قصص صحفيةأهم الاخبارالأخبار

لحج.. معلمون في سوق العمل (أربع قصص من واقع الحال)

تقرير خاص أعده لـ”يمن ديلي نيوز” – محيي الدين عبد الغني: دفعت الاوضاع الاقتصادية “المزرية” التي تمر بها البلاد خلال سنوات مابعد الحرب طيف ليس بالهين من المعلمين في محافظة لحج لامتهان مهن أخرى في محاولة لتقليص العجز الذي خلقه الراتب الحكومي عقب انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى.

وخلال السنوات الماضية تنامت في مدارس لحج ظاهرة المعلم البديل التي انتهجها البعض من العاملين في القطاع التدريسي سواء بالتفاهم مع مدرس بديل من قبل المعلم أو الادارات المدرسية مقابل راتب المعلم كاملا أو جزء منه، في وقت يتناوب بعض من المعلمين على التدريس صباحا والعمل فيما بعد المدرسة.

في سوق الحيمة الشعبي وقد بدى على شعره البياض، يقف المعلم “عوض السرم” في سوق القات حيث يعمل هناك في بيع القات بعد أن ترك التدريس، فيما بحثت المدرسة عن بديل له في مرتبه البالغ 60 ألف ريال أي أقل من 40 دولارا، حيث رغم تقدم سنه لم يحصل على الوظيفة الحكومية سوى في العام 2011 من حصة الستين ألف التي نفذتها حكومة الوفاق الوطني عام 2012.

وفق “عوض” الذي تحدث لـ”يمن ديلي نيوز” فإن شحة راتبه الذي لا يكفي لشراء مادة الدقيق هو الذي دفعه للعمل في سوق القات الذي يعطيه عائد أفضل أحيانا، في حين أن بقاءه في مهنة التدريس يفاقم من وضعه المعيشي والنفسي ولذا ترك التدريس حتى يعاد تسوية وضعه واعطاء المعلم حقوقه حتى يستطيع العودة للعملية التعليمية عند تلبية المطالب.

خلال مابعد الحرب تقدر الجهات التربوية عدد من بلغوا سن الأجلين في قطاع التربية بمحافظة لحج زهاء 3000 معلم ومعلمة، توقف الغالبية منهم عن التعليم حتى دون قرار وهو ما فاقم أزمة العملية التعليمية في المحافظة.

ومما فاقم العجز الحاد في المعلمين توقف التوظيف منذ أكثر من عشر سنوات وتسرب المعلمين من المدارس وبحثهم عن مهن أخرى تفي باحتياجاتهم.

عقب عمله لسنوات كمدير لأعرق مدارس الصبيحة في لحج “مدرسة التربة” في مديرية المضاربة، ترك “عقيل علي عبد الرحيم” الادارة والمدرسة وحل عنه بديلا لعدم الاكتراث بحياة المعلم ومعيشته من قبل الجهات الحكومية التي تكتفي بالوعود التي لا تصدق في أغلبها.

يعمل عقيل حاليا في صناعة العقود الاسمنتية التي توفر له مصدر دائم بخلاف الراتب الحكومي الذي لا يغطي له تكاليف أسبوع واحد من متطلبات منزله.

ورغم المشاق لكنه يرى في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” أنه يشكل مصدر دخل أفضل من المرتب الذي تراجعت قيمته، وظل طوال سنوات يكافح كي يحقق الاستقرار ويواصل عطاءه في بناء الأجيال، لكن لم يعد بمقدوره ذلك واضطره الوضع للبحث عن عمل آخر.

وبرفقة شقيقه المعلم علي وبعد عودته من التدريس في مدرسة ابن سيناء وأخذ قسط من الراحة بعد الظهيرة يتوجه المعلم عبد الغني محمد الى احد الوديان القريبة من قريته في منطقة الحيجنة شمال لحج للعمل في تجميع مادة النيس الذي يستغرقه تجميع.

ليست عملية تجميع “النيس” سهلة فهي تتخذ أشكالا عدة تبدأ من عملية الحفر والتنقية وتستغرق يومين إلى ثلاثة لتكون حمولة سيارة جاهزة، حيث تباع ب12 ألف ريال يمني يتقاسمها الشقيقان مناصفة.

يوضح عبد الغني لـ”يمن ديلي نيوز” أن شقيقه “علي” الذي فقد أحد عينيه قبل سنوات خلال عمل له خارج المدرسة، يساعده في العمل كونهما يعولان أسرة كبيرة وراتبهما بعد أكثر من30عاما في خدمة العملية التعليمية لايتعدى مايعادل ستون دولارا وهو ما دفعهما للعمل في فترة ما بعد الظهيرة.

يقول” عبد الغني” إن عملهما يساعدهما في كسب بعض المال رغم مشقته ، لتوفير متطلبات المنزل اليومية التي يحتاجونها حيث أن الأجر من الحكومة الذي يتقاضونه لا يكفي لتغطية نفقات المنزل، ولهذا اضطر للاعتماد على بيع مادة النيس لتوفير بعض الاحتياجات.

تتعدد الطرق التي يسلكها المعلمون في لحج لتحسين ظروف المعيشة خارج أسوار المدرسة، فبعد انقضاء حصصه الدراسية يتجه “عادل طارش” معلم في مدرسة مصعب ابن عمير نحو السوق بدراجته النارية للعمل على نقل الركاب خلال ماتبقى من ساعات النهار والعصر لتوفير المتطلبات اليومية لأسرته.

“طارش” يحمل الحكومة والنقابات التعليمية التي وصفها بـ”المسيسة” المسؤولية في ما وصل إليه المعلم من إذلال واحتقار وإهانة، بقوله: صار العسكري الذي درسته في المدرسة يتفاخر بأنه يتقاضى مرتبا أكثر من معلم وفي هذه السياسة والطريقة تشجيع مبطن لهدم التعليم وأسسه من هذه الزاوية وتجهيل الجيل.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من يمن ديلي نيوز Yemen Daily News

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading