قصص صحفيةأهم الاخبارالأخبار

الجيش اليمني بين معركتي انقلاب الحوثيين على الدولة وتنكر الدولة لجيشها (قصص معاناة)

يمن ديلي نيوز – خاص: تتجول “أم خالد” على بيوت النازحين في مخيم الجفينة الذي يقع في محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن) حاملة بعض الاحتياجات النسوية كالعطور والبخور والزباد وروائح، لعلها تجد من يشتر منها.

لجأت “أم خالد” لهذه المهنة، بعد أن تقطعت بها السبل، ولم تجد من يعولها وأحفادها، الذين باتت تعيلهم بعد أن فقدت إبنها الوحيد أثناء مشاركته في قتال جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا قبل عامين.

زاد انقطاع الرواتب منذ أشهر الوضع سوءا، الراتب الذي لا يكفي للحاجات الأساسية بسبب تدهور قيمة العملة المحلية، وتضاؤل قيمة الريال الشرائية.

تزاول “أم خالد” عملها دون كلل، لكن ليس كل يوم تعود بما يكفي لمصاريف بيتها الذي تحملت أعباءه، ولم يشفع لها وأمثالها أنها قدمت فلذة كبدها دفاعا عن البلاد.

“أم خالد” واحدة من أربع حالات معاناة يستعرضها التقرير، ونموذج للعشرات من العوائل التي يعتمد معيلوها على ما يتقاضونه من رواتب عبر وزارة الدفاع اليمنية كونهم جنودا أو ضباطا في الجيش.

ومنذ يونيو/حزيران الماضي، لم تسلم وزارة الدفاع في الحكومة اليمنية مرتبات الجيش، رغم حديث مصادر عسكرية عن استعدادات للحوثيين لاستئناف الحرب، وحشده لآلاف المقاتلين إلى الجبهات.

وفي وقت سابق قالت مصادر خاصة لـ”يمن ديلي نيوز” في وزارة الدفاع إن عدم صرف المرتبات يعود لما قالت إنه تعنت من وزير المالية “سالم بن بريك” الذي يستغل اشتراطات المنحة السعودية لتحقيق مآربه باستهداف الجيش.

وفضلا عن تأخر صرف مرتبات الجيش واصل الريال اليمني تراجعه أمام الدولار، مما فاقم من معاناة منتسبي الجيش اليمني، بعد تراجع قيمة مرتب “الجندي” مما يعادل 290 دولار عام 2016 إلى مايعادل 37 دولارا خلال أكتوبر تشرين المنصرم.

فشل كلوي يفاقم المعاناة

وفي قصة معاناة أخرى ناجمة عن تأخر صرف مرتبات الجيش وانهيار سعر العملة الوطنية، أصيب الجندي “عبدالعزيز” الذي يسكن في غرفة مهترئة في مخيم الجفينة بالفشل الكلوي.

لايبعد “عبدالعزيز” عن “أم خالد” مسافة بعيدة فهم يعيشون في ذات المخيم، لكن لم يتمكن خلال السنوات الماضية أن يبني لأطفاله ولو غرفتين، بشكل لائق رغم مشاركته في معظم المعارك منذ 2016.

إصابة “عبدالعزيز” بالفشل الكلوي، زادت حالته سوءا بعد أن عجز عن العمل، فيما تعيش أسرته، المكونة من 3 أطفال وزوجته ووالدته، أوضاعا صعبة بسبب الغلاء وانقطاع الرواتب وتراجع دور المنظمات الاغاثية.

حتى غاز الطهي

في السياق، تلجأ “أم عمار” زوجة أحد الجنود المرابطين في جبهات القتال منذ أسابيع للطبخ بواسطة ما تقدر على جمعه من أعواد الحطب وبقايا الأخشاب، وكراتين، تقول إنها لا تمتلك قيمة أسطوانة غاز 5500 ريال.

يرابط زوجها منذ أسابيع في إحدى الجبهات بمحافظة مأرب، اعتذر لها في اتصال لها، أنه لا يمتلك قيمة الأسطوانة الغاز، ونصحها بالبحث عمن يقرضها من الجيران، لكن جيرانها الذين أقرضوها في مرات سابقة اعتذروا لها، فلجأت لاستخدام الحطب والكراتين.

تشكو “أم عمار” من تردي أوضاعهم، وأن زوجها عندما يعود بعد أيام من الرباط في الجبهة، يعود ليس معه شيء.

الأرز طعاما وحيدا

وفي ذات المخيم، تتناول أسرة الجندي “مجاهد” منذ أيام وجبة الرز فقط “صبوح، وغداء، وعشاء”.

لم يستطع “مجاهد” شراء نصف كيس من الدقيق وبقية المتطلبات، فقد رفض صاحب البقالة أن يقرضه بعد أن تراكمت عليه الديون بسبب انقطاع الراتب منذ أشهر كما يقول مجاهد.

وجبة الأرز التي تتناولها أسرة مجاهد، أرز من النوع الرديء من إحدى المنظمات، مطبوخة بالماء والملح فقط، ولا يوجد معهم أبسط المقومات للطباخة كالزيت والبصل والصلصة، فما بالكم ببقية الأساسيات.

تلك كانت نماذج لجانب من معاناة يعيشها جنود في الجيش، استخدم المحرر أسماء مستعارة لهم، كونه يعرف معاناتهم وهم يتكتمون جدا على الحديث عن وضعهم، ولايريدون أن تصل معاناتهم إلى الصحافة لأنه بتعبيرهم يمثل خدمة للحوثي.

وفقا للمحرر، فإن الشعور الوطني العالي للجنود يجعلهم يتحملون المعاناة ويكابدون المتاعب إدراكا منهم بخطورة المرحلة، وأن الحوثي هو المستفيد الوحيد، لكن هل يشعر المسؤولون الذين يوقفون مرتباتهم بهذا الوفاء للوطن الذي يستوجب مقابلتهم بذات الوفاء؟

رد وزارة الدفاع

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، قال مصدر في وزارة الدفاع اليمنية لـ”يمن ديلي نيوز” إن تأخر تسليم مرتبات الجيش للأربعة الأشهر الأخيرة يأتي ضمن ماقال إنها “عراقيل جديدة” يحاول وزير المالية “سالم بن بريك” فرضها في إطار سلسلة استهدافاته للمؤسسة العسكرية منذ تعيينه في العام 2019.

تصريح المصدر جاء ردا على تساؤل “يمن ديلي نيوز” بعد تلقيه مناشدات من عسكريين بإيصال معاناتهم للمعنيين في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة ووزارة الدفاع جراء تأخير تسليم مرتباتهم وتأثير ذلك على وضعهم المعيشي في ظل تهاوي سعر “الريال”.

المصدر قال إن الوزارة تدرك تماما معاناة ضباطها وأفرادها، وهي تعمل بقدر ما تستطيع لتجاوز المعاناة التي قال إنها “ناجمة عن ممارسات وزير المالية التي لم تتوقف عند الاستقطاعات المليارية الشهرية من المرتبات ومصادرة مستحقات علاج الجرحى، بل وصل إلى استهداف المرتبات”.

وفيما لم يحصل “يمن ديلي نيوز” على رد من وزارة المالية، اتهم مصدر وزارة الدفاع، وزير المالية باستهداف مؤسسة الجيش ورفض توجيهات رئاسية وتوجيهات رئيس الحكومة بتسليم مرتبات الجيش للأشهر الماضية، جاعلا من اشتراطات المنحة السعودية شماعة لتعليق أهدافه عليها.

كما اتهم المصدر وزير المالية بخصم مليار و500 مليون ريال من مرتبات الجيش شهريا بدون مبرر منذ سنتين ومصادرة مستحقات الجرحى الذين هم سببا في بقائه في منصبه.

وأردف المصدر ”طوال الفترة الماضية حاولت وزارة الدفاع الصمت تجاه ممارسات وزير المالية، على أمل أن يتم تجاوزها بالتواصل المباشر وبتوجيهات رئاسية وحكومية، إلا أن الوضع أصبح لا يحتمل في ظل تعنت وزير المالية وتجاوزاته التي لا مبرر لها“.

وقال إن و”زارة المالية باتت تشكل جبهة لمحاربة مؤسسة الجيش وتعيق صرف مستحقات العلاج والملبس والاسكان والترقيات والعلاوات السنوية، ووصل الأمر بها إلى استهداف أكل الجيش، ومؤخرا عرقلة صرف المرتبات التي لايمكن تسميتها مرتبات وإنما ضمان اجتماعي”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى