أهم الاخبارالأخبارتقارير

سرديات دعائية موجهة للخارج مهدت اجتياح “الانتقالي الجنوبي” للمحافظات اليمنية(تقرير)

أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” محمد العياشي: يتناول هذا التقرير لـ “يمن ديلي نيوز” السردية الدعائية التي نشرها المجلس الانتقالي الجنوبي لتبرير عملياته العسكرية للسيطرة على محافظات جنوب اليمن، بدءاً من عدن ووصولاً إلى سقطرى، ثم شبوة، وختاماً بمحافظتي حضرموت والمهرة في شرق اليمن.

اعتمد المجلس الانتقالي على سلسلة من السرديات الدعائية التي سبقت عملياته العسكرية، مستنداً إلى مبررات متعددة، من بينها تأسيسه في 2017 كرد فعل على تردي الخدمات العامة، مروراً بمحاربة الإرهاب والتهريب، وصولاً إلى مواجهة ما وصفها بالميليشيات التابعة للإخوان والحوثيين في وادي حضرموت.

ومع أن هذه السردية الدعائية نجحت في دفع بعض دول الإقليم والمجتمع الدولي لغض الطرف عن اجتياح الانتقالي الجنوبي للمحافظات، لكنها لم تنجح في تغيير الواقع على الأرض في المحافظات التي سيطر عليها الانتقالي.

فوفقًا لتقارير المحلية، تشهد عدن تدهوراً كبيراً في الخدمات، هو الأسوأ منذ عام 2015، بينما لا تزال أجزاء واسعة من محافظتي أبين وشبوة تحت سيطرة تنظيم القاعدة المصنف إرهابيًا، فيما جزيرة سقطرى خارج نطاق إدارة المجلس الانتقالي الجنوبي.

سردية التأسيس وإسقاط عدن

تشكل المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017، كرد فعل مباشر على قرار الرئيس السابق عبدربه منصور هادي بإقالة محافظ عدن آنذاك، عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة هاني بن بريك.

كان قرار هادي بإقالة عيدروس الزبيدي في 27 إبريل/نيسان 2017، لكن رد عيدروس الزبيدي لم يستمر طويلاً حيث سارع لدعوة أبناء المحافظات الجنوبية للاحتشاد في ساحة العروض وذلك في 4 مايو/أيار 2017 حيث خرج المهرجان بما يسمى إعلان عدن التاريخي.

الإعلان فوض عيدروس قاسم الزُبيدي لقيادة المرحلة، والتعبير عن الإرادة الشعبية الرافضة لما أسموه بـ “الإقصاء والتهميش، ومواجهة حكومة الاحتلال الشمالي، التي كان يرأسها حينه عبدربه منصور هادي المنتمي لمحافظة أبين.

وشدد خطاب الانتقالي الجنوبي حينها على أن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي يأتي لمواجهة فشل الحكومة، والعمل على توفير الخدمات وتحقيق المطالب المشروعة لأبناء عدن والمحافظات الجنوبية.

تعد عدن العاصمة المؤقتة لليمن منذ طرد قوات الحكومة اليمنية والمقاومة، المدعومة من التحالف العربي، جماعة الحوثي المصنفة إرهابية في عام 2015، ما أتاح للحكومة وجودًا نسبيًا في المدينة وأدى إلى تحقيق نوع من الاستقرار الجزئي واستعادة بعض الخدمات.

ظل استقرار الحكومة في عدن هشا وغير قادرة على فرض نفسها ميدانياً نتيجة خضوع قوات الأمن لأوامر عيدروس الزبيدي الذي أنشأ هذه القوات أثناء توليه منصب محافظ عدن بدعم الامارات العربية المتحدة.

وفي أغسطس 2019 شكلت أحداث هذا الشهر منعطفاً مفصلياً في مسار الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة وتحول التنافس السياسي إلى مواجهة عسكرية شاملة مع الحكومة انتهى بطردها من عاصمتها المؤقتة.

يعود سبب هذه الاحداث إلى مقتل العميد منير اليافعي (أبو اليمامة)، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، في هجوم صاروخي على معسكر الجلاء في برقة بمحافظة عدن، مطلع شهر أغسطس/آب 2019.

ومع أن جماعة الحوثي تبنّت الهجوم رسمياً، غير أن المجلس الانتقالي وجه الاتهام فوراً إلى حزب الإصلاح بالتواطؤ وتسهيل الهجوم.

استغل المجلس الحادث عاطفياً، حيث دعا هاني بن بريك إلى “الزحف المقدس” نحو قصر معاشيق لتطهيره ممن وصفهم بـ”الإرهابيين”.

وثقت وكالات أنباء دولية، مثل رويترز وبي بي سي، سقوط عدن في 10 أغسطس 2019 بيد قوات الحزام الأمني (الموالية للمجلس الانتقالي) بعد أربعة أيام من القتال العنيف. ووصفت الحكومة اليمنية الحدث حينها بأنه “انقلاب مكتمل الأركان” برعاية إماراتية.

في حين نشرت صحيفة “الأيام” الصادرة من عدن خبراً قالت فيه إن سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بأنه “استجابة لدعوات الشعب لمواجهة التهديدات الأمنية”.

وتحت ضغط التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وقعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاقاً سياسياً وعسكرياً في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بهدف إنهاء الخلافات بين الطرفين وتوحيد الصفوف في مواجهة الحوثيين.

تضمنت البنود الرئيسية للاتفاق تشكيل حكومة مناصفة، وإعادة تنظيم القوات العسكرية والأمنية تحت قيادة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، وإيقاف الحملات الاعلامية المسيئة، وتوحيد الجهود تحت قيادة التحالف لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن ومواجهة التنظيمات الإرهابية.

وفق تقرير فريق الخبراء الأممي المعني باليمن (الوثيقة S/2020/70) فإن التصعيد الذي قام به المجلس الانتقالي الجنوبي “أضعف الجبهة المناهضة للحوثيين وسمح لهم بتعزيز سيطرتهم نتيجة انشغال القوات الجنوبية في معارك جانبية”.

الإدارة الذاتية.. الخدمات

في 25 أبريل/نيسان 2020، وبعد سبعة أشهر فقط على اتفاق الرياض قام المجلس الانتقالي بإعلان “الإدارة الذاتية للجنوب” والسبب كما قال هو فشل الحكومة عن القيام بواجبها في توفير الخدمات.

جاء الإعلان في توقيت حساس أعقب كارثة سيول ضربت عدن، حيث اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة بالعجز عن مواجهة تداعيات السيول، وتردي خدمات الكهرباء والمياه، وانقطاع مرتبات القوات العسكرية الجنوبية.

إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي حينها قال إن إعلان الإدارة الذاتية للجنوب يأتي في سياق “إنقاذ وطني” ضروري.

ميدانياً قوبل إعلان الانتقالي الجنوبي برفض شعبي، حيث رصدت تقارير صادرة عن “مركز صنعاء للدراسات” أن إعلان الإدارة الذاتية قوبل برفض واسع حتى داخل المحافظات الجنوبية ذاتها.

وقال إن محافظات المهرة، وسقطرى، وشبوة، وحضرموت أصدرت بيانات رسمية ترفض “الإدارة الذاتية” وتؤكد تمسكها بالشرعية اليمنية.

ومع أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم ينفذ عملية دمج قواته واستمر محتفظاً بسيطرته على عدن مع وجود جزئي للحكومة في المعاشيق تحت حماية سعودية، إلا أن التقارير تصنف عدن الأسواء خدماتيا وأمنياً بين المحافظات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

سقطرى.. استعادة السيادةوتُعد سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على أرخبيل سقطرى نموذجاً للسيطرة التي تعتمد على “شيطنة” المسؤول المحلي لتبرير تغيير عسكري للأمر الواقع.

فقبل سيطرة الانتقالي الجنوبي على سقطرى في يونيو/حزيران 2020 شن إعلامه حملة واسعة شعارها اقتلاع الاخوان المسلمين والإصلاح.

تركزت الحملة الإعلامية شخص محافظ رمزي محروس المنتمي للحزب الاشتراكي اليمني، حيث اتهمه الإعلام الموالي للمجلس الانتقالي بـ “أخونة” الجزيرة وتحويلها إلى قاعدة لجهات خارجية.

إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي شدد على أن السيطرة سقطرى يهدف أيضاً إلى استعادة “السيادة الجنوبية”، بينما تتحدث تقارير عن غياب واقعي للمجلس الانتقالي الجنوبي في إدارة الجزيرة، وأنها تحولت إلى منطقة نفوذ مغلقة لجهات خارجية، حيث تم إنشاء قواعد عسكرية لا تخضع لرقابة أو سلطة الدولة اليمنية.

شبوة.. التمرد الاخواني

في أغسطس 2022، انتقلت ساحة المواجهة إلى محافظة شبوة النفطية، مستخدمةً أدوات السلطة المحلية.اندلع الصراع في أعقاب قرار محافظ شبوة، عوض العولقي، بإقالة عدد من القادة الأمنيين في المحافظة.

المجلس الانتقالي الجنوبي قام بدفع قوات عبر ألوية العمالقة ودفاع شبوة، وقال إن الهدف من التدخل هي مواجهة لـ “تمرد عسكري إخواني”.

المفارقة في هذا التدخل العسكري أنه جاء في وقت أصبح فيه المجلس الانتقالي الجنوبي شريكاً في الرئاسة اليمنية، برئاسة رشاد العليمي، حيث أصبح المجلس الانتقالي شريكاً في حكم اليمن عبر ثلاثة أعضاء من سبعة.

حضرموت والمهرة.. الإرهاب والحوثي والاخوان

مثلت التحركات العسكرية التي أطلقها المجلس الانتقالي في محافظتي حضرموت والمهرة بنهاية العام الجاري 2025 المرحلة الأحدث والأكثر شمولاً في سلسلة تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي العسكرية للسيطرة على جنوب اليمن.

ففي مطلع ديسمبر الجاري أطلق المجلس عملية عسكرية في حضرموت تحت “المستقبل الواعد”.

وبحسب بيانات صادرة عن الانتقالي الجنوبي فإن العملية جاءت بهدف منع تهريب الأسلحة إلى جماعة الحوثي، وإنهاء الانفلات الأمني في وادي حضرموت، والاستجابة لما وصفوه بـ “النداءات الشعبية” لاستعادة الأرض.

كما قال المجلس الانتقالي الجنوبي إن عملياته في وادي حضرموت تأتي في إطار محاربة التنظيمات الإرهابية، وطرد المنطقة العسكرية الشمالية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي “رشاد العليمي” رفض مبررات المجلس الانتقالي الجنوبي في اجتماع له أمس السبت 27 ديسمبر/ كانون الأول، وقال إنه تمرد يأتي في سياق مسار متدرج من الإجراءات الأحادية.

وقال “العليمي” خلال لقائه بهيئة مستشاريه لبحث مستجدات الأوضاع بمحافظتي حضرموت والمهرة، إن الانتقالي الجنوبي بدأ تصعيده المتدرج بقرارات إدارية، ثم الانتقال إلى تحركات عسكرية وتمرد على مرجعيات المرحلة الانتقالية المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً.

ووفق وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” قال العليمي إن ادعاء الانتقالي بمحاربة الإرهاب مثل ذريعة لتغيير موازين السيطرة على الأرض. وشدد على أن مكافحة الإرهاب مسؤولية حصرية للدولة ومؤسساتها النظامية، وأي أعمال خارج هذا الإطار لا تحاصر التطرف بل تخدمه، وتفتح المجال لفراغات أمنية خطيرة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من يمن ديلي نيوز Yemen Daily News

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading