
تحقيق خاص بـ”يمن ديلي نيوز” – قسم التحقيقات: “أحلام” أم لطالبة في مدرسة بلقيس الثانوية للبنات في محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن) تقول إنها في زيارة لبنتها إلى المدرسة للاطلاع على مستواها فوجئت بحجم الترحيب بها من قبل المعلمات في إدارة المدرسة.
وفقا لأحلام التي تحدثت لـ”يمن ديلي نيوز”: المعلمات توقعين أنني جيت أقدم ملفي الوظيفي للتدريس في المدرسة، لأن عندهم عجز كبير في المدرسين، والمدرسات وبحاجة لمن يغطي هذا الفراغ”.
تعد مدرسة بلقيس للبنات المدرسة الأولى في مدينة مأرب وتعاني كما هي كل المدارس الحكومية في مأرب من نقص كبير في المدرسين، بالتزامن مع مغادرة كثير من المدرسين في المدارس الحكومة من مدارسهم بحثا عن أعمال أخرى بدلا عن التدريس.
هذا الموقف قاد معد التحقيق “عبدالله العطار” إلى البحث عن سبب العجز الحاصل في المدارس الحكومية بمأرب رغم انتظام مرتبات المعلمين بشكل شهري، وقيام السلطات المحلية في المحافظة بالعمل على توفير حلول استثنائية تحد من ظاهرة التسرب من المدارس.
يقول معلم اللغة الإنجليزية في مدرسة الميثاق أكبر مدارس مدينة مأرب للأولاد ”فتحي فارع“: “أصبحت مهنة التدريس مهينة جداً”.
ويضيف فارع الذي تحدث لـ ”يمن ديلي نيوز: الفلسات التي أستلمها لا تكاد تغطي وجبة فطور لعدد نفر واحد خلال شهر إذا اعتبرنا أن المعلم يتقاضى دولارا أو دولارا ونصف الدولار يومياً”.
يلجأ ”فتحي“ إلى العمل لأكثر من دوام ومع أكثر من جهة، ويجهد نفسه كثيراً ليوفر أبسط الأشياء والضروريات التي تبقيه وأسرته على قيد الحياة ويبتسموا لمن حولهم، كما يقول.
ويعاني المعلمون منذ اجتياح جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا للعاصمة صنعاء من مشكلات متعددة أجبرت كثير منهم لترك المدارس، ففي المحافظات الخاضعة للحوثيين لم يتسلم المعلمون رواتبهم منذ سبع سنوات، في حين يعاني المعلمون في المحافظات الخاضعة للحكومة من انهيار سعر صرف العملة.
وتنتظم الحكومة اليمنية في دفع مرتبات المعلمين شهريا، وفقا للأجور التي كانت في عام 2014 إلا أن تراجع قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية شكل معضلة أخرى لاتقل خطورة عن قطع الحوثيين للمرتبات حيث تراجع الحد الأدنى لراتب المعلم من 200 دولار عام 2014 إلى أقل من 50 دولار هذا العام.
الخطوة الأولى
في هذا التحقيق ناقش ”يمن ديلي نيوز“ مشكلة العجز القائم في المدارس الحكومية بمأرب من جميع جوانبها، مستكشفا، حجم العجز الموجود في المدرسين، وأسباب التسرب، وتأثيراته على مستقبل العملية التعليمية، بالإضافة إلى الحلول المطروحة لمواجهة المشكلة وتلافيها.

والتقى معد التحقيق معظم الجهات المختصة ذات الصلة، من إدارات تربوية، ومديري مدارس، وموجهين ومعلمين، وبدأ خطوته الأولى من مكتب التربية بالمحافظة، وبالتحديد من إدارة المكتب العام وإدارات التربية بالمديريات.
مدير التعليم العام في محافظة مأرب “أحمد العبادي” في بداية حديثه مع “يمن ديلي نيوز” أقر بوجود تسرب كبير للمعلمين من مدارس المحافظة، وأن هذا التسرب أو العجز شكل هما مؤرقا لإدارة التربية في المحافظة والسلطة المحلية وقيادة المحافظة التي حاولت وتحاول البحث عن حلول لهذه المشكلة.
وكشف المسؤول في مكتب التربية بمحافظة مأرب عن حجم العجز في المعلمين حيث بلغ حوالي 2300 معلم ومعلمة. مشيرا إلى لجوء مكتب التربية إلى ”حلول مؤقتة“ من أجل استمرار العملية التعليمية، وعدم ضياع مستقبل الطلاب، كاعتماد عقود من السلطة المحلية وبعض المانحين.
وتحدث “العبادي” عن جملة أسباب أدت إلى تزايد ظاهرة تسرب المعلمين والعجز في الكادر التعليمي على رأسها تراجع قيمة الراتب الذي يتقاضاه المعلمون، في ظل عدم وجود أي معالجات لرفع المرتبات بما يخفف من معاناة المعلم بسبب غلاء المعيشة والسكن.
وقال إن تردي قيمة المرتبات أدى لتسرب المدرسين من المدارس الحكومية والانتقال إلى المدارس الخاصة، التي “تعطي راتب تقريبا ضعف الراتب الحكومي”.
ومن الأسباب في العجز الذي تعانيه مدارس مأرب – وفقا للعبادي – زيادة أعداد الطلاب خلال فترة الحرب والنزوح، وعدم توفر درجات وظيفية جديدة، حيث توقف التوظيف منذ 12 عاما، بالإضافة إلى “بلوغ أحد الاجلين للموظفين وحالات الوفاة والاعاقة الدائمة لبعض الكوادر.
وطالب ”العبادي“ الحكومة باستبدال ”الحلول المؤقتة“ بـ ”حلول استراتيجية“ تتمثل في ”رفع رواتب المعلمين بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي واعتماد درجات وظيفية جديدة للخريجين“.
مشكلة تتفاقم
ومن مكتب مدير التعليم العام، إلى قسم التعليم بمديرية المدينة، حيث التقى معد التحقيق هناك برئيس القسم، “يوسف اليوسفي”، والذي بدوره أورد جملة من الأسباب أدت لتسرب المعلمين، المتخصصين والأكفاء وذوي الخبرة.
يقول اليوسفي“ لـ ”يمن ديلي نيوز“، إن المدارس الأهلية عملت على استقطاب المعلمين الأكفاء وأعطتهم رواتب أفضل من الجهات الحكومية، في حين تسرب آخرون “نتيجة الظروف المعيشية وعدم كفاية الراتب لشراء الاحتياجات الأساسية لأسرهم وذهبوا إلى أعمال حرة”.
وتحدث “اليوسفي” عن دور مؤثر للحرب التي شنها الحوثيون والتي أدت إلى انقطاع للطرقات وارتفاع تكاليف المواصلات للمعلمين في محافظة مأرب الذين يأتون من المحافظات الخاضعة للحوثيين، وكذلك التفتيش والمضايقات في النقاط الأمنية والتي وصلت لحد التوقيف والحبس من قبل المليشيا الحوثية لبعض المعلمين.

وأردف: ”هذا التسرب جاء إضافة لتوقف التوظيف منذ أكثر من عشر سنوات وخاصة في مجال التربية والتعليم والتي تحتاج سنوياً إلى آلاف الوظائف نظراً لازدياد أعداد الطلبة سنوياً، ناهيك عن تناقص أعداد القوى الوظيفية في مجال التربية بسبب الوفيات والمرض والتقاعد”.
ولفت “اليوسفي“ إلى “ظاهرة كبيرة” برزت مؤخرا، تتمثل في “عزوف طلبة الثانوية عن دخول كليات التربية نتيجة ما يرونه من مآلات محزنة للوظيفة في السلك التربوي”.
وقال إن “كل هذه الأسباب أدت إلى عجز في التخصصات سواء العلمية أو الأدبية وانعكس ذلك على توقف العديد من المواد عن التدريس بسبب عدم توفر المعلم الكفؤ والقادر على العطاء وهذا بدوره ينعكس على مخرجات الطلبة في الثانوية العامة”.
وذكر أن “المشكلة تتفاقم كل عام بشكل أكبر، وتتوسع الفجوة وربما نصل في القريب من السنوات إلى أننا لن نجد من يدرس أبنائنا الطلبة”.
ويرى “اليوسفي“ أن الحلول تحتاج إلى “الوعي بأهمية المرحلة وأهمية التعليم وتظافر كل الجهود لإنقاذ العملية التعليمية من الشلل الذي بدأ يدب في جسدها“. وأضاف “وعند ذلك فجميع الحلول سهلة وناجعة وتحقق رد الاعتبار للعملية التعليمية ومكانة المعلم في المجتمع”.
