ملخص كتابالأخبار

ملخص كتاب.. أحداث ثورة 26 سبتمبر وقيام الجمهورية بعيون الباحثة الروسية ”إيلينا جولوبوفسكايا” (الحلقة الأخيرة)

 

يمن ديلي نيوز – استعراض خاص: نتناول في الحلقة الرابعة والأخيرة من كتاب “ثورة 26 سبتمبر في اليمن” للباحثة الروسية “إلينا جولوبفسكايا”، أحداث ثورة 26 سبتمبر 1962م وسقوط حكم الإمامة وإعلان قيام الجمهورية العربية اليمنية في شمال الوطن، والانجازات التي انجزتها الجمهورية الوليدة.

واستعرضت الباحثة الروسية الوضع السياسي اليمني الذي استمر في “التعقيد” نهاية صيف 1962م، وزاد توتراً مع انهيار صحة الإمام أحمد، إثر إصابته بعملية الحديدة، واعتماده في الحكم على ابنه البدر.

المخاض

في 19 سبتمبر، توفي الإمام بتعز، وفي اليوم التالي توج “البدر” إمامًا جديداً لليمن، وبعد أيام من تتويجه، أعلن في الجامع الكبير بصنعاء بأنه “سيستمر على سياسة والده”.

خلال أسبوع الحداد، قالت الباحثة الروسية، أنه كان هناك تنظيمان يعملان سراً لخلع “البدر”، وهما “تنظيم الضباط الأحرار” ويهدف لإنهاء الملكية وإقامة نظام جمهوري عادل، وأنصار “الأمير الحسن“، واللذين كانو يسعون للحفاظ على الإمامة والإطاحة بـ”البدر”.

في 19 سبتمبر، توفي الإمام بتعز، ثم توج “البدر” إمامًا، وخلال أسبوع الحداد، كان هناك تنظيمان يعملان سراً لخلعه، وهما “تنظيم الضباط الأحرار” ويهدف لإنهاء الملكية، وأنصار “الأمير الحسن“، واللذين كانو يسعون للحفاظ على الإمامة والإطاحة بـ”البدر”.

أرسل “الحسن” وحلفائه “اتحاد القوى الشعبية” جواسيسهم للكشف عن قيادة الضباط الأحرار بهدف تصفيتهم ونهب سلاحهم. ونجحوا في استصدار قرار من “البدر” لسحب السلاح من الجيش.

يومها اكتشف تنظيم الضباط هذا “التآمر”، واتخذت القوى الوطنية بقيادة “الضباط الأحرار” قراراً بالإسراع في خلع السلطة القائمة، رغم أن موعد الانتفاضة كان قد سبق أن حدد بوقت لاحق، وفقا للباحثة ”إيلينا“.

قوى الرجعية

وعن “تحالف الحسن” مع “اتحاد القوى الشعبية”، تقول الباحثة الروسية، إنهم “تطلعوا جميعاً للاستيلاء على السلطة بدعم الرأسمال الأمريكي”، وكان “الحسن”، يوصف بأنه “موجه التأثير الأمريكي في اليمن” و”مرشح البيت الأبيض”، واستخدم الأموال التي تسلمها من أمريكا “كرشوات ضخمة قدمت للإقطاعيين والموظفين” لزيادة مناصريه”.

وتشير الباحثة إلى أن جذور الصراع بين “الحسن” و”البدر” يعود إلى العام 55م حينما أعلنه والده الإمام “أحمد” وريثًا للعرش، وزاد حدّة عام 61م حينما كلفه قائماً بالحكم، وبلغ منتهاه مع تتويجه إماماً.

زادت قوّة أنصار “الحسن”، بتحالفهم مع “اتحاد القوى الشعبية” الذي يضم مجموعة كبيرة من الإقطاعيين الموالين لأمريكا برئاسة “إبراهيم الوزير”، وكانوا يحتلون “عدداً كبيراً من المناصب الهامة في الدولة”.

