ما وراء تجاهل إعلام الحوثيين للذكرى الـ13 لثورة 11 فبراير؟

تقرير خاص أعده لـ“يمن ديلي نيوز” – إسحاق الحميري: تباينت تغطيات وسائل الإعلام التابعة للمكونات اليمنية ذات الصلة بثورة 11 فبراير 2011 والأحداث المتزامنة معها في ذكراها 13 بين تغطية مساندة ومبررة للحدث، وأخرى مناهضة ومعاديية.
وفي ظل ذلك التباين، كان اللافت انتقال موقف جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، والتي كانت أحد مكونات ثورة 11 فبراير، التي التزمت الصمت، وتجاهل إعلامها الرسمي الذكرى الذكرى الـ13 لثورة فبراير.
وطبقا لرصد خاص أجراه “يمن ديلي نيوز”، شمل عدد من القنوات التابعة للمكونات اليمنية، فإن قناة المسيرة الفضائية التابعة للجماعة المصنفة إرهابيا، لم تنشر أي تغطية لها حول ثورة 11 فبراير لا سلبا ولا إيجابا هذا العام.
كما لم تنشر صحيفة المسيرة اليومية الصادرة عن الجماعة في صنعاء أي موضوع حول هذا الحدث، رغم أنها كانت إحدى مكونات ثورة فبراير. كما لم يتفاعل ناشطو الجماعة على وسائل التواصل الاجتماعي ومدونوها مع هذه المناسبة.
وللوقوف على موقف الجماعة، استطلع “يمن ديلي نيوز”، آراء عدد من الصحفيين والإعلاميين اليمنيين، اللذين تحدثوا عن سبب تجاهل إعلام الحوثيين للذكرى الـ13 لثورة 11 فبراير.
أجندة خاصة
رئيس مركز البلاد للدراسات والإعلام، حسين الصوفي، لم يستغرب التجاهل الحوثي لذكرى فبراير، مشيرا إلى أن الجماعة ومنذ اللحظة الأولى لثورة فبراير كانت “تنفذ أجنداتها الخاصة والتي لم تكن تخطئها عين وبالضرورة كانت تتعارض مع أهداف فبراير”.

وقال “الصوفي” لـ“يمن ديلي نيوز”، إن “قناعة الحوثيين كانت تترسخ كل يوم، بأن فبراير يمثل لهم تهديد وجودي، كما هي قناعات ومنطلقات فبراير والتي تنبثق من أهداف الثورة الأم السادس والعشرين من سبتمبر”.
وأضاف: “وبالتالي فإن الحوثيين وفبراير كالحوثيين و26سبتمبر خطان متوازيان لا يمكنهما الالتقاء”.
وتابع: “لو عدنا بالذاكرة إلى تقويم الأحداث لوجدنا أن العداء والصدام الوجودي بين فبراير والحوثيين كان محتدما منذ اليوم الاول، بدءا بالانقسامات التي كانت تحدث في الساحات، إلى الحروب التي شنتها في مجزر وحجة إلى الاغتيالات، ألى رفض مخرجات فبراير والتنكر لها، ثم إلى الإنقلاب على الدولة”.
وأشار الباحث اليمني إلى أن أول هدف لـ“العصابة” بعد انقلابها على الدولة، في سبتمبر/أيلول 2014 كان “الانتقام من رموز فبراير والذين قتل منهم العديد تحت التعذيب ولا يزال المئات منهم في السجون، وصولا إلى طمس الذاكرة القريبة من أي مظاهر احتفاء، وهي أدلة واضحة على أنهم أعداء حقيقيون لفبراير”.
استغلال لـ11 فبراير
أما الصحفي صلاح الجندي، فقال إن الجماعة “استغلت ثورة فبراير للتسلق والوصول لأهدافها والانخراط في المجتمع وغسل أفكار الناس بمظلوميتها، لكسب تعاطف المجتمع حتى وصلت لمبتاغها وهو الانقضاض على الدولة، وحققت ذلك من خلال انقلابها المشؤوم على الدولة في 2014”.

وذكر “الجندي” في حديثه لـ“يمن ديلي نيوز”، أن جماعة الحوثي “لا تؤمن لا بثورة 26سبتمبر ولا بثورة 14 أكتوبر، وإنما تؤمن بالولاية والثورة الخمينية في إيران، وبانقلابها على الدولة في 21 سبتمبر فقط”.
وأضاف: “لايمكن لمليشيا لا تؤمن بالدولة والمساواة والحكم عن طريق الإنتخابات وباختبار الشعب، وتصادر الحقوق وتقمع الحريات أن تحتفل بثورة قامت لأجل المساواة ولأجل الحقوق وحماية الحريات وبناء دولة مؤسسات، فهي تحتفل فقط بالولية وحقها الإلهي في الحكم وتستغل كل حدث لأجل تحقيق هدفها لإحكام قبضتها على الحكم”.
استغلال مرتين
بدوره، اعتبر الكاتب الصحفي رشاد الصيادي، تجاهل إعلام الحوثييين لذكرى ثورة 11 “عمل ممنهج وتنكر يكشف أن هدف الحوثييين من ثورة فبراير كان استغلالا للزخم الثوري بغية الوصول إلى أهدافها الخفية”، والتي قال إنها “ظهرت إلى السطح بعد نكبتهم المشؤومة من 2014 وإلى اللحظة الراهنة”.

وقال “الصيادي” لـ“يمن ديلي نيوز”، إن “ثورة فبراير امتداد لثورة 26 سبتمبر، وذلك يعني أن قيم الجمهورية والديمقراطية نهج راسخ وهو ما يتعارض مع الفكر السلالي التي تتبناه الجماعة الحوثية بسياساتها المخالفة للتوجه الجمهوري والنباتية على طابع عرقي محض”.
وأشار إلى أن تجاهل ثورة فبراير من قبل الإعلام الحوثي وبالمقايل استغلال ذكراها من قبل قيادات وناشطي الجماعة الحوثية على مواقع التواصل الاجتماعي “يوضح أن الحوثي يستغل فبراير ويجيرّها لصالحه مرتين، الأولى تمثلت في الانقلاب على مبادئ الثورة والجمهورية، والثانية بمحاولة ضرب المكونات الجمهورية من خلال توضيحهم أن ثورة فبراير كانت الطريق الأولى لنكبتهم بهدف خلق تراشق إعلامي وتبادل إتهامات بين الأحزاب والمكونات السياسية حول فبراير”.
وأكد الصيادي أن جماعة الحوثي وإعلامها “لا تعترف بالثورات اليمنية وأبرزها ثورة 26 سبتمبر و وبعدها 11 فبراير لا شيء إلا لأن مبادئ هذه الثورات يتمثل في الحرية والمشاركة السياسية والعدالة والمساواة”.
تهديد وجودي
وأخيرا مع الصحفية والناشطة، رشا كافي، التي قالت إن “انتفاضة فبراير إنتفاضة سلمية، جاءت بالحوثي إلى الساحات تاركا سلاحه في معقل زعيم الحركة، وأرغمته وقتھا أن يكون جزء من الفعل الثوري بشكل مدني سلمي”.

وأضافت “كافي” في حديثها لـ“يمن ديلي نيوز”، أن هذه الجماعة “تعلم جيدا أنھا من غير السلاح والحرب لا تساوي شيء، وأن قوتھا يأتي من الحروب وأصوات المدافع”.
وتعلم الجماعة – وفقا لرشاء كافي – أن “ذكرى فبراير ھو ذكرى لفعل مدني حضاري ولشكل راقي من أشكال النضال السلمي، وھي تحارب اليوم كل أشكال التعبير السلمية والمدنية، بل وتشعر بأن ذلك يھدد وجودها، لذلك ليس من مصلحتها الإحتفاء بذكرى فبراير، مع أنھا أكثر من استفاد من تلك الإنتفاضة”.



