أهم الاخبارالأخبار

يمانيون في موكب الرسول.. حسان بن النعمان “فاتح الجزائر وأمير إفريقية” (الحلقة السابعة عشرة)

سلسلة حلقات يومية برعاية مياه “كرم الضيافة”

أعد الحلقة لـ”يمن ديلي نيوز” – محمد عدنان: هو حسان بن النعمان بن عدين بن المنذر الغساني من أبناء ملوك غسان، وقبيلة غسان من القبائل اليمنية السبئية العريقة، ويجمع إسم غسان خمسة عشائر وبطون من الأزد، يقول بن خلدون إن غسان هم، بنو مالك، وبنو الحارث، وبنو جفنة، وبنو كعب، فكلهم يسمون غسان.

كما جاء ذكر قبيلة غسان في نقوش المسند اليمني، وكانت تسكن مع إخوتها من قبائل الأزد في أرض مأرب.

يذكر “بن خلدون” أنه عقب سيل العرم، الثاني بالقرن الثالث الميلادي، انتقلت قبيلة غسان من أرض مأرب باليمن إلى أداني الشام ما بينه وبين جبال الشراة مما يلي أعمال دمشق والأردن ” وسميت تلك المنطقة بإسمهم “أرض غسان”.

توضيح تاريخي

وقد أثار كيفية نشوء مملكة الغساسنة بالشام، اهتمام المؤرخين والباحثين، فذهب بعضهم إلى أن الروم حاولوا أن يخضعوا الغساسنة لحكمهم اتقاء لغزوهم وسلبهم، لكنهم كانوا يعدلون عن ذلك لما يستلزمه فتح جزيرة صحراوية من ضحايا في الأنفس والأموال.

فرأى الروم أن خير وسيلة لدفع شر العرب أن يساعدوا بعض القبائل على أن يستقرون على التخوم يزرعون ثم يكونوا ردءا لهم، يصدون غارات البدو الذين يغزون وينهبون، فتكونت إمارة الغساسنة بالشام”.

وقد اعتمدت هذه الفكرة على أراء بعض المستشرقين وهي فكرة خاطئة بكل تأكيد، فقد كانت القبائل العربية تسكن في أرجاء الشام قبل مجيء الرومان واحتلالهم للبلاد.

ومن تلك القبائل التي سكنت قبل مجيء الروم، قبائل “عامله وجذام، وتنوخ، وسليح” وغيرهم من القبائل العربية التي انتقلت من اليمن إلى الشام في عصور سابقة.

وبما أن العرب كانوا يمثلون الغالبية العظمى في الشام ، فقد اعترف الرومان بممالك عربية في الشام منها مملكة البتراء ومملكة تدمر في إطار الولاء للإمبراطورية الرومانية.

وكان ملوك تدمر من بني الضجاعم وهم ملوك العرب بالشام قبل غسان.

إن انعقاد رياسة العرب بالشام وصيرورتهم ملوكا للعرب هي المرحلة الاولى لنشوء مملكة الغساسنة.

قصة إسلامه

يذكر مؤلف كتاب “يمانيون في موكب الرسول” أن حسان بن النعمان، أسلم مع قومه من بني ثعلبة، وغيرهم من عشائر غسان بالشام، وثبتوا على الإسلام، وكان إسلامه مع قومه في العام السابع الهجري، حين بعث لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كتابه مع دحية الكلبي، عندما بعثه إلى هرقل ملك الروم.

وحسان بن النعمان، من أعظم الأمراء الفاتحين الذين أرسوا دعائم الإسلام في شمال أفريقية، واشتهر بلقب “الشيخ الأمين” وافتتح الأوراس والجزائر والمغرب وكان له في التاريخ دور عظيم.

قال عنه ابن خلدون “افتتح حسان بن النعمان قرطاجنة عنوة، وفر من كان بها من الروم والفرنجة الى صقلية والأندلس.

ومَلَك حسان بن النعمان، جبل الأوراس وما إليه، وأرهق البربر وكتب الخراج عليهم وعلى من معهم من الروم والفرنج على أن يكون معه اثنا عشر ألف من البربر لا يفارقونه في مواطن جهاده.

دخول دمشق

شهد حسان بن النعمان الغساني فتوح الشام وكان من الصحابة الأمراء الذين شهدوا فتح دمشق واستلموها ودخلوها غداة الفتح، في رجب 14هجرة.

فقد جاء في كتاب “فتوح الشام” للإمام الواقدي عن واقعة استسلام واستلام دمشق أنه “كتب لهم أبو عبيدة بن الجراح كتاب الصلح والأمان، فلما كتب لهم الكتاب تسلموه منه، وقالوا له قم معنا إلى البلدة ــ أي دمشق ــ فقام أبو عبيدة وركب معه عدد من الصحابة منهم أبو هريرة، ومعاذ بن جبل، ونحو 35 صحابيا رضي الله عنهم، وبينهم حسان بن نعمان الغساني.

فدخلوا دمشق راكبين وتسلموها في ذلك اليوم الخالد الذي زال فيه الحكم والاحتلال الروماني ورفرفت رايات الإسلام والعروبة في دمشق.

شهد حسان بن النعمان ما بعد دمشق من فتوح الشام ومصر في خلافة عمر وعثمان، ثم شهد فتح إفريقيا مع معاوية بن حديج السكوني، في عهد معاوية بن أبي سفيان بداية الدولة الأموية عام 44 هجرية.

كما كان حسان بن النعمان من رجال السياسة والحرب، في الشام ومصر وإفريقيا، خلال الفترة التي امتدت إلى عهدة ولاية زهير بن قيس البلوي.

ولايته على إفريقية

تولى حسان بن النعمان على افريقية ثلاث مرات، فكانت ولايته الأولى في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، العام 47 هجرية حتى عام 50هـ، والثانية من العام 62 ـ 67 هـ والثالثة من عام 74 وحتى 78 هجرية في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان.

ومنذ فتح إفريقية يقصد بها حاليا (تونس وماجا ورها من طرابلس وبلاد المغرب) فقد تواصلت أنباء حسان في أفريقية منذ افتتاحها بقيادة معاوية بن حديج السكوني عام 44 هجرية، فقد كان حسان أمير عسكر الشام في جيش معاوية السكوني الذي افتتح إفريقية عام 44هجرية.

وشهدت إفريقية منذ عام 50هـ وحتى 62 هـ أحداثا ومواجهات مع البربر بسبب ما يقال أنه عنف مارسه عقبة بن نافع بحقهم، وقد كان هناك استياء في دمشق والقاهرة من ذلك التصرف، أدى إلى عزل عقبة بن نافع في العام 55 هجرية، وتولية أبي المهاجر الذي كان له دورا في استمالة البربر ونشر الإسلام، وكان من نتائج سياسة أبي المهاجر أن حيّد البربر عن مساندة البيزنطيين في مواجهتهم مع جيش المسلمين.

في العام 62هـ وبعد تولية عقبة بن نافع، وتصادمه مع البربر والقول إنه أهان أميرهم كُسيلة، هاجم البربر القيروان، بمساعدة الروم والافرنج، في موقعة “تهوده” وسيطروا عليها، وبقيت تحت سيطرة البربر، مدة خمس سنوات، تؤكد بعض الروايات أن البربر لم يقوموا بأي اعمال انتقامية ضد المسلمين.

ظلت القيروان تحت سيطرة البربر وأميرهم كُسيلة، إلى أن زحف إليها الصحابي اليماني زهير بن قيس البلوي، كما ذكرناها في حلقة زهير فيما مضى، وانتصر على كسيله وجيشه ومن معه من الروم والافرنج، وأعاد القيروان إلى سيطرة الدولة الإسلامية.

يعتبر، حسان الغساني من أعظم الفاتحين في شمال إفريقيا والمؤسس الحقيقي لعصرها العربي الإسلامي، وذلك لأن نتائج الفتوحات السابقة كانت قد تبددت منذ انتصار أمير البربر كسيلة في موقعة “تهوده” عام 62 هـ، وسيطرته على القيروان، وبعدها سيطرة الكاهنة “ديهيا” وحكمها لأفريقيا (تونس) بما في ذلك القيروان، عام 69 إلى 73هـ.

سنوات حسان الأخيرة

تذكر رواية لابن الأثير أن حسان بن النعمان ” أقام بالقيروان وأفريقية لا ينازعه أحد إلى أن توفي عبد الملك بن مروان ” ــ في شوال 86 هــ، ولما توفي عبدالملك بن مروان، وتولى بعده إبنه الوليد بن عبدالملك الحكم، اعتزل حسان العمل، وعاد إلى دمشق فقد كان شيخا كبيرا.

وفي عام 87 هـ تم تجهيز جيش في الشام لغزو بلاد الروم (تركيا حاليا) فسار حسان، رغم سنه، في الجيش غازيا، وفي الثغور بين الشام وبلاد الروم توفي حسان بعد عمر من الجهاد والقتال ونشر الدعوة في الشام ومصر وافريقية، رحمه الله ورضي عنه وأرضاه.

سلسلة حلقات “يمانيون في موكب الرسول”

 

الحلقة الأولى: الطفيل بن عمرو الدوسي “ذو النور” 

الحلقة الثانية: زرعة بن سيف بن ذي يزن أول أذواء حمير إسلاما

الحلقة الثالثة: أبو هريرة راوي الأحاديث وأول صادح بالأذان في البحرين

الحلقة الرابعة: جرير بن عبدالله البجلي “خير ذي يمن”

الحلقة الخامسة: سواد بن قارب الكاهن الذي قاد كهان اليمن والجزيرة إلى الإسلام

الحلقة السادسة: شرحبيل بن حسنة الكندي مترجم السريانية وفاتح غور الأردن

الحلقة السابعة: المقداد بن عمرو الحميري “الفارس الوحيد في بدر”

الحلقة الثامنة: فروة بن مسيك المرادي “أمير رسول الله على مذحج”

الحلقة التاسعة: أبرهة ابن الصباح الحميري “كريم قومه”

الحلقة العاشرة: الصحابي ضماد بن ثعلبة الأزدي “الطبيب الأول إسلاماً”

الحلقة الحادي عشرة: زيد بن حارثة “الصحابي الذي خلده القرآن”

الحلقة الثانية عشرة: زهير بن قيس البلوي “أمير أفريقية وقاهر أمير البربر”

الحلقة الثالثة عشرة: معاوية بن حديج السكوني “فاتح أفريقية”

الحلقة الرابعة عشرة: جنادة بن أبي أمية الأزدي “فاتح رودوس اليونانية”

الحلقة الخامسة عشرة: دحية بن خليفة الكلبي الحميري “شبيه الوحي”

الحلقة السادسة عشرة: قيس بن مكشوح المرادي “بطل اليمن في فجر الإسلام”

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من يمن ديلي نيوز Yemen Daily News

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading