبائل ومناطق بكيل وحاشد جميعها، فقد كان قيس كبيرا في السن، فتولى أخاه مالك الأمور كعامل لرسول الله ﷺ على همدان، وذلك في إطار الولاية العامة لمعاذ بن جبل الأنصاري على اليمن حتى وفاة رسول الله ﷺ.

ولما توفي رسول الله ﷺ كان مالك بن نمط من بين زعماء همدان الذين تنادوا إلى اجتماع عام عند ذي المشعار في ناعط، حيث قام فيهم عبد الله بن مالك الأرحبي، وكان من أصحاب النبي ﷺ، وله هجرة وفضل في دينه، فقال: يا معشر همدان، إنكم لم تعبدوا محمدا، إنما عبدتم رب محمد وهو الحي الذي لا يموت، غير أنكم أطعتم رسوله بطاعة الله، واعلموا أنه لم يكن الله ليجمع أصحاب رسول الله على ظلالة.

فتثبتت همدان وسائر اليمن على الإسلام، وبعثت همدان وفدا إلى الخليفة أبي بكر الصديق، فيهم عبدالله بن مالك بن نمط الأرحبي، ومروان بن عمير الحاشدي الهمداني فكان لهم ولهمدان موقف خالد في الثبات على الإسلام، ولم يزل مالك بن نمط الأرحبي الهمداني من الصحابة الزعماء في اليمن الى ان توفاه الله، رضى الله عنه وارضاه.

وفاته:

ولم يورد مؤلف كتاب “يمانيون في مواكب الرسول” المؤرخ “محمد حسين الفرح” أي معلومات عن وفاته، وأين توفي، لعدم توفر المصادر التاريخية في هذا الجانب.