الصحفيون الأربعة.. محطات صمود عمرها “ثمان سنوات” في وجه التعذيب – تقرير وإنفغرافيك

تقرير – عارف الواقدي: ثماني سنوات “عجاف” قضوها في المعتقل، وبين ظلمة السجن وظلم السجان، تعرضوا خلالها لشديد التعذيب والمعاناة جسديًا ونفسيًا، لكنهم ظلوا جبالاً شامخةً، ولم تنل منهم قساوة المأساة وإرهاب الجلاد بإعدامهم ليس لتهمةٍ ارتكبوها، سوى أنهم قاوموا الرصاص بالقلم، والدم بالحبر.
أولئك هم الصحفيون الأربعة المفرج عنهم الأحد 16 إبريل 2023 ضمن صفقة تبادل الأسرى والمختطفين، الذين وصلوا إلى محافظة مأرب، بعد ثماني سنوات من الاخفاء الذي تعرضوا خلاله للتعذيب من قبل جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا.
الصحفيون المفرج عنهم: “توفيق المنصوري، الحارث حميد، أكرم الوليدي، وعبدالخالق عمران”.
في 9 يونيو 2015 داهم مسلحون حوثيون فندقا وسط العاصمة صنعاء، وقاموا باعتقال 9 صحفيين، هم الصحفيين المفرج عنهم المذكورين آنفا، إضافة إلى خمسة آخرين أطلق صراحهم ضمن صفقة الافراج الأولى في 15 اكتوبر 2020، وهم: حسن عناب، هشام طرموم، هشام اليوسفي، عصام بلغيث، وهيثم الشهاب.
كان 9 يونيو 2015 بداية لرحلة معاناة وتعذيب، يصعب اختزالها في تقرير، أو مجلدات، فالوضع الذي عاشه الصحفيون من تعذيب جسدي ونفسي، وإمعان حوثي في الإيذاء، الذي انعكس على الصحفيين على شكل أمراض ومعاناة لن تنتهي بمجرد خروجهم من السجن.
في 15 أكتوبر 2020م رفض الحوثيون الافراج عن الصحفيين الأربعة ضمن الصفقة التي ضمت زملاءهم الخمسة الآخرين، ووفق حقوقيين فإذن ذلك هدف لاستخدام الصحفيين كورقة للحصول على مكاسب عسكرية، وهو ماتحقق لهم، حيث جرى إطلاقهم مقابل، سميرة مارش، المتهمة بارتكاب جرائم إرهابية، تمثلت في زراعة عبوات ناسفة استهدفت قيادات الجيش وضباطها في محافظة الجوف.
“يمن ديلي نيوز” يلخص محطات من حياة الاختطاف التي عاشها الصحفيون منذ اليوم الأول وحتى 16 إبريل 2023م.
اعتقل الصحفيون الأربعة في 9 يونيو عام 2015م إثر مداهمة الحوثيين أحد فنادق العاصمة صنعاء.
وفي منتصف العام 2016م وتحت التعذيب الذي وصفته منظمات حقوقية بالوحشي اضطر الصحفيون المختطفون للإضراب عن الطعام، لمدة 40 يومًا، وخلال هذه المرحلة واصل الحوثيون التعذيب، غير مكترثين بالحالة الصحية التي وصل لها الصحفيون.
منظمة “صحفيات بلا قيود” وصفت العام 2016م بأنه كان عامًا قاتمًا على الصحفيين، بسبب تزايد انتهاكات الحوثيين.
ظل الصحفيون ثلاث سنوات مخفيين في معتقلات الحوثيين، وفي الوقت الذي كان ينتظر إطلاق صراحهم، بدأ الحوثيون مرحلة جديدة من التعذيب التي لم تقتصر على الصحفيين بل امتدت لتطال أسر الصحفيين، والأسرة الصحفية أيضا.
ففي ديسمبر 2018 أعلنت جماعة الحوثي بدء التحقيق مع الصحفيين تمهيدا لإحالتهم للمحاكمة، بتهم “التجسس لصالح الحكومة الشرعية والتحالف العربي في المملكة العربية السعودية”.
في 2018م زادت معاناة الصحفيين المختطفين داخل السجون الحوثية، نتيجة التعذيب وكشفت حينها رابطة أمهات المختطفين بـ”أنّ الصحفيين المختطفين في سجون الحوثي يُغمى عليهم من شدّة التعذيب الذي يتعرضون له”.

وفي شهر مايو من العام نفسه، كشف تقرير حقوقي تحت عنوان “ثمن الخذلان” أصدرته المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين “صدى” عن أبرز المسؤولين الحوثيين الذين تورطوا في تعذيب الصحفيين، ومن ضمنهم القيادي الحوثي يحيى علي الهميل، والمكنى “أبو علي”، وعبدالخالق المطري، وهاني السريحي، كانوا هم المسؤولون عن تعذيب الصحفيين في سجن “هبرة”.
كما أكد التقرير أن من ضمين المسؤولين عن تعذيب الصحفيين القيادي في الجماعة علي الحوثي، ويحيى سريع الذي يعمل حاليا متحدثا بإسم قوات الحوثيين، وكانوا يمارسون التعذيب على الصحفيين في سجن الأمن السياسي (المخابرات).
وبعد ثلاثة أشهر من التحقيقات، أقرت النيابة الجزائيّة المتخصصة التي تسيطر عليها الجماعة في 19 فبراير 2019م إحالة العشرة الصحفيين بينهم الصحفيين الأربعة، للمحاكمة، وهو الاجراء الذي رفضه الإتحاد الدولي للصحفيين، معلنا في بيان عنه تنديده بالممارسات التي يتعرض لها الصحفيون في سجون الحوثيين، وشدّد على الإفراج الفوري عنهم.
في 6 أبريل من العام نفسه، منعت جماعة الحوثي الزيارات عن الصحفيين المختطفين، علاوة على منعها إدخال الدواء والغذاء لهم في الوقت الذي كان فيه يعاني الكثير منهم عدد من الأمراض المزمنة والخطيرة، بسبب أساليب تعذيبهم في السجون، وكذا وظروف المعتقلات الصحيّة السيئة.
وبعد عام ونيف من محاكمة الصحفيين في محكمة مخصصة لقضايا الارهاب وتحديدا، إبريل 2020 أصدرت المحكمة الحوثين أحكامًا بالاعدام بحق الصحفيين الأربعة، والسجن سنوات متفاوتة على بقية الصحفيين.
وإمعانا في التعذيب النفسي للصحفيين الأربعة، فوجئ الصحفيون الأربعة بنقلهم المكان المخصص لتبادل الأسرى، للايحاء بأنهم سيكونون ضمن صفقة التبادل التي تقرر فيها إطلاق زملائهم الخمسة، إلا أن المفاجئة لهم أنهم أعيدوا مجددا إلى معتقلاتهم لتبدأ رحلة تعذيب نفسية جديدة.
وعلى الرغم من صدور أمر من النائب العام التابع للحوثيين بتاريخ 30 أكتوبر 2020م، بالإفراج عن الصحفيين، إلا أن الحوثيين تجاهلوا تلك الأوامر، وقرروا إبقائهم في المعتقل.
استمر الحوثيون في ممارسة التعذيب النفسي للصحفيين، واستمرت المطالبات الدولية والمحلية للحوثيين بسرعة الافراج عن الصحفيين الأربعة، حيث أطلق الاتحاد الدولي للصحفيين، ونقابة الصحفيين اليمنيين في فبراير 2022 نداءً طارئًا للحكومات الدولية للضغط على سلطات الحوثيين للإفراج عن الصحفيين.
وفي ذات الشهر وجه الاتحاد الدولي للصحفيين رسالة إلى رئيس الجمهورية اليمنية، حينها عبد ربه منصور هادي، يحثه فيها وحكومته على بذل كل ما في وسعهم لإنقاذ حياتهم.
وحتى أغسطس 2022م نقل الحوثيون الصحفي توفيق المنصوري، وعبدالخالق عمران، وحارث حميد، إلى زنازين انفرادية في الدور الأرضي في سجن الأمن المركزي بصنعاء.
وفي نهاية ديسمبر 2022م تم إبلاغ أسرتي الصحفيين توفيق المنصوري والصحفي حارث حميد، عن تعرّضهما للضرب العنيف، حيث أصيب الصحفي المنصوري بكسور برأسه وجمجمته من قبل القيادي الحوثي “عبدالقادر المرتضى” وهو رئيس ما يسمى لجنة الأسرى (التابعة للحوثيين)، وشقيقه في سجن معسكر الأمن المركزي بصنعاء.



