
يمن ديلي نيوز – تقرير خاص: “لا أستطيع الاستغناء عن الآمول (حبوب مهدئة للألم) لأنه يمدني بالنشاط والحيوية، وإذا لم أتناولها أشعر بالخمول والاكتئاب ولا أنجز أي عمل في المزارع والقات وحده لا يكفي”، يقول المزارع الأربعيني “هائل الزعلة”.
ووفقا لحديثه لـ“يمن ديلي نيوز”، يتناول “هائل”، ما لا يقل عن 3 حبوب آمول يوميا على فترات متقطعة إلى جانب القات، مبررا تناوله لهذه الكمية بأنها تعطيه “النشاط وتساعده على إنجاز الكثير من الأعمال في مزارعه الكثيرة دون أن يلجأ إلى عمال الأجر اليومي الذي يكلفه الكثير من المال”، حد قوله.
وبات تناول الحبوب المنشطة والمهدئة، أمر شائع في اليمن، خصوصا عند متناولي القات، لتهدئة آلام اللثة، أو بحثا عن “الشعور بالارتياح، وتقليل الشعور بالتوتر والقلق”، الأمر الذي يتحول إلى حالة إدمان عند الكثيرين.
الثلاثيني “محمد عبدالملك” هو الآخر يقول إنه لا يشعر بالراحة والنشاط دون أن يتناول خلطة تتكون من حبة “سولبادين” وحبة “فولتين” ليتناولها مع البدء بتعاطي القات يوميا.
ويضيف “محمد” لـ”يمن ديلي نيوز”: “الحبوب بالنسبة لي هي العمود الفقري وبدونها لا أستطيع أداء مهامي حتى إذا لم يكن عندي أعمال فلن أستطيع تعاطي القات والشعور بالكيف والراحة بدون الحبوب”.

بدوره، يقول الصيدلي “محمد السماوي” لـ”يمن ديلي نيوز”، إن هذه الأنواع من الحبوب هي الأكثر مبيعا وتشهد إقبالا متزايدا خاصة في أوساط الشباب حيث يتلقى عدد كبير من الطلبات يوميا.
وللحديث عن إدمان تعاطي الحبوب المهدئة والمنشطات مع القات وأضرارها على صحة الجسم، التقى “يمن ديلي نيوز” بالدكتور عصام القرودع استشاري جراحة عامة وجراحة مناظير وجراحة صدر.
يطرح الدكتور “عصام” شرحا مفصلا عن هذه الحبوب، محتوياتها وأدوارها وأضرارها وكيفية التخلص من الإدمان على تناولها.
يقول: حبوب الآمول والسولبادين والفولتين تعتبر من الأدوية المسكنة للألم التي تحتوي على مادة الباراسيتامول ومواد أخرى مختلفة، وتستخدم هذه الأدوية لعلاج الصداع والحمى والالتهابات والتشنجات وغيرها من الحالات الطبية.
واستدرك: “لكن بعض الناس يسيئون استخدام هذه الأدوية ويتعاطونها بجرعات عالية أو بشكل متكرر أو مع مواد أخرى مثل القات، والقات هو نبات موطنه شرق أفريقيا والجزيرة العربية، يحتوي على مواد محفزة للمزاج والنشاط مثل الكاثينون والكاثين، وهو يعطي شعور بالنشوة والانبساط والتخلص من القلق والملل”.
وأضاف: “إدمان تعاطي حبوب الآمول والسولبادين والفولتين مع القات هو مشكلة صحية واجتماعية خطيرة، تؤثر على الفرد والمجتمع، فهذه المواد تسبب الإدمان والتسمم والتأثيرات الجانبية السلبية على الجهاز العصبي والهضمي والجهاز البولي”.
محتويات المهدئات والمنشطات
يقول الدكتور “عصام القرودع” في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” إن الآمول (Amool) يحتوي على المادة الفعّالة الترامادول، وهو مسكن قوي يستخدم لتخفيف الألم، ويعتبر الترامادول مادة مسكنة قوية وقد يؤدي إلى الإدمان.

وذكر أن السولبادين (Solpadeine) يحتوي على مزيج من الباراسيتامول والكودين، وهو مسكن أفيوني يستخدم لتسكين الألم ويمكن أن يسبب الإدمان.
أما الفولتين (Voltaren)، فيحتوي على المادة الفعّالة الديكلوفيناك، وهو مضاد للالتهاب غير ستيرويدي. يستخدم لتخفيف الألم والالتهابات، وقد يكون له تأثير على الجهاز الهضمي، وفقا للاستشاري “القرودع”.
تأثيرها على الجهاز العصبي والهضمي
ويشير “قرودع” إلى أن “الترامادول” يعمل على تثبيط نقل الإشارات العصبية في الدماغ، مما يؤدي إلى تخفيف الألم وتحسين المزاج، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي إلى الإدمان وتغيير الوظائف العقلية.
وبين أن “الكودين” يعمل على مستقبلات الألم في الدماغ، ويمكن أن يسبب شعورًا بالنشوة والاسترخاء، ولكنه أيضًا يؤدي إلى الإدمان وقد يسبب تأثيرات جانبية على الجهاز العصبي.
أما “الديكلوفيناك” فيعمل على تثبيط إنزيمات تسبب الالتهاب، ولكنه قد يؤثر على الجهاز العصبي المركزي ويسبب آثارًا جانبية.

وقال إن حبوب الآمول والسولبادين والفولتين “تعمل على تثبيط إنتاج البروستاجلاندين، وهي مواد تساعد على نقل الإشارات العصبية المسببة للألم من الجسم إلى المخ، كما تعمل هذه الأدوية على تحفيز إفراز الأندورفين، وهي مواد تسبب الشعور بالراحة والسعادة في المخ”.
واستدرك: “لكن عند تعاطي هذه الأدوية بجرعات عالية أو مع القات، فإنها تسبب تأثيرات عكسية”، مثل:
• النعاس والخمول والتراخي والتثبيط والضعف العام.
•الصداع والدوار والدوخة والتشوش والهلوسة والوهم والخيال.
•الاكتئاب والقلق والتوتر والعصبية والتهيج والعدوانية والانفعالية.
•الإدمان والاعتماد والانسحاب والرغبة الشديدة في تعاطي المواد.
•التلف الدائم لخلايا المخ والأعصاب والذاكرة والتعلم والتركيز والحكم والقرار.
ولفت الدكتور “عصام” إلى “الآمول والسولبادين”، قد “يسببان تهيجًا للمعدة والأمعاء، وقد يؤديان إلى قرحة المعدة والتهاب القولون”، فيما يسبب “الديكلوفيناك” تهيجًا للمعدة والأمعاء، وقد يؤدي إلى قرحة المعدة واضطرابات في الجهاز الهضمي، وقد يؤثر أيضًا على الجهاز البولي ويسبب مشاكل في الكلى.
وأردف: “تمر حبوب الآمول والسولبادين والفولتين عبر الجهاز الهضمي بعد ابتلاعها، وتمتص من المعدة والأمعاء إلى الدم. ولكن عند تعاطي هذه الأدوية بجرعات عالية أو مع القات، فإنها تسبب تأثيرات سلبية على الجهاز الهضمي”، مثل:
• الغثيان والقيء والشعور بالامتلاء والانتفاخ والغازات والمغص والإسهال.
• التهاب ونزيف وقرحة المعدة والأمعاء والتلف الكبدي والفشل الكبدي.
• تقليل امتصاص الفيتامينات والمعادن والمواد الغذائية الأخرى من الطعام.
• تغير لون البراز والبول والتبول اللوني والتبول الدموي.

وعن تأثيراتها على الجهاز البولي، قال “د. القرودع” إن حبوب الآمول والسولبادين والفولتين وموادها الفعالة تفرز منتجات تحللها من الدم إلى البول عبر الكلى، ولكن عند تعاطي هذه الأدوية بجرعات عالية أو مع القات، فإنها تسبب تأثيرات سلبية على الجهاز البولي، مثل:
• احتباس البول وصعوبة التبول والتهاب المسالك البولية والحصى الكلوية والتلف الكلوي والفشل الكلوي.
• تغير توازن السوائل والأملاح والحموضة في الجسم وزيادة خطر الجفاف والتسمم والصدمة.
• تغير لون البول والتبول اللوني والتبول الدموي.
الوقاية من الإدمان
ونوه الدكتور “عصام” في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” إلى أن أفضل طريقة للوقاية من إدمان هذه الحبوب هي “عدم تعاطيها على الإطلاق، أما في حال وصف الطبيب لأي من أنواع الأدوية المُسببة للإدمان؛ فإنه ينبغي أخذ الحيطة والحذر عند تناول هذا النوع من الأدوية واتباع تعليمات الطبيب كما هي”.
وتابع: “كما يجب الوقاية من الانتكاس في حال الشفاء من تعاطي المهدئات والمنشطات؛ عن طريق الالتزام بالخطة العلاجية، وتجنب المواقف التي تزيد فرصة تعاطي المخدرات، وطلب الرعاية الطبية الفورية عند تعاطيها مُجدداً”.
وسرد “القرودع” لـ“يمن ديلي نيوز” جملة من الإرشادات التي يمكن تقديمها لوقاية الأطفال والمراهقين من تعاطي المنشطات المهدرة، وهي كالتالي:

• توفير بيئة عائلية صحية ومحبة وداعمة، والتواصل الجيد والصريح مع الأبناء، والاهتمام بمشاعرهم ومشاكلهم واحتياجاتهم.
• تعزيز الثقة بالنفس والاحترام الذاتي لدى الأبناء، وتشجيعهم على تنمية مهاراتهم ومواهبهم واهتماماتهم، والاعتراف بجهودهم وإنجازاتهم.
• توجيه الأبناء نحو اتخاذ القرارات السليمة والمسؤولة في حياتهم، وتعليمهم كيفية التعامل مع الضغوط والتحديات والمشاكل بطرق صحية وإيجابية.
• تثقيف الأبناء عن مخاطر المخدرات وآثارها السلبية على الصحة والسلوك والمستقبل، وتوضيح الفرق بين الاستخدام العلاجي والاستخدام السيئ للأدوية.
• تشجيع الأبناء على المشاركة في الأنشطة الرياضية والترفيهية والتطوعية والدينية والثقافية والاجتماعية التي تمنحهم شعورًا بالانتماء والمتعة والتحقيق.
• مراقبة الأبناء وأصدقائهم وأماكن تواجدهم وأنشطتهم، ووضع حدود وقواعد واضحة ومنطقية لسلوكهم، وتطبيق عقوبات مناسبة عند مخالفتها.
• طلب المساعدة من المختصين في حال الاشتباه بتعاطي الأبناء للمخدرات، أو الوجود لديهم أي مشاكل نفسية أو عاطفية أو صحية تزيد من خطر الإدمان.
وعن العلاج من إدمان المنشطات مع القات، يقول الدكتور الاستشاري، عصام القرودع: “على الرغم من عدم وجود علاج نهائي لإدمان المخدرات، فإنه توجد خيارات علاجية تساعد في التغلب على الإدمان والابتعاد عنه.
ويعتمد العلاج على العقار المستخدَم وأي اضطرابات مَرضية أو عقلية ذات صلة قد تعاني منها”.