وضمن لقاءات معد التحقيق بالجهات الرسمية ذات الصلة، للخروج برؤية واضحة للمشكلة، توجه إلى قسم التعليم الأهلي بمديرية المدينة، والتقى هناك رئيس القسم ”نشوان شوشة“، واستوضح منه جملة من الأسباب التي تقف وراء، تسرب المعلمين من مدارسهم.
وقال إن “زيادة عدد المدارس الأهلية بمديرية مأرب المدينة على وجه الخصوص أدى إلى استقطابها بطرق مختلفة للكفاءات العلمية في المدارس الحكومية، مستغلة الظروف الاقتصادية، كتراجع سعر العملة وارتفاع عملة الحوالات إلى المحافظات الخاضعة للحوثيين والتي انعكست سلبا على حياة المعلم نتيجة الفارق في الراتب الذي تمنحه المدارس الأهلية مقابل ما يتقاضاه من راتبه في المدارس الحكومية“.
وأكد أن المرتبات التي يتقاضها المعلم في المدارس الحكومية “لا تفي بمتطلبات الحياة البسيطة للمعلم، عوضا عن متطلبات أسرته، هذا إذا كان يسكن مع أسرته في مأرب ، أما المعلمين الوافدين من المحافظات الأخرى فأصبح الراتب الشهري لا يفي بتكاليف سفر واحد بداية العام الدراسي”.
وأشار رئيس قسم التعليم الأهلي بمديرية الوادي إلى “الصعوبات الأمنية التي تعيق تنقل المعلمين بين المحافظات”، والتي قال إنها ”زادت من نسبة العجز في المعلم، كون محافظة مأرب كانت تعتمد على المعلمين الوافدين من المحافظات الأخرى“.
وأكد أن كل تلك الأسباب “أثرت على الوضع التعليمي بشكل كبير جدا، وأصبح التعليم بالقطاع الحكومي تحصيل حاصل”. وأردف ”إذا استمر الوضع هكذا قد لايجد مكتب التربية والتعليم من يغطي عجزه الكلي في الأعوام القادمة في مدارس المديرية”.
وكغيره من المسؤولين السابقين اللذين التقاهم معد التحقيق، لم يكتف ”شوشة“، بسرد الأسباب، بل رأى ثلاثة حلول للحد من ظاهرة تسرب المعلمين، وإنقاذ العملية التعليمية في مأرب، كنموذج لباقي المحافظات التي لا يختلف وضع التعليم فيها عن مأرب.
وتتمثل الحلول من وجهة نظر ”شوشة“، في “صرف فوارق وحوافز ومكافآت للمعلمين، وزيادة راتب المعلم مقارنة بواقع صرف العملات الاجنبية، بالإضافة لعمل حد ولائحة تمنع المدارس الأهلية من استقطاب معلمي المدارس الحكومية“.
مدراء المدارس
ومن إدارات التربية في المحافظة والمديريات واصل معد التحقيق، مشواره فوضع مدراء المدارس، هدفا ثانيا له للقائهم ، لمعرفة المشكلة بشكل أوسع، وهنا حدد عددا من التساؤلات تتمحور حجم المشكلة لديهم وكيف يواجهونها وأسباب التحاق المعلمين بالمدارس الأهلية، وأثر ذلك على العملية التعليمية، والحلول التي يرونها لتجاوز هذه المشكلة.
طبقا لمدير مدرسة الميثاق الأساسية الثانوية، أكبر مدارس مأرب من حيث الكثافة ” ”نجيب عباد“ فإن أسباب العجز الموجود في مدرسته يعود إلى “تسرب المعلمين من المدرسة“، مؤكدا أن مدرسته تعاني من عجز عدد 10 معلمين.

واتفق ”عباد“ مع المسؤولين الحكوميين في الأسباب التي جعلت المعلمين يلتحقون بالمدارس الخاصة أو البحث عن أعمال أخرى على رأسها ”عدم كفاية الراتب الشهري لمواجهة متطلبات الحياة الأساسية، وتوقف الاستحقاقات المالية من علاوات وغيرها، وزيادة رواتب المدارس الخاصة أو الأعمال الأخرى مقابل مايستلمه المعلم كراتب رسمي”.
لكن ”عباد“ زاد على سابقية بسبب آخر مرتبط بـ ”الكثافة الطلابية في المدارس الحكومية“ والتي قال إنها “تحمل المعلم فوق طاقته أو قدراته الذهنية والجسدية“.
