هل باتت واشنطن قريبةً من التخلي عن نتنياهو؟

مع رفض نتنياهو المستمر لاقتراح إقامة دولة فلسطينية، يبدو أن إدارة بايدن باتت تتطلع إلى ما هو أبعد من نتنياهو لمحاولة تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة.
يمن ديلي نيوز – TRT عربي: في زيارته الرابعة للشرق الأوسط منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول، حثّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إسرائيل على دعم القادة الفلسطينيين الراغبين في العيش بسلام إلى جانب الإسرائيليين وحذّر من أن الخسائر اليومية في حربها مع حماس في غزة مرتفعة للغاية.
ووفق مسؤولين تحدثوا لـإن بي سي نيوز، قال بلينكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه في نهاية المطاف لا حلَّ عسكرياً لحماس، وإنه بحاجة إلى الاعتراف بذلك، وإلا فإن التاريخ سيعيد نفسه وسيستمر العنف. لكن المسؤولين قالوا إن نتنياهو لم يتأثر.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن الخلاف بين نتنياهو والإدارة الأمريكية بات أكثر وضوحاً بعد زيارة بلينكن الأخيرة، لافتاً إلى أن وزير الخارجية عاد إلى واشنطن من دون تحقيق أي المطالب بسبب تعنّت الزعيم الإسرائيلي، باستثناء طلب واحد، وهو عدم مهاجمة إسرائيل لحزب الله في لبنان.
محاولة البحث عن مخرج
بحسب إن بي سي نيوز، تحاول إدارة بايدن وضع الأساس مع قادة إسرائيليين آخرين وقادة المجتمع المدني تحسباً لتشكيل حكومة ما بعد نتنياهو في نهاية المطاف، مشيرين إلى أنه في محاولة للالتفاف على نتنياهو، التقى بلينكن بشكل فردي مع أعضاء حكومته الحربية وقادة إسرائيليين آخرين، بما في ذلك زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد.
وقال المسؤولون الأمريكيون أيضاً إن بلينكن بدأ عمداً رحلته الأسبوع الماضي إلى الشرق الأوسط بزيارة الدول العربية، بدلاً من إسرائيل، من أجل تقديم اقتراح عربي موحد لنتنياهو بعد الحرب. بينما قال اثنان من كبار المسؤولين في الإدارة للشبكة الأمريكية إن بلينكن أطلع الرئيس جو بايدن على رحلته إلى المنطقة بعد عودته إلى واشنطن.
وتتابع الولايات المتحدة الآن مع القادة العرب مناقشات بلينكن، لكن كبار مسؤولي الإدارة أقروا بأن آمال بايدن في إعادة تشكيل الشرق الأوسط أصبحت الآن مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإقامة دولة فلسطينية.
ونتيجة لذلك، اعترف أحد كبار المسؤولين في الإدارة بأن “تطلعات الرئيس لتحقيق سلام إقليمي دائم قد تضطر إلى انتظار حكومة ما بعد نتنياهو”.
وفي مقابلة يوم الثلاثاء مع شبكة سي إن بي سي في المنتدى الاقتصادي العالمي، قال بلينكن إنه لكي تُطبّع السعودية مع إسرائيل، “عليك حل القضية الفلسطينية”.
وأضاف: “الدول العربية تقول: إننا لن ندخل في عملية إعادة بناء غزة على سبيل المثال، ثم تُدمر مرة أخرى في غضون عام أو خمس سنوات، ثم يطلب منا إعادة إعمارها مرة أخرى”.
“لن يبقى هناك إلى الأبد”
على الرغم من دعم بايدن المطلق للحرب التي تشنّها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول على غزة، إلا أنه أعرب بشكل متزايد عن قلقه بشأن كيفية تنفيذ نتنياهو لهذه الحرب. على حين تبدو التوترات بين الزعيمين واضحة في افتقارهما إلى التواصل المباشر في الأسابيع الأخيرة.
في الشهرين الأولين من الحرب، تحدث بايدن مع نتنياهو بانتظام، ولكن مع تزايد إحباط الإدارة من استخدام إسرائيل المكثف للقوة وحرمان غزة من الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها، أصبحت محادثاتهم أقل تواتراً، وفقاً لمسؤولي الإدارة.
ومع رفض نتنياهو المستمر لاقتراح إقامة دولة فلسطينية، باتت إدارة بايدن تتطلع إلى ما هو أبعد من نتنياهو لمحاولة تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة، بحسب ما قاله ثلاثة أمريكيين كبار لشبكة إن بي سي إن “نتنياهو لن يبقى هناك إلى الأبد”.
من جهته، قال بلينكن خلال مقابلة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا: “لدينا اليوم فرصة إقليمية عميقة في الشرق الأوسط لم تكن لدينا في الماضي. التحدي هو تحقيق ذلك”.
وعندما سُئل عما إذا كان نتنياهو هو رئيس الوزراء المناسب لاغتنام هذه الفرصة، أجاب بلينكن بأن “هذه قرارات يجب على الإسرائيليين اتخاذها”، وأضاف: “نحن عند نقطة تحوّل”، وفقاً لما نقلته جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
معارضة متزايدة
والأربعاء، قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر للصحفيين إن الديمقراطيين في المجلس يبحثون فرض شروط على المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، بحسب ما نقلته رويترز.
وعلى الرغم من أن مجلس الشيوخ قد أحبط تمرير مشروع القرار، فقد صوّت المجلس بأغلبية 72 صوتاً معارضاً مقابل 11 صوتاً داعماً للمشروع الذي طرحه السيناتور التقدمي المستقل برني ساندرز، فإن طرحه للنقاش في المجلس “خطوة استثنائية” بغاية الأهمية، إذ إنها تظهر تزايد المعارضة لسياسة بايدن تجاه إسرائيل في صفوف داعميه.
وكان ساندرز قد توجه في خطاب إلى زملائه في المجلس قائلاً: “مهما كان رأيكم حيال هذه الحرب الفظيعة، لا يمكننا الاختباء… فمنذ بداية النزاع لم نناقش مشروعاً واحداً تطرق إلى الدمار غير المسبوق والأزمة الإنسانية واستعمال أسلحة أمريكية في حملة عسكرية، خلّفت الكثير من القتلى والجرحى والنازحين”.
وتبلغ قيمة المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لتل أبيب 3.8 مليار دولار سنوياً. ومع بدء العدوان على غزة، طلبت إدارة بايدن من الكونغرس الموافقة على مبلغ 14.3 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن المشرّعين لم يوافقوا على المبلغ حتى الساعة بسبب خلافات داخلية متعلقة بإصلاح قانون الهجرة، الأمر الذي دفع البيت الأبيض لتخطي صلاحيات الكونغرس عبر قانون الطوارئ، وإرسال مساعدات عسكرية بقيمة 106 ملايين دولار تقريباً لإسرائيل نهاية العام الماضي.