كان اتحاد القوى الشعبية قد تغلغل بصفوف الأحرار المهاجرين، وأصدر جريدة في عدن، ولاحقاً انشقّ من حركة الأحرار وساهم في زعزعتها وإضعاف موقفها.

وعن شعارات “اتحاد القوى الشعبية”، توضّح الباحثة إيلينا جولوبوفسكايا، أن “رفعهم لشعارات الجمهورية كمطلب أساسي، لم يكن سوى حيلة سياسية لتأييد الحسن قبل كل شيء”.

ساعة الصفر

في ليلة 26 سبتمبر 1962م، وفي تمام الساعة 22.5 بتوقيت أوروبا الوسطى، أعلن تنظيم الضباط الأحرار ساعة الصفر في صنعاء، وحشد العتاد الحربي (الدبابات، المدفعية، المدرعات) إلى ساحة شرارة، ومنها أمطروا النيران الكثيفة على قصر “البدر” وقصور أفراد الأسرة الحاكمة.

وبنفس اليوم، هرب الإمام البدر من قصره تحت نيران الأحرار، متجهاً شمالًا نحو صعدة ومنها إلى السعودية لاجئاً، فيما نجحت قوّة الثورة في السيطرة على الإذاعة والبريد، وفي صبيحة 27 سبتمبر، أعلن راديو صنعاء انتهاء الملكية في البلاد، داعياً الشعب لتأييد الثورة.

في ليلة 26 سبتمبر 1962م، أعلن الضباط الأحرار ساعة الصفر في صنعاء، وبنفس اليوم، هرب البدر من قصره تحت نيران الأحرار، متجهاً نحو صعدة ومنها إلى السعودية لاجئاً، وفي صبيحة 27 سبتمبر، أعلن راديو صنعاء انتهاء الملكية، ومنذ الأيام الأولى أعلنت كثير من القبائل ولائها للجمهورية.

تؤكد الباحثة أن الحاميات العسكرية في المدن الكبيرة كتعز والحديدة وإب وحجة، أعلنت يومها عن تأييدها للثورة، ومنذ الأيام الأولى، أعلنت كثير من القبائل عن ولائهم للجمهورية، منوهة إلى أن “حاشد” كانت أكبر قبيلة أعلنت دعمها للنظام الجديد، وكذلك الغالبية العظمى من سكان المدن وضواحيها.

نشأت علاقات وثيقة بين حكومة الجمهورية والمنظمات السياسية في عدن خصوصًا، ووفقاً للباحثة، فقد استقبل مؤتمر عمال عدن، وحزب الشعب الاشتراكي، الثورة كأنها ثورتهم، وأرسل الكثير منهم برقيات حيّوا فيها الإجراءات الأولى للجمهورية الوليدة.

دستور الجمهورية

في 28 سبتمبر 1962م، أعلنت قيادة الثورة ثلاثة قرارات مهمة تضمنت: (إنشاء مجلس قيادة الثورة، ومجلس الوزراء، ومجلس الرئاسة)، وحددت أهداف ومهام الجمهورية، ومجال سياستها الخارجية.

ونهاية أكتوبر من العام نفسه، أصدر مجلس قيادة الثورة الإعلان الدستوري، وحدد فيه فترة انتقالية لمدة 5 سنوات، وضم الإعلان 6 أبواب وهي (دولة اليمن، المقومات الأساسية للمجتمع اليمني، الحقوق والواجبات، نظام الحكم، القضاة، أحكام عامة).

تؤكد الباحثة الروسية، أن اتخاذ قرار الإعلان الدستوري وضع بداية تاريخ التطور الدستوري في البلاد، حيث أقيم في 13 أبريل 63م حفل لتكريم إعلان أول دستور مؤقت للجمهورية اليمنية.