وعن جهود إدارته لمواجهة هذه المشكلة، يقوم مدير مدرسة “الميثاق”، بالتواصل مع الجهات المعنية بتوفير البديل للمعلم المنقطع، والاجتماع بمجلس الآباء وتفعيل دوره في تقديم المساهمة المالية التي يمكن من خلالها زيادة رواتب المعلمين بالمدرسة، ولو بما يتقارب مع ما يستلمه المعلم بالمدرسة الخاصة، حد قوله.
وعن ثأثير التسرب على التحصيل العلمي والعملية التعليمية، تحدث “عباد” لـ ”يمن ديلي نيوز”، عن “مخرجات بمستويات متدنية جدا، وعملية تعليمية مرتبكة وغير منتظمة”.
أما عن رؤيته كمدير مدرسة لتجاوز هذه المشكلة، فشدد ”عباد“، على “تحريك قانون الأجور والمرتبات لرفع راتب المعلم وبصورة مستمرة، ومنحه مستحقاته، بالإضافة لتفعيل دور المجتمع عامة في الدعم المالي للعملية التعليمية، بحيث لا يقتصر الدور على مجالس الآباء”.
وطالب مدير مدرسة الميثاق النقابات للقيام بدورها في “السعي للتخفيف من معاناة المعلم من خلال التخفيضات السعرية للمعلمين في المستشفيات وغيرها من الجهات الخدمية”.
إلى مدارس البنات، حيث قالت “فكرة العبسي” مديرة مدرسة الشهيد محمد هايل الأساسية للبنات، إن “الكثير من المنظمات تبحث عن تسرب الطلاب وتبحث عن حلول ومعالجات لإرجاع الطالب إلى المدرسة، ولا تعلم أن التسرب في هذي الفترة صار للمعلمين”.
وأشارت “العبسي” في حديثها لـ ”يمن ديلي نيوز“، إلى أن الرواتب المتوقفة عن الزيادة، رغم زيادة أسعار العملات الأجنبية وانهيار العملة الوطنية، وارتفاع الأسعار، بينما الراتب (محلك سر)، هو ما أدى إلى تسربهم إلى المدارس الخاصة، أو العودة إلى محافظاتهم، بسبب ارتفاع عمولات الحوالات، وهذا أدى إلى نقص وعجز كبيرين في عدد المعلمين في المدارس الحكومية”.
وأضافت ”واجهنا الكثير من المشاكل الناجمة عن تسرب المعلمين منها، نقص في التخصصات وخاصة المواد العلمية، وكذلك نقص في المربين المتخصصين من أول إلى ثالث ابتدائي، إذ بلغت نسبة العجز في مدرستنا ما نسبته 30%“.
وطالبت مديرة مدرسة الشهيد محمد هايل، بـ ”رفع رواتب المعلمين، وعمل مدينة سكنية لهم، ووضع حد للمؤجرين الجشعين، وتوحيد العملة“، كحلول ضرورية للحد من تسرب المعلمين.
أما ”لول المطري“، مديرة مدرسة سمية بنت الخياط الأساسية الثانوية بمخيم الجفينة للنازحين، فقد أشارت إلى حدوث تسرب في مدرستها مطلع العام الدراسي الحالي، بسبب عدم توفر عقود، وقلة الراتب مقارنة برواتب المدارس الاهلية، ازدحام الفصول الدراسية بشكل كبير.
وتحدثت “المطري” لـ ”يمن ديلي نيوز“ عن مشكلة أخرى، تتمثل في عدم القدرة على تشعيب الفصول، أرجعتها لعدة أسباب، منها “زيادة في إضافة صفوف دراسية للمعلم حتى يصل نصاب المعلم في الحصص من (18 – 24 حصة)، فيكون ضغط مناهج وطلاب على المعلم، بالإضافة إلى الفترة الدراسية المسائية المرهقة، وتأخر الرواتب لمدة شهرين وتأخر الحافز”.
ولمواجهة العجز عملت المديرة “المطري” بعدد من المعالجات، كالبحث عن داعم بعقود للمدرس، حيث تمكنت من الحصول على عقود “ممتازة”؛ بالإضافة للعقود التي حصلت عليها من المكتب العام، حسب قولها.
