قتل الأقارب في مناطق الحوثيين جريمة تتسع.. تقارير ومختصون يربطونها بـ”المناشط التعبوية” والحوثيون يرجعونها لـ”الضغوط المعيشية”

أعده لـ”يمن ديلي نيوز”/ عارف الواقدي: شهدت المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابية، انتشارا ملحوظًا لـ”الجريمة المنظمة” لا سيّما الجرائم الأسرية وقتل الأقارب، في ظل تقارير تتحدث عن ارتباط معظم هذه الجرائم بالملتحقين بالدورات التعبوية للحوثيين.
ووفقا لتقارير حقوقية وأخرى صحفية فقد شهدت الأعوام الثلاثة الماضية 2020 – 2022 قرابة 300 جريمة قتل واعتداء قاتل بحق أقارب، كانت الأعلى في 2020 والتي شهدت 105 جرائم قتل، ومن ثم العام 2021 والتي شهدت 102 جريمة قتل، و2022 بعدد 89 جريمة قتل.
ومع أن هذه الاحصاءات ليست نهائية نظراً لاعتماد راصديها على ما وصل إلى وسائل الاعلام فقط، إلا أنها تظهر حجم الانتشار الكبير لهذه الجريمة والتي باتت تثير قلق المجتمع، في المحافظات الخاضعة للحوثيين.
وتقول تقارير حقوقية إن سبب تفشي الجرائم الأسرية، يعود لانتشار ما وصفتها بـ”الأفكار الضالة” والتغذية التعبوية التي يتلقاها مرتكبو تلك الجرائم خلال مايسمى بالدورات “الثقافية” والتي تكرس تقديم زعيم الجماعة في الطاعة على طاعة من سواه.
في المقابل، يؤكد الحوثيون أن الدورات “التعبوية” والمراكز الصيفية لاعلاقة لها بانتشار جرائم قتل الأقارب، حتى وإن كان كثير من مرتكبيها التحقوا بتلك الدورات، ويرجعونها إلى الطباع الشخصية، لمرتكبي تلك الجرائم، فضلا عن تأثير “الضغوطات المعيشية” كما يقولون.
وتنظم جماعة الحوثي المصنفة إرهابية “دورات تعبوية” بشكل دوري مكثف وتستهدف من خلالها أفراد المجتمع، من الأطفال والمراهقين، وتقوم في تلك الدورات المغلقة، والمراكز الصيفية، بتعبئة الملتحقين بالأفكار التي تروج للطائفية، وتدعو للعنف، وتقديس زعيم الجماعة، وفق باحثين.
مهتمون بتتبع جرائم قتل الأقارب وتفشي الجرائم الأسرية أكدوا لـ”يمن ديلي نيوز” علاقة هذه الجرائم بالدورات التعبوية، التي تنظمها الجماعة بغرض غسل عقول النشء من الثقافة الدينية والمجتمعية التي تلقوها خلال سنواتهم الأولى على رأسها طاعة الوالدين والاحسان إلى الأقارب، وغرس ثقافة بديلة مفادها أن “السيد” مقدم على الوالدين.
الحقوقية “دعاء صوان”، تقول إن الحديث عن تردي الوضع المعيشي كسبب وراء تفشي ظاهرة الجرائم الأسرية وقتل الآباء والأمهات والأقارب، غير صحيح، وحتى وإن حدثت مثل هذه الجرائم، لكنها تظل نادرة جدا، ولم يشهد مثلها المجتمع اليمني من قبل، إلا أنها اليوم باتت منتشرة بشكل مخيف.
وتوضح في حديثها لـ”يمن ديلي نيوز”: بأنه ومن خلال تتبعها لحجم انتشار الظاهرة وجدت أن معظم جرائم قتل الأقارب التي تم رصدها خلال 2020 وقعت بحق الآباء والأمهات، حيث قتل 13 أب وأم في حين وثلاث حوادث قتل أخوات، وهذا ما نشره الاعلام فقط.

وتؤكد “صوان” أنه من بين 29 جريمة قتل واعتداء على أمهات وآباء وقعت في 2020 اتضح أن 24 من تلك الاعتداءات ارتكبها إما مقاتلون شاركوا في القتال مع الحوثيين، أو مشاركين في دورات تعبوية أو مايطلقون عليها الدورات الثقافية.
وتشير الى أن دافع ارتكاب هذه الجرائم يعود لتعبئة تلقوها خلال الدورات بأن “السيد” هو المقدس الأول لديهم، وأن طاعته مقدمة على طاعة والديه، ولكي يثبت هؤلاء ولاءهم للجماعة يبدءون بالاصطدام بالوالدين الذين يرفضون الأفكار الجديدة والمغلوطة التي خرجوا بها من تلك الدورات، وحينها يتطور الأمر إلى إقدام ذلك الولد على قتل والديه أو إخوانه أو من يعترض عليه.
في السياق، يؤكد كمال حسن – صحفي ومتابع لجرائم قتل الأقارب – أن هذه الجريمة لم تكن منتشرة في المجتمع، ومن المستحيل أن تجد أحدا قتل أبوه أو أمه، واستبعاد علاقة التعبئة التي يتلقونها في الدورات والمراكز الصيفية.
ويضيف حسن في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” أن ملازم مؤسس الحوثيين حسين بدر الدين الحوثي مليئة بالمضامين المحرضة على العنف والكراهية، وقتل من يختلف معهم لمجرد الاختلاف، فهم يتعاملون مع حسين الحوثي ومن ورائه عبدالملك على أنهم مرسلين من الله وأن مايقولونه وما يوجهونه هم من عند الله وطاعتهم هي طاعة لله.
ويقول إن هذه الثقافة ليست بجديدة فهي متوارثة ومعروف عبر التاريخ أن الاماميين والذين يعتبرون امتدادا لهم كانوا يقتلون آباءاهم وإخوانهم من أجل السطو على الحكم أو الحصول على مصلحة بسيطة، وكان يحصل في أكثر أن ينقسم الحكم داخل الأسرة الواحدة وتحدث معارك طاحنة بين الاخوين وكل يستعين بقبيلة.
وأشار إلى أن واحدة من الشعارات التعبوية الخطيرة التي يكرسها الحوثيون بين الملتحقين بدوراتهم هو قسم الولاية الذي يعتبر أن من يرفض حكم زعيم الحوثيين بأنه عدو لله ويتم ترديده يوميا، لأنه يرفض من أمرهم الله بتوليه وهو عبدالملك الحوثي.
تقارير الرصد لمؤسسات دولية ومحلية تؤكد أن معظم جرائم القتل المرتكبة بحق الأقارب تمت من قبل موالين لجماعة الحوثي، حيث يؤكد تقرير سابق صادر عن المجلس الاستشاري للأمن الخارجي في وزارة الخارجية الأميركية، أن التقارير التي لديها تشير إلى حدوث جرائم قتل أسرية شبه يومية من قبل عناصر مسلحة أغلبها تتبع جماعة الحوثي التي خضعت لدورات تعبوية.
ويتهم تقرير حديث صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات جماعة الحوثي بتحويل اليمن إلى “بؤرة للعنف، حيث تصاعدت الجرائم اليومية لاسيّما القتل، وقتل الأقارب، بشكل غير مسبوق بتأريخ اليمن.
وخلصت الشبكة في تقريرها إلى أن القتل “أصبح مألوفًا في ظل الحملات التعبوية الطائفية، والتي تشدد بشكلٍ ممنهج على الموت وتروج له إلى جانب الانفلات الأمني وتردي الأوضاع”.
وأكد ذات التقرير أن معدل الجريمة في المحافظات الخاضعة للحوثيين ارتفع خلال الأربع السنوات الماضية بمعدل 68 في المائة، ومع هذه المعدل المتصاعد ارتفعت معه جرائم القتل بين الأقارب بشكل لافت وملحوظ.
وفي مطلع العام 2022 انتشر تسجيل صوتي للقيادي في جماعة الحوثي نصر الدين عامر الذي يشغل حاليا رئيسا لمجلس إدارة وكالة سبأ للأنباء بنسختها الحوثية أظهر فيه مدى التقديس الذي يحمله لزعيم الجماعة.
يقول “عامر” في التسجيل “أقسم لكم بالله لوما هو موقعي لا مدري مفعل به قده من دمنا .. دمنا بيحرق على السيد مابنقبل في أحد.. والله لو هو أبي الله يلعني ويجعلني في جهنم لا ألعن أبي وألعن جد… إذا عادوه يتكلم على السيد”.
التسجيل الصوتي لنصر الدين عامر كان ردا على تهجم أحد الناشطين يدعى عبدالرحمن المؤيد – تربطه صلة قرابة بعامر – بعد مهاجمة الأول للجماعة بسبب تعرضه للتعذيب أثناء اعتقاله على خلفية نشر قضايا فساد.



