عيد يمني في القاهرة.. برع ومزيكا تبدد مشاعر اللجوء والحنين للوطن (فيديو)

قصة صحفية أعدتها لـ”يمن ديلي نيوز” هبة التبعي: عندما يجد اليمني وطنًا آمنًا، لا شيء يضاهي فرحته. يعيش طقوسه وتقاليد وطنه وشعائره الدينية بطاقة مضاعفة وسعادة غامرة.
في مصر، البلد الذي فتح ذراعيه لليمنيين اللاجئين منذ سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابية على العاصمة صنعاء في العام 2014، وجد مئات الآلاف في القاهرة الأمن والتسهيلات، فكوّنوا واحدة من أكبر الجاليات اليمنية في العالم – هي الثالثة عالميًا – وامتزجوا بالمجتمع المصري بسلام ومحبة.
لا تمييز، لا عنصرية، ولا تهميش، بل ترحيب واحتضان جعلهم يشعرون بأنهم في وطنهم، لا غرباء. يقول اليمنيون المقيمون في مصر.
عيد سعيد يابو يمن
في الأعياد، يصبح الحضور اليمني ملموسًا، بل طقسًا من طقوس العيد المصري.
“كل سنة وأنت طيب يا بو يمن، يا أحلى ناس” تسمعها تتردد على ألسنة المصريين وهم يصافحون اليمنيين في طريقهم إلى صلاة العيد. يقولونها بحب، بحسٍ عفوي، وكأنهم يريدون أن يربّتوا على جرح اللجوء في قلب كل يمني.
لكن فرحة العيد في القاهرة لا تخلو من الحنين إلى وطن يتألم؛ وطن تذبح فيه فرحة العيد؛ الانسان فيه هو الأضحية، حيث لامرتبات ولا سلام، وكلما حاول العالم إطفاء نار حرب أشعلت أخرى لتجلب مزيد من الدمار لهذا البلد المنكوب.
يقول “شوقي نعمان” أحد المقيمين اليمنيين في القاهرة لـ”يمن ديلي نيوز”: العيد في القاهرة يشبه العيد في اليمن إلى حد ما، لكنه ليس بديلاً عن العيد في اليمن، يبقى العيد في اليمن له رونقه الخاص.
يضيف: أحيانا تشعر بالغربة في العيد أكثر من الأيام العادية لأنه يذكرك بالأهل والأصدقاء الذين تركتهم في اليمن، مع ذلك نحاول أن نخلق أجواء العيد ونصنع الفرح بكل الطرق والوسائل الممكنة.
شارع اليمنيين
في شارع العشرين – الذي يسميه البعض “شارع اليمنيين” – تمتلئ الساحات بالرجال والنساء من اليمنيين في صلاة العيد؛ ملابسهم، ملامحهم، ولهجتهم، حتى دعاؤهم، يحملون الوطن معهم حيثما ذهبوا.
ينتهون من الصلاة والخطبة التي تدعو إلى المحبة والإخاء، ثم يصافحون بعضهم بعضًا، والتهاني تتعالى من كل ركن: “عيد مبارك”، “تقبل الله منا ومنكم”، كأنهم يرممون بالحب ما كسره الشتات.
عقب صلاة العيد تبدأ الاحتفالات اليمنية: البرع اليمني يرقص في قلب القاهرة؛ الأغاني اليمنية تصدح في الشوارع، والمصريون يهتفون معهم: “بالروح بالدم نفديك يا يمن” عبارة تهز وجدان كل يمني، كأنها بلسم على جرح الوطن الغائب.
مصريون ينضمون إلى جانب اليمنيين يشاركونهم رقصاتهم، وإلى جانبها إيقاع “المزيكا” المصرية، في خليط جميل بين مصر واليمن، فرحة واحدة، عيد واحد، ودين واحد.
بعد ذلك، يتجه الناس إلى ذبح الأضاحي أو أخذ نصيبهم منها، يفطرون، ثم يصطحبون أطفالهم وعائلاتهم إلى أماكن الترفيه، يحاولون أن يعيشوا كل طقوس العيد رغم الغربة.
عيدهم جميل، نعم، لكنه كان سيكون أجمل لو كان في اليمن. كان سيكون مكتملًا جدًا لو أنهم على أرض وطنهم.
ضبابية المنفى
يقول أحدهم طلب استخدام اسم مستعار “محمد الحرازي” لأن ولده مازال في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين: مع دخول اليمن عامًا جديدًا، وعيد ربنا يكون سعيدا سبقته تسعة سنوات عاشها اليمنيّون في ضبابيّة المنفى بأكثر قتامة نتيجة الحرب.
وأضاف لـ”يمن ديلي نيوز”: نعيش هنا في المنفى رغم جمال الحياة وجموع اليمنيين يعيشون عاداتهم وتقاليدهم، إلا أن الحنين للوطن ورائحة الاعياد والمناسبات تفوح وجعا من دواخلنا رغم بؤس الوضع الداخلي للبلاد وصعوبة الحياة وانعدام شبه كامل للخدمات الأساسية إلا اننا غارقون بالحنين والتساؤلات متى نعود ديارنا؟
وتابع: صحيح لا يختلف اثنان على حب مصر وطيبة أهلها واحترامهم الكبير للمواطن اليمني على جوه الخصوص، ونكاد نجزم بأننا لا نشعر بالغربة ومثلنا الكثير، لكننا نشعر بالحنين دائما لوطننا الحبيب “اليمن”؛ نعيش ونحن على أمل العودة إلى وطن خالي من الحرب والأزمات.
قوارب تعج باليمنيين
وعلى ضفاف النيل، قوارب صغيرة مزينة، تعج بالعائلات، ومعظمها يمنية، تعرفهم من الأغاني التي تتردد فيها، من رقصات البرع ولهجتهم التي تميزهم، من الضحكات التي تخفي وراءها الكثير من الألم.
لكن رغم المآسي، يصنع اليمنيون في المهجر فرحتهم بأنفسهم. يصنعونها من الحنين، من الذكريات، ومن الأمل بأن العيد القادم سيكون في اليمن.