بناء الحاضنة

وتشير الباحثة الروسية، إلى أن الحكومة الجمهورية حرصت على إشراك المشايخ في هيئات سلطة الدولة العليا، بهدف توسيع وتعزيز قاعدتها الاجتماعية، وفي 25 أبريل 63م، دخل عضوية مجلس الرئاسة 12 شيخاً.

وفي أكتوبر 62م وصل إلى صنعاء أكثر من 500 شيخ قبيلة، وتعهدوا- حينها- بالولاء للجمهورية، واتخذوا قراراً بإنشاء مجلس أعلى للدفاع الوطني، ضم أكثر من 180 شيخاً.

وأوائل نوفمبر، توجه وفد من المشايخ إلى القاهرة، طالب الجامعة العربية بعقد اجتماع لمناقشة الوضع الجديد في اليمن، ليصدر في نهاية نوفمبر 63م قرار بإنشاء مجلس أعلى لشؤون القبائل برئاسة رئيس الجمهورية، مكوّناً من 11 شيخاً.

ترحيب عربي ودولي

اعترفت أغلب البلدان العربية بجمهورية اليمن وأيّدتها، فدولياً “قدم الاتحاد السوفيتي دعمه المعنوي والمادي للجمهورية، وكان أول دولة كبرى تعترف بالنظام الجمهوري اليمني”.

وتقول الباحثة إن الوضع السياسي، دفع لأن تقدم جمهورية اليمن طلباً إلى جمهورية مصر العربية لـ”مساعدة الشعب المناضل والذود عن مكاسبه الثورية”، مؤكدة أن جمهورية مصر لم ترسل المساعدات العسكرية منذ الأيام الأولى للثورة فقط، بل وقدمت قرضاً بدون فوائد قدره مليون جنيه مصري لدفع قيمة البضائع المستوردة”.

حرصت الحكومة الجمهورية على إشراك المشايخ في هيئات سلطة الدولة، بهدف توسيع وتعزيز قاعدتها الاجتماعية، ففي أبريل 63م دخل عضوية مجلس الرئاسة 12 شيخاً، وفي نهاية نوفمبر 63م صدر قرار بإنشاء مجلس أعلى لشؤون القبائل برئاسة رئيس الجمهورية.

ومن جانبها، اتخذت الكويت قراراً بإنفاق نصف مليون جنيه استرليني في السنة للإنعاش الاقتصادي والثقافي في اليمن. كما وافق وفد الكويت الذي زار صنعاء صيف 63م على تقديم ما يزيد على ثلث المبالغ العامة من المساعدات الاقتصادية لبناء المدارس في الجمهورية.

وإضافة لتلك المواقف، أكدت الباحثة ان بلدان عربية أخرى كسوريا والعراق والجزائر، قدمت مساعداتها في مجال البناء الاقتصادي والثقافي للجمهورية اليمنية.

انزعاج حلفاء الإمامة

وعن المواقف الغربي، تقول الباحثة الروسية إن “الدوائر الإمبريالية الأمريكية والانكليزية رأت في قيام الجمهورية في اليمن خطراً على امتيازاتها النفطية والموقع الاستراتيجي في هذه المنطقة”.

واستشهدت بما كتبته جريدة “إبزرفر” البريطانية بهذا الصدد، والتي جاء فيها “تضع الثورة اليمنية مشكلة معقدة للسياسة البريطانية والأمريكية في علاقاتها مع جميع بلدان الشرق الأوسط”.

كما أوردت ما نشرته صحيفة “لياكورا” الفرنسية، التي أشارت إلى أن “إنهاء النظام الملكي في اليمن سيؤدي إلى الانزعاج في جميع شبه جزيرة العرب وقبل كل شيء المحميات البريطانية”.

ووفقاً للباحثة فإن “الدوائر البريطانية والأمريكية قدمت دعماً واسعاً للإماميين بالأسلحة والأموال”، مبينة أن “الإماميين أصبحوا في أوائل أكتوبر يستلمون المساعدات من سلطة الاستعمار جنوب اليمن، والتحقوا بالفرق العسكرية لمحمية عدن أو دربوا تدريباً عسكرياً هناك”.

أولى ثمار الجمهورية

وعن الإنجازات الأولى للجمهورية، تقول الباحثة إن الجمهورية “لم تواجه دسائس أعداء الثورة في السنوات الأولى لقيامها فقط، بل وبدأت تنجز في واقع الحياة إجراءات خططها الاقتصادية والاجتماعية”.

ولكون اليمن “بلداً زراعياً متخلفاً” فإن من المهام الأولى لحكومة الجمهورية كانت “إنعاش الزراعة”، حيث أصدر مجلس قيادة الثورة، في الأسبوع الأول، قراراً بإنشاء لجنة اقتصادية، وكانت أوّل خطوة لها إنشاء البنك اليمني للإنشاء والتعمير برأسمال 10 ملايين ريال، وباشر البنك “بالعمليات المالية لأهم المشاريع الحيوية الاقتصادية لتطوير البلاد، وإصدار العملة النقدية”.

عن المواقف الغربي، تقول الباحثة الروسية إن الدوائر الإمبريالية الأمريكية والانكليزية رأت في قيام الجمهورية في اليمن خطراً على امتيازاتها النفطية والموقع الاستراتيجي في هذه المنطقة، وقدمت دعماً واسعاً للإماميين بالأسلحة والأموال.

ووفقا للباحثة، فإنه ولأول مرة بتاريخ اليمن، أعلن في يونيو 1964م عن إعداد أول ميزانية للجمهورية للسنة المالية 64/65م، وحدد دخل الميزانية بمقدار 22 مليون ريال وحددت الصرفيات بـ34 مليون ريال.

ولفتت ”إيلينا جولوبوفسكايا“، إلى أن الجمهورية واجهت مسألة إيجاد نظام تعليمي حديث، فقد كان أكثر من 90% من سكان اليمن أميين، وفي الشهور الأولى، فتحت 50 مدرسة ابتدائية ومتوسطة في صنعاء وتعز والحديدة وذمار وإب وغيرها، والتحق بها 3689 تلميذاً و329 تلميذة.

وفي ديسمبر 62م فتحت أول مدرسة زراعية في صنعاء، وفي يناير 63م بدأ بناء ملجأ للأيتام يتسع لـ700 مقعد، وتوالى بعد ذلك افتتاح مدارس فنية جديدة، وحققت الجمهورية نجاحاً ملحوظاً بقطاع الصحة، بدءً بإصدار قرار بمجانية التطبيب والعلاج في أكتوبر 62م، تقول الباحثة.

وقالت إنه في السنة الأولى من عمر الجمهورية، افتتح في صنعاء والحديدة 3 مستشفيات، وبنت 29 مستوصفاً بصنعاء، و17 في تعز، و16 في الحديدة، وتحسنت الخدمات تدريجياً في إب والبيضاء وذمار وغيرها.

خلاصة النضال

لفتت المؤرخة الروسية، إلى الظروف الصعبة التي كانت تتم فيها الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة الجمهورية “بسبب نشاط الرجعية المعادي”.

لكون اليمن “بلداً زراعياً متخلفاً” فإن من المهام الأولى لحكومة الجمهورية كانت “إنعاش الزراعة”، حيث أصدر مجلس القيادة، في الأسبوع الأول، قراراً بإنشاء لجنة اقتصادية، كانت أوّل خطوة لها إنشاء البنك اليمني للإنشاء والتعمير برأسمال 10 ملايين ريال، ولأول مرة بتاريخ اليمن، أعلن في يونيو 64م إعداد أول ميزانية للجمهورية بـ34 مليون ريال.

وقالت إن “قيام ثورة 26 سبتمبر 62م نتيجة طبيعية للتطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي حدثت في المجتمع اليمني خلال عشرات السنين”.

وأكدت أن الثورة “أنهت نظام الأئمة الاستبدادي، وخلقت المقدمات الضرورية للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في اليمن”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى