مقالاتالأخبار

كم أيام الشهر في تقويمكم أخي الرئيس؟!

 

  • ✍🏻 حسين الصوفي
  •      باحث وكاتب

يتناول المقال ملف جرحى الجيش ومستحقاتهم وتلاشي الوعود الرئاسية بإنشاء هيئة خاصة بالجرحى، ويوجه رسالة تذكير للقيادة السياسية ومسؤولي الدولة، دعاهم فيها لإعادة ترتيب سلم الأولويات في تعاملهم مع الجيش، في ظل ماتعيشه البلاد من حالة حرب وجودية تستدعي أن تكون القيادة عند مستوى التحدي والخطر.

 

عند مراجعة التقويم اليومي، أو “الروزنامة”، الخاصة ب”مجلس القيادة الرئاسي”، ستجد في صفحة اليوم الرابع والأربعين من عمر المجلس، والذي يوافق ٢١ مايو ٢٠٢٢م، النص التالي:

“ونؤكد هنا توجيهنا السابق للحكومة بالإسراع خلال شهر واحد من الآن بإنشاء الهيئة الوطنية الخاصة بعلاج ورعاية جرحى ومصابي ومعاقي القوات المسلحة والامن والمقاومة الشعبية وعائلات الشهداء منهم وإصدار قانون بإنشاء صندوق خاص بمواردها، وسنمضي قدماً في جهود توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، كما نص اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، وذلك من خلال اللجنة العسكرية والأمنية التي سيتم إعلانها خلال الأيام القليلة القادمة.”.

كانت تلك السطور فقرة مقتبسة من خطاب الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة، الذي ألقاه عشية العيد الثاني والثلاثين للوحدة اليمنية، في كلمة تلفزيونية أمام الشعب اليمني قاطبة، وأمام الجرحى الأبطال من الجيش والأمن والمقاومة، وأمام أسر الشهداء الأبرار.

هذه وثيقة مهمة، وتعهد مشهود، والتزام أخلاقي وواجب قانوني، وحق دستوري طبيعي في الظروف الطبيعية، أما والبلاد تخوض حربا وجودية، ومعركة نضالية مقدسة، فإن مسؤولية تقدير التضحيات ورعايتها والعناية بأبطالها، وحفظ صنائعهم، ورد الجميل لهم وتلبية حاجاتهم، تتحول إلى أولوية قصوى، ومهمة أولى، والقضية رقم واحد في جدول اهتمامات القيادة السياسية والحكومة والمسؤولين.

وهنا يجب أن نتوقف طويلا عند الفقرة المقتبسة أعلاه، من خطاب رئيس مجلس القيادة، بهدف تذكير فخامته وحكومته الموقرة، بالتزامهم التاريخي والاستثنائي، وواجباتهم الدستورية، ومسؤولياتهم الوطنية تجاه تضحيات الأبطال من الجيش والأمن والمقاومة الشعبية وأسرهم، نذكرهم بهذا الوعد الذي حدده الرئيس، “بالإسراع خلال شهر واحد من الآن”.

وكما سبقت الإشارة، فإن الخطاب كان في ٢١ مايو ٢٠٢٢م، وتوجيه الرئيس بإنشاء هيئة وطنية لرعاية الجرحى والمعاقين وأسر الشهداء، كان توجيها صريحا ومباشرا، وعلى ألا يتجاوز فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز شهر في حدها الأقصى، بما كان يفترض أن يصدر قانون إنشاء الهيئة وتشكيلها في يونيو من العام الماضي!.

لقد مضت الأيام والشهور، ولم يرى التوجيه الرئاسي النور، مضى عام ونصف على “الإسراع خلال شهر واحد من الآن”، ولا يزال القرار ينتظر، ولا تزال التضحيات تتساقط من سلم أولويات القيادة والحكومة، والشهر الذي نعده بثلاثين يوما، طال في تقويم مجلس القيادة الرئاسي، وتجاوز تعداده ٥٤٠ يوما مما تعدون!.

إنه لخلل كبير، وصدمة قاسية، إذ كيف لملف بالغ الأهمية، يتم تجاهله، ويسقط من أولويات الحكومة وواجباتها؟!.

البلد في حالة حرب وجودية، هذه الحقيقة التي يقولها الجميع، وهي الظروف التي خلقت هذه التشكيلة من القيادة والحكومة، ظروف الحرب ومتطلباتها وواجباتها وأولوياتها واحتياجاتها.

والجيش وتضحياته والمؤسسة العسكرية والأمنية والمقاومة الشعبية، في ظل الحروب تتصدر موازنات البلدان، وتتفرد بنفقات الدول، وتتحول البلد كلها إلى خزنة حصرية، وبنك خاص لتلبية ضروريات المعركة وتوفير احتياجاتها، من الذخيرة، إلى رغيف الخبز لمن يذودون عن حياض الدولة ويسقون تراب الوطن بدمائهم الزكية وتضحياتهم الثمينة.

إنه لخلل كبير وخطير، وهذا تذكير مسؤول، تقتضيه أمانة اللحظة، وضرورة المرحلة، تذكير عاجل وصادق للقيادة السياسية ومسؤولي الدولة، تفقدوا تقويمكم وقوّموا أدائكم، وأعيدوا ترتيب سلم الأولويات، وكونوا على قدر اللحظة، وبحجم التحدي، فإن التاريخ يسجل عليكم التزامكم ب “الاسراع خلال شهر واحد من الآن” ، أن الشهر قد صار ثمانية عشر شهر، وأن الثلاثين يوما تحولت إلى أكثر من خمسمائة يوم، وأن المعركة لم تنته، والتضحيات العظيمة تنتظر قيادة عظيمة تقابل الوفاء للدماء السخية، بالوفاء لها بتوفير رعاية شهرية زهيدة تعين الأبطال وأسرهم على مواجهة قساوة الأيام وتحديات الظروف الصعبة.

المرحلة بالغة الحساسية، واليمن تخوض حربها التاريخية المصيرية، والجيش والأمن والمقاومة يسطرون أنصع التضحيات وأشرفها وأعظمها، وهو ما يفرض على الحكومة والقيادة السياسية، الوقوف بمسؤولية والوفاء بواجباتهم وأداء الأمانة على أكمل وجه تجاه المؤسسة العسكرية والأمنية والتزامات المعركة.

يا قادة البلد، يا حكومة اليمن: لا تهملوا أبنائكم في الميدان، ولا تماطلوا في ضرورياتهم، ولا ترحلوا ملفاتهم وأساسيات تضحياتهم، فإن التاريخ لن يرحم المهملين، ولن يتسامح مع المتغافلين، وإني لكم لمن الناصحين.

 

  • رئيس مركز البلاد للدراسات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من يمن ديلي نيوز Yemen Daily News

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading