أعد القصة لـ”يمن ديلي نيوز“ – أمة الغفور السريحي: منذ اندلعت الحرب في اليمن آثر غالبية الفنانين الشعبيين إن لم يكن جميعهم الحياد والصمت، رغم أن كثير منهم غادروا نتيجة مضايقات جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، وصار بإمكانهم القيام بدورهم الوطني ومشاركة اليمنيين معاناتهم منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014م.
وبينما نحن نبحث في قاموس الفنانين الشعبيين من عزفة العود – وهم بالعشرات – علنا نجد مساهمات فنية شاركت في إشعال جذوة المقاومة للحوثيين، وتعزيز الوعي الشعبي بالمشاركة في حماية الجمهورية والمكتسبات الوطنية، إلا أن لاشيء في الارشيف يكاد يذكر.
كان أمرا مؤسفا أن نصل إلى هذه النتيجة في العام الثامن من الحرب، دون أن نجد فنانا شعبيا أهدى أغنية وطنية تعزز حضوره في الارشيف والذاكرة الوطنية، لكن ثمة فنان في قلب الصحراء غنى للحب والمرأة والجمال والوطن، وعندما داهم الخطر الحوثي محافظته، آثر الوطن على الحياد، وأعلنها “لبيك يا مأرب لا صار ماصار”.
إنه ”أبو عسكر“ الفنان الشعبي المأربي الذي حضر عندما غاب الجميع، واختار الوطن على مصلحته الشخصية، وقرر تخليد إسمه في قاموس الخالدين بهذا الوطن، كواحد من أوائل الفنانين الشعبيين الذين سخروا صوتهم وأوتارهم لمقاومة المشروع الحوثي ذراع إيران في المنطقة.
والفنان”أبو عسكري“ من مواليد مديرية “الجوبة” جنوبي مأرب، واحترف الفن الغنائي في نهاية الثمانينات، وأصبغ تجربته الغنائية باللون الغنائي المحلي ، المعبر عن المحافظات الشرقية (مأرب، الجوف، البيضاء).
”أبو عسكر“ لـ”يمن ديلي نيوز“:
– الأغنية الوطنية تكتسب قيمة كبيرة تستمدها من ارتباطها بالوطن الذي يعبر عنا جميعا– الوطن مصدر إلهام للفنان الذي يتحمل مسؤولية جسيمة تجاه وطنه في المقام الأول
أدرك ”ابو عسكر“، أهمية دور الفن، في دعم معركة الجمهورية، واتجه إلى الأغاني الوطنية، فزرع في قلوب جماهيره حب الإنتماء، وسخر الفن لتوصيل رسائل سامية تعزز أهمية الدفاع عن كرامة وتراب الوطن.
مصدر إلهام “أبو عسكر”
يقول الفنان ”أبو عسكر” في حوار خص به “يمن ديلي نيوز” إنه خلال مسيرته الفنية استطاع أن “يسهم في الحفاظ على الموروث الغنائي للمناطق الشرقية، بما قدمه لجمهوره من أعمال فنية لازالت مسموعة حتى اليوم”.
الوطن لدى الفنان”أبو عسكر“ “مصدر إلهام للفنان، فمنه يستمد أسس الطابع الفني، والألوان الغنائية التي يقدمها لجمهوره، لتعبر بجلاء عن طبيعة ارتباط الفنان ببيئته ومحيطه ووطنه الذي يمثل له المرجعية الأولى في مختلف الاعمال التي يقدمها، وليس الوطنية فقط“.
أدرك ”أبو عسكر“ أهمية دور الفن في دعم معركة الجمهورية واتجه إلى الأغاني الوطنية.
يؤكد أبو عسكر أن “الفنان يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه وطنه في المقام الأول، فهو بما يقدمه من أعمال يسهم في رسم معالم الهوية الوطنية، وتوثيق الخصوصية الثقافية لمنطقته، فالفن جزء مهم جدا من تراثنا يجب المحافظة عليه”.
أدرك الفنان ”أبو عسكر“ مايشكله المشروع الحوثي من خطر ليس على مأرب وإنما على الوطن والثورة والجمهورية فقرر الانحياز للجمهورية، وغنى ضد الخطر الحوثي وعنصريته صادحا بأغنيته الشعبية الرائعة (حياة الذل مابانعيش).
وفي رأي الفنان “أبو عسكر” فإن التزام الفنان الحياد أمام الوطن “سلبي للغاية، وهم ينسلخون بذلك عن محيطهم، ويتنصلون عن المسؤولية المطلوبة منهم، كون الفنان يسهم ويشارك في النضال الوطني من خلال الأعمال الفنية التي يقدمها، لما لها من أثر كبير في إلهاب الحماس، ورفع المعنويات، وتعزيز الولاء للوطن”، حد قوله.
”أبو عسكر“ فنان في قلب الصحراء غنى للحب والمرأة والجمال والوطن وعندما داهم الخطر الحوثي محافظته آثر الوطن على الحياد.
يواصل ”أبو عسكر” حديثه لـ “يمن دلي نيوز”، عن الوطن وأهمية الأغنية االوطنية، مؤكدا أن “الأغنية الوطنية، تكتسب قيمة كبيرة تستمدها من ارتباطها بالوطن الذي يعبر عنا جميعا، فهي تظل حاضرة في مختلف المحطات التاريخية، وتستدعيها الذاكرة الشعبية باستمرار، ولا أدل على ذلك من الأغاني الوطنية التي قدمها الفنان اليمني منذ قيام الثورتين المجيدتين سبتمبر واكتوبر، حيث زالت تلك الأغاني حية حتى اليوم”.
ويؤمن الفنان الشعبي ”ابو عسكر” بأن “العمل الفني يبقى حاضراً في الوجدان كونه صورة تجسد الوطن وعلاقتنا بالوطن ومشاعرنا نحوه، وما نكنه له من حب كبير يدفعنا بالتضحية بأرواحنا وكل ما نمتلك دفاعا عنه، حين تواجهه المخاطر أو ما يمس بكرامته”.
ويواصل “أبو عسكر” متحدثا عن الواجب نحو الوطن بقوله إن “المطلوب منه كمواطن في المقام الأول له حقوق وعليه واجبات، أن يسهم في حماية الوطن والدفاع عنه”.
أما واجبه كفنان ينتمي لهذا الوطن، فأن واجبه نحوه أن يقوم بما يجب عليه من تسخير فنه للمشاركة في العمل الوطني، وهذا أقل ما يمكن أن يقدمه الفنان لوطنه عن طيب خاطر – كما يقول.
“لبيك يا مأرب”
والفنان “أبو عسكر” كما غنى للوطن طوال مسيرته الفنية، وحمل هم الجمهورية ومعركتها الوجودية على عاتقه، غنى لمأرب، وكانت الأغنية التي ولدت في ذروة الهجوم الحوثي على مأرب في العام 2021 والتي تدوي بها إذاعة مأرب والاذاعات المحلية باستمرار “لبيك يا مأرب ولا صار ما صار”، واحدة من الأغاني التي أداها الفنان “أبو عسكر” بروحه المحبة لمأرب والوطن.
ووفقا للفنان “أبو عسكر” فإن هذه الأغنية وبقية الأغاني التي غناها لمأرب هي أقل واجب نحو محافظته ووطنه.
الذائقة الفنية عند “أبو عسكر
ويتميز الفنان الماربي “أبو عسكر” في أغانيه الشعبية بذائقة فريدة تحمل معها عبق التاريخ، وتحمل في طياتها لون فريد اكتسبها إبن مأرب من صلابة وشدة بأس هذه المدينة.
يقول “أبو عسكر” إن لكل لون غنائي طابعه، فله ذائقته الخاصة لدى الجمهور، غير أن العمل الوطني قد يختلف عن بقية الالوان الغنائية في أنه يجد القبول لدى الجميع كونه يعبر عنهم جميعا. – حد تعبيره.
“لبيك يا مأرب”.. واحدة من الأغاني التي أداها “أبو عسكر” بروحه الوطنية في ذروة الهجوم الحوثي على مارب.
لا يغفل الفنان المأربي، مراعاة ذائقة جمهوره، فقد شدد على ضرورة أن يتعامل مع جمهوره بـ”حساسية عالية حيث يقدر ذائقته الفنية، ويحترمه لأنه طرف مهم لنجاح العمل الفني، وبدونه لا يمكن أن ينجح الفنان، ما يحتم عليه اختيار أعماله الفنية التي يقدمها لجمهوره حتى تلبي ذائقته“، حد قوله.
ولم يخف الفنان “أبو عسكر” سعادته إزاء ردود الفعل تجاه أغانيه الوطنية التي دافع فيها عن النظام الجمهوري والشعب، التي قال إنها “تجد قبولا ملموسا لدى الجمهور المتذوق للفن الغنائي”، مضيفا “الحمد لله عندي جمهور عريض من كل المحافظات، وأعمالي الغنائية منتشرة ومعظمها أيضا موجودة في الانترنت، فلدي قناة على اليوتيوب أوثق فيها أعمالي وأنشر من خلالها”.
ويقول “أشعر بالسعادة تغمرني حين أجد رواج وانتشار لأعمالي الغنائية”.. مرسلا تحاياه عبر “يمن ديلي نيوز” إلى كل جماهيره، متمنياً أن يكون دائما عند حسن ظنهم وأن يستطيع تلبية ذائقتهم مستقبلا.
رسائل “أبو عسكر”
ووجه الفنان “أبو عسكر” رسالة لزملائه الفنانين بأن “أخلصوا في أداء رسالتكم” كون الفن رسالة إنسانية سامية بالمقام الأول، وأن يوظفوا نتاجهم الفني لصالح القضية الوطنية التي “نناضل اليوم من أجلها” باعتبارها عنوان عزتنا وحماية كرامة الوطن واستعادة الجمهورية وبناء الدولة.
يتميز “أبو عسكر” في أغانيه الشعبية بذائقة فريدة ولون فريد تحمل عبق التاريخ المكتسب من صلابة وشدة بأس “مأرب“.
ويضيف ”أبو عسكر“، مخاطبا زملائه الفنانين أن “كونوا صادقين مع أنفسكم، فلا تغريكم أي استثناءات مهما كانت التضحيات”.
ولم يغفل في ختام لقائه مع ”ينن ديلي نيوز” توجيه الشكر للقيادة السياسية لجهودها في “سبيل استعادة الدولة”، شاكراً أيضا “دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، لما يقدموه لنا خلال هذه المرحلة من دعم ومساندة ولن ينسى التاريخ وقفتهم هذه”.
