تصاعد الانتقادات الشعبية في صنعاء لاحتفالات الحوثيين بالمولد النبوي (رصد خاص)

رصد خاص أعده لـ“يمن ديلي نيوز” نجيبة أحمد: تجري جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، منذ أكثر من شهر استعدادات مكثفة للاحتفال بالمولد النبوي في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لها، بدأت بتشكيل لجان لجمع التبرعات، ونشر الأضواء الخضراء وتسخير الاعلام بشكل كلي للتحضير للفعالية.
وأمام تكريس الحوثيين الأسابيع الماضية للحشد لإحياء فعالية “المولد النبوي” الدخيلة على المجتمع اليمني، تصاعدت في المقابل أصوات اليمنيين في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة للحوثيين المعترضة من جهة على الفعالية والمطالبة بتخصيص الأموال المنفقة على المولد النبوي لصرف الرواتب.
تحب النبي اصرف راتبي
”يمن ديلي نيوز“ رصد جانبا من الانتقادات لأبرز مرتادي التواصل الاجتماعي في صنعاء على حساباتهم الرسمية، فضلا عن عشرات الحسابات المستعارة التي أنشأها ناشطون في صنعاء بأسماء وهمية تحاشيا لتعرضهم للعقاب والايذاء على يد الحوثيين التي تتصدر الجماعات المنتهكة لحقوق الانسان في اليمن.
البداية مع وزير الثقافة الأسبق “خالد الرويشان”، الذي قال إنه ”لايوجد نص قرآني أو حديث نبوي يوجب الاحتفال بالمولد النبوي كما أنه ليس ركناً من أركان الإسلام، ولم تأمر به أي المذاهب الإسلامية”.
وختم ”الرويشان” تغريدته بالقول ”اذا كنت تحب النبي اصرف راتبي“، حيث تحولت هذه المقولة إلى هاشتاق اعتمده الناشطون، لحملة انتقاداتهم الواسعة لاحتفالات الجماعة بالمولد.
الناشط الموالي للجماعة “سمير أبلان” غرد قائلا “منذ بداية شهر المولد النبوي الذي كنا نتوقع فيه صرف مرتبات الموظفين، ومنح شعبنا بعض مستحقات صموده، وجدنا شعبنا تحت وطأة جبايات ثقيلة من جهة، ومضاعفة أسعار الإنترنت من جهة أخرى، رغم إرتفاع سعره الباهض في بلدنا من بين دول العالم”.
وأضاف “إنها سلطة متوحشة تطلق يدها في الجباية دون اكتراث بحال شعبها المنكوب، وما آل إليه من حال كارثي، ولا تقبل فيما تفرضه من جبايات بحق المواطنين أي مراجعة أو اعتراض، وأنها سلطة لا تعي مسؤوليتها حتى باعتبارها سلطة أمر واقع”.
وأشار الى أن “مولد النبي” أصبح “مرتعا للجبايات القاتلة، وللفساد الذي يقتات منها ما أستطاع، تلك الجبايات التي يخرجها المواطن من نزيف روحه،تجبيها دون موجب من دستور أو قانون، وبعيداً تماماً عن مجلس النواب الذي يتم الأستيلاء عليه وتغييبه، عن صلاحيته، من قبل السلطةالمتوحشة”.
استغلال الرسول والمتاجرة به
الأكاديمي الدكتور إبراهيم الكبسي هو الآخر علق قائلاً “الناس يسحقهم الجوع والبؤس ويطحنهم الفقر، وهم يتبجحوا بأحتفالاتهم الباذخة باموالنا وامتصاص دمائنا بجرعهم السامة”.
ودعا “الكبسي” لأن يكون شعارنا في ذكرى مولد المصطفى “فاضحا لمن يريد أن يتاجر بالرسول الكريم سياسيا ويقدم نفسه للعالم بأنه محب للنبي عليه افضل السلام، بينما هو بعيد كل البعد عن الاقتداء بأخلاقه في التعامل مع رعيته”.
بدوره، قال القاضي عبدالوهاب قطران، وكان أحد مناصري الجماعة عقب اجتياحها للعاصمة صنعاء، إن “اليمنيين ليس لديهم مشكلة مع حبيبهم المصطفى، إنه شعب محب للرسول الكريم بالفطرة فهو من شهد لهم بالإيمان واللين والحكمة فمما سيخافون، إنما مشكلتهم مع من يزيف أحاديثه ويريد أن يقدمه كشخصية سلالية”.
وأردف: “منذ بداية شهر يوليو الماضي، يفرضوا بعنجهية رسوم تصاعديه إجرامية تواصل ارتفاعها كل يوم، وتفرض علينا بدون اي مسوغ قانوني، سوى النهب البجح والسرقة الواضحة، إنهم يرفعوا بتعاميم مزاجية رسوم وجبايات وقحة كل نصف شهر”.
أما عضو اللجنة الثورية العليا للحوثيين سابقا محمد المقالح، فقال إن “من يتخذ رسول الله وسيلة لنهب الناس وأخذ حقوقهم بكل صلف وبجاحة، مجرم ولا يحب النبي”.
وأضاف مخاطبا جماعته: “ثقوا تماما أن الناس ليسوا ضد الاحتفال بمولد الرسول بل ضدكم وضد استغلال الرسول لتلميع انفسكم”.
وتابع “هذه هي الحقيقة التي لا تريدون تصديقها وتفضلون عليها جعل الرسول محلا للجدل بين اتباعه ومحبيه اجمعين، وللقول بانكم اكثر من غيركم من المسلمين على الحق المبين”.
يوم أم شهر؟
في السياق تسائل البرلماني أحمد سيف حاشد، قائلا “هل ولد النبي في يوم أم في شهر؟..”، مضيفا “لقد حولتوه من شهر بهجة وابتهال برسولنا الاعظم إلى شهر إفقار وقطع طريق وجبايات لا تطاق، وإهدار وتعثر وعبث للمال العام”.
ولفت “حاشد” إلى أن الموظفين يعيشون أوضاع سيئة لسنوات طوال دون رواتب، وتعليم مهدور يجرى تجريفه على نحو حثيث، ومواطن يجالد من اجل البقاء ومواجهة دكاكة الفقر، وشعب منكوباً مغلوب على أمره.
وأردف “إنها سلطة تحيل محنتهم على خصومها، دون أدنى إحساس بمسؤلياتها بل وفاقدة لشعورها تجاه وطنها المنكوب، وما يمر به شعبها من جوع وهلاك واستباحة كرامة”.
منافقين وطابور خامس
الصحفي والناشط “مجدي عقبة”، بدوره قال، إن الحوثيين “يختلقون معاركهم مع الداخل للتنصل من تحمل مسؤوليتهم كسلطة معنية بتوفير الحد الادنى من اساسيات الحياة”.
وأكد “عقبة” أن فعالية الجماعة “موجهة ضد الداخل لمحانكة من يسمونهم بالمنافقين والطابور الخامس، يعني (كل من يختلف معهم)”، مشيرا إلى أن “السلطة تفقد احترامها عندما تسخر إمكانات الدولة في استعراضات عبثية”.
الناشط “عبد الوهاب ناجي” غرد بالقول: “انتم متمسكون بالسلالة وليس بالرسالة، والكل يعرف بعدكم عن الرسول الكريم وأخلاقه ولو كنت تحب النبي اصرف راتبي”.
أما الناشط “نشوان كهلان”، فقد غرد قائلا “الإحتفال بالمولد النبوي في زمن الجوع وفي أوساط الفقراء يخالف نهج النبي وسنته ويدل ان المحتفل مجرد لص يحاول ان يبيض صفحة فساده، ويؤكد تعمده في إخفاء طغيانة ونهبه لحقوق الناس”.
الرسول في قلوبنا
ختاماً مع تغريدة للشيخ الموالي للحوثيين أمين راجح الذي قال فيها “لا تغركم الشعارات الخضراء وتقولوا ان الشعب منصاع لبدعكم، أقسم بالله ما فيه اثنين بالمية مقتنعين، وإنما خوف ونفاق ومصالح شخصية والجميع وحب الرسول الأعظم في قلوبنا وليس في جيوبنا”.
ويحشد الحوثيون منذ أكثر من شهر لفعالية ”المولد النبوي“ في المؤسسات الحكومية والخاصة وعلى مستوى الأحياء والمدن الرئيسية، سواء بمهرجانات أو فعاليات أخرى، كما تبرز الزينة والأضواء بشكل متفاوت على حجم المؤسسة أو الجهة التي تنفذ ذلك في واجهتها.
ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 2014 يحيي الحوثيون فعاليات المولد النبوي في 12 ربيع الأول، ويولونها اهتماما كبيرا، حيث يقول الحوثيون إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي توفي أولاده في سن الطفولة جدا لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي والأسر الهاشمية التي تنتمي للصحابي علي بن أبي طالب.
ومنذ بدء الاستعدادات الحوثية لإحياء المولد النبوي قبل نحو شهر، اتسعت شكاوى المواطنين من استغلال الجماعة للمناسبة لفرض جبايات وجمع تبرعات كبيرة، رغم الوضع المعيش والمأساة الإنسانية التي تعيشها البلاد.
ومع أن المجتمع اليمني ظل طوال السنوات الماضية يقابل ممارسات الحوثيين خلال إحياء “المولد النبوي” بصمت تحاشيا لاتهامات التخوين والمضايقات، إلا أن العام الجاري لوحظ بشكل لافت انتقادات مرتادي التواصل الاجتماعي، وارتفاع الأصوات المعترضة لإحياء الفعالية فيما الموظفين لم يتسلمون رواتبهم منذ 8 سنوات.