ومن المعالجات التي قامت بها، “التواصل مع المعلمين المتسربين وإقناع بعضهم بالعودة، ونجح مع البعض“ وهكذا نجحت ”المطري“ في سد عجز الكادر في المدرسة.
ورغم نجاحها في مواجهة مشكلة التسرب إلا أنها طالبت، بحلول جذرية، كـ”رفع الاجور، والبحث عن داعمين لتوفير عقود، والتواصل مع المنظمات لدعم المعلمين ماديا ماليا وسلال غذائية، وتعاون المجتمع المحلي مع المعلم فيما يخص الإيجارات والمواصلات والعلاج والأمور الأخرى، وتوفير تأمين صحي للمعلمين الحكوميين”.

وذكرت عدد من الآثار المترتبة على تسرب المعلمين من المدارس، تمثلت في (تسرب الطلاب، تفشي الجهل والتخلف، مجتمع فوضوي ليس له قيم أو معارف، تدهور اقتصادي، العودة إلى مربع التخلف والجهل على مستوى الوطن، وضعف التنمية).
عودا على بدء
وعودا على بدء نعود إلى المعلمين والموجهين لمعرفة كيف يواجهون تحدي ضآلة المرتبات وتراجع قيمتها ورسائلهم التي يطرحونها حيث التقى معد التحقيق موجه الرياضيات ”صقر الشجاع“ الذي اعتبر ”تدني الرواتب، والاوضاع الاقتصادية التي يمر بها الموظف“، كأهم أسباب تسرب المعلمين من المدارس، بالإضافة لغياب ”مبدأ الثواب والعقاب، وغياب التأهيل الدوري للمعلم”.
ولفت “الشجاع” في حديثه لـ ”يمن ديلي نيوز”، إلى أن “المعلم قد يجد في المدارس الخاصة مجالا للتدريس أفضل من المدارس الحكومية، نتيجة الأعباء في المدارس الحكومية لكثرة عدد الطلاب، الذي يسبب صعوبة في متابعة الواجبات ،وأوراق الاختبارات، وتصويبها”.
وأردف “يشعر المعلم بأن القطاع الحكومي لا يعطي المعلم ما يستحقه من تقدير ومستحقات لتغطية نفقاته الأساسية على الأقل، ومواجهة الأسعار المرتفعة، مايدفعه للبحث عن مصدر آخر له”.
وعند سؤاله عما يقوم به لتغطية احتياجاته ومواجهة نقص الراتب الحكومي، قال “صقر” إنه يقوم بأعمال أخرى مثل استخدام الكمبيوتر والطباعة، والتدريس الخاص، بالإضافة للتعاون بين أفراد الأسرة، فزوجته الموظفة تساعده في توفير بعض النفقات، بالإضافة لدعم إخوانه المغتربين.
أما المعلم ”ضياء الدين تاج الدين”، فأكد على ضرورة توفير راتب يكفي المعلم لتغطية نفقاته، كأهم حل للحفاظ على الكادر المدرسي، والحد من ظاهرة تسرب المعلمين.
ولتوفير الراتب الكافي، طالب ”ضياء الدين“ بإحياء الجانب المجتمعي من خلال مجلس الآباء وبتفاعل الجهات الرسمية، وحل مشكلة عمولة الحوالات، ورفع نسبة الرواتب ولو بنسبة بسيطة من إيرادات شركة صافر، ومخاطبة المنظمات العاملة في الجانب الإنساني لدعم المدرسين، وأن يكون المدرس دائما ضمن مشاريعها.
وأدى النزوح الكبير إلى محافظة مأرب من المحافظات الخاضعة للحوثيين إلى ارتفاع عدد الملتحقين بالمدارس بنسبة تجاوزت 300 في المائة وفق ما يؤكده مسؤولو مكتب التربية في المحافظة، وهو ما شكل عبئا إضافيا على السلطات في المحافظة التي تعاني من بنية تحتية ضعيفة، وفق مايقوله مسؤولو المحافظة.
وخلال السنوات الماضية عملت السلطات المحلية في مأرب على تخطي إشكالية الضغط الكبير على المدارس في المحافظة ذات البنية التعليمية المحدودة المعدة لما لايزيد عن 100 ألف طالب، من خلال إضافة مبلغ شهري للمعلمين العاملين 30 ألف ريال والبحث عن تمويلات لأجور تعاقدية، إلا أن تأثير تلك الحلول كانت محدودة طبقا لما يقوله القائمون على العملية التعليمية في مأرب.



