”مبادرات في الوريد“.. قصص نجاح شبابية آزرت ”بنك الدم“ في مأرب

تقرير أعده لـ”يمن ديلي نيوز” إياد البريهي: أضرت سنوات الحرب في اليمن بمختلف الجوانب لا سيما الجانب الصحي الذي بات أكثر تدهوراً حيث أغلقت أغلب المستشفيات أبوابها في وجه المرضى ومن بينهم أولئك الذين يحتاجون للدم بشكل دوري كمرضى الفشل الكلوي والأنيميا الشديدة وسرطان الدم.

تغطية للعجز

في 27يونيو/حزيران 2018 اعلنت هيئة مستشفى مأرب العام عن حاجتها لمتبرعين بالدم من جميع الفصائل، في قسم بنك الدم بالهيئة تحت شعار تبرع بالدم.. لإنقاذ حياة إنسان.

وتمثل عملية التبرع بالدم مبادرة إنسانية “ثمينة” بالنسبة لمحتاجيه الذين يمكن أن يفقدوا حياتهم إن لم يحصلوا عليه.

يقول “أحمد علي” – مواطن – في 2020 كادت زوجتي أن تفارق الحياة قبل الولادة ما جعل الاطباء يجرون لها عملية قيصرية الأمر الذي تطلب توفير كثير من الدم.

يضيف “احمد” وهو نازح من محافظة تعز إلى محافظة مأرب “قرروا لزوجتي عملية قيصرية وكانت فصيلتها –O (نادرة) وكدت أخسرها، حيث لم تكن الفصيلة المطلوبة متوفرة في المستشفى فقمت بمراسلة أحد أصدقائي الذي بدوره تواصل مع عدة أشخاص وبعد دقائق وصلوا شباب إلى المستشفى للتبرع بالدم ونجحت العملية ونجت زوجتي والحمد لله”.

على صعيد أوسع ينظم “زيد منيف” وأصدقاؤه منذ العام 2021حملات تبرع بالدم عبر مبادرة “عطاؤنا حياة” التي يديرها “زيد” وهي الحملات التي أنقذت وتنقذ حياة كثيرين.

واجب ديني

يقول زيد “بشكل شبه يومي أجد منشورات ورسائل في مواقع التواصل تطلب متبرعين بالدم لإنقاذ حياة أشخاص، خاصة أصحاب الفصائل النادرة وانطلاقا من قول الرسول (من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) تبلورت فكرة حملة التبرع بالدم استناداً إلى الحملة التي أطلقتها مؤسسة وطن التنموية في اليوم العالمي للتبرع بالدم مع بنك الدم في مستشفى هيئة مأرب العام واستجاب أكثر من ٣٠٠ متبرع وفروا ٣٠٠قربة من مختلف الفصائل”.

ويوضح أن “الفكرة جاءت محاكاة لحملة تبرع بالدم أطلقتها في العاصمة السعودية الرياض الهيئة العامة للغذاء والدواء بالتعاون مع بنك الدم في مدينة الملك فهد الطبية بالرياض تزامناً مع اليوم العالمي للتبرع بالدم”.

“زكريا البحري” شاب مغرم بالعمل التطوعي ، نزح من ذمار إلى مأرب، نفذ وأصدقائه أنشطة كثيرة سخروها لخدمة النازحين والأيتام تحت عنوان “مبادرة روح شبابية”.

يقول زكريا إن “أول تجربة كانت في العام 2020 للبحث عن متبرعين بالدم لمن يحتاجه، فكنت أقوم بإرسال الرسائل النصية واستخدم مواقع التواصل من أجل البحث عن متبرعين من فصائل نادرة، لكن هذه الطريقة كانت تستغرق كثيرا من الوقت وأحياناً لا تحصل المتبرع في الوقت المناسب”.

ويضيف “تأثرت بمبادرة وريد التي أطلقها شابان في عدن 2018 حيث كانت البداية بجمع أرقام هواتف المتبرعين حتى تحول الامر إلى إنشاء تطبيق يستخدم ويستفاد منه في كل المحافظات ويعمل كهمزة وصل بين المتبرعين والمحتاجين للدم، فاطلقنا خلال العام 2021 حملة للتبرع استجاب لها 350 متبرع ما خفف نسبياً من هموم ومخاوف مرضى بين الحياة والموت”.

تحمي غيرك

وتحت عنوان “قطرة من دمك تحمي غيرك” حملة أخرى نفذها شباب “مبادرة تكاتف وعطاء” في مدينة مأرب التي تشهد كثافة سكانية عالية نتيجة موجة النزوح الأخيرة عام 2021.

مع تفشي الأمراض المزمنة وانتشار حمى الضنك تتزايد نسبة الاحتياج للدم لكن في وجود الشباب والمبادرات الشبابية يحصل المرضى على الدم ويتجاوزون مراحل الخطر.

“عبدالملك المحمودي” أحد هؤلاء المتبرعين يقول “فور قراءتي رسالة أو طلب للتبرع بالدم أتحرك مباشرة كي أشارك في إنقاذ روح”.

انتشار المبادرات والحملات المتتالية للتبرع بالدم في محافظة مأرب يعد امرا لافتا في نظر المواطنين، إذ يشير تقرير مستشفى هيئة مأرب الصادر في 10 ابريل/نيسان من العام 2023 إلى أن بنك الدم العام بالهيئة استقبل خلال العام 2022 قرابة (٧٥٣٠) متبرع بالدم وقدم خدماته للمرضى والمصابين الوافدين.

تقول الناشطة النسائية “ذكرى الحملاني” إن “فكرة المبادرات الشبابية تمكنت من تغطية العجز في مخزون الدم والشباب هم من يقومون بهذه المهمة الصعبة”.

وأضافت “يحتاج المجتمع للمبادرات خاصةً في الوضع الراهن الذي تمر به البلاد”.

في الظروف العصيبة تتوارى المسئوليات الرسمية ويبرز دور المبادرات الشبابية والحلول المجتمعية على أكثر من صعيد، كعكاز يستند عليه المواطن والوطن لينهضا من جديد، مشهد يتكرر في هذا البلد الذي اعتاد أبناؤه تحمل أعباء أنفسهم من وقت مبكر.

• تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي