من وجهة نظر باحثين.. ما جدوى استمرار أمريكا في إصدار عقوبات “غير ملموسة الأثر” ضد الحوثيين؟

يمن ديلي نيوز – تقرير: يوم الأربعاء الماضي 19 يونيو/حزيران قال منسق السياسات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي “جون كيربي” إن وزارة الخزانة الأمريكية ستعلن عن عمليات إدراج جديدة على قوائم العقوبات لأفراد وكيانات متورطة في شبكة لتوريد الأسلحة للحوثيين.
حديث المسؤول الأمريكي عن نية إدارته تنفيذ سلسلة عقوبات جديدة، جاء بعد إعلانها يومي 10 و17 يونيو/حزيران الجاري عن عمليتي إدراج جديدة لعقوبات طالت أفرادا وكيانات قالت الخزانة الأمريكية إنها متورطة في توريد الأسلحة للحوثيين.
وجاءت القرارات الأخيرة ضمن سلسلة قرارات أصدرتها الإدارة الأمريكية ضد جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا منذ العام 2014.
ففي وقت سابق أحصى “يمن ديلي نيوز” 11 قرارا أمريكيا استهدف جماعة الحوثي منذ العام 2014 وحتى مطلع العام الجاري، ومع ذلك تحول الحوثيون إلى قوة تهدد المجتمع الدولي.
على الأرض لا يلمس اليمنيون أو المراقبون للوضع في اليمن أثرا للعقوبات الأمريكية على الحوثيين، ماجعل إعلان الولايات المتحدة الأمريكية سيرها في إصدار عقوبات غير ذات أهمية لدى المواطن اليمني في الشارع.
باحثون يمنيون تواصل بهم “يمن ديلي نيوز” رأوا أن القرارات الأخيرة تظهر حزما أمريكيا أكثر تجاه جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، لكنهم أكدوا أنها ليست الحل الأنجع لإنهاء خطر الحوثيين عن تأثير للعقوبات الأمريكية لكنها ليست الحل الأنجع.

حزم أكبر
وفقا للمحلل السياسي والباحث “مصطفى الجبزي” فإن القرارات الأمريكية الأخيرة تظهر بأن الولايات المتحدة الأمريكية “بدأت في التعامل بحزم أكبر مع الخطر الحوثي طالما طالها الأثر واتضحت تبعات العمليات الحوثية في البحر على الملاحة الدولية”.
لكن الجبزي في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” قال إن “العقوبات قد تقيد الجماعة الحوثية بعض الشيء، لكنها ليست الحل الأمثل لأن طرق الوصول إلى السلاح والمعدات المستخدمة في صناع الأسلحة، متعددة وبعضها ظاهر والأغلب غير ظاهر وخصوصا في ظل تواطؤا دول إقليمية”.
محددة ومركزة
الباحثة في مركز صنعاء للدراسات “ميساء شجاع الدين” من جانبها وصفت العقوبات الأمريكية الاخيرة بـ “المحددة والمركزة”.
وقالت: العقوبات الأخيرة صادرة بناء على عمل استخباراتي واسع لمعرفة تفاصيل التفاصيل فيما يتعلق بسلاح الحوثيين والأموال التي تصلهم.
وتابعت في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”: العقوبات الأمريكية الأخيرة تتبعت كل التفاصيل، ويظهر أنها كانت دقيقة تجاه من اتخذت الخزانة الأمريكية عقوبات بحقهم.
وأردفت: هذه العقوبات كان أكثر تركيزا، بما لا تؤدي إلى إثارة الرأي العام أو تنعكس سلبا على الاوضاع السيئة داخل اليمن بحكم أنها بلد فقير ولا يحتمل عقوبات واسعة النطاق.
وتابعت: من خلال العقوبات الأخيرة يتضح أن هناك توجها أمريكيا لمحاصرة الحوثيين، وهذا أمر حصل قبل ذلك مع تنظيم القاعدة الذي تمت محاصرته ماليا بنجاح، لأن كل النظام البنكي مرتبط بأمريكا وهي عادة تتبع الأموال.
وعن عدم تأثير الضربات الجوية على قدرات الحوثيين قالت “ميساء شجاع الدين”: إن “من الطبيعي ألا تؤثر تلك الضربات، حيث اعتاد الحوثيون امتصاص هذا الشكل من الضربات الجوية.
وقالت إن الحلول العسكرية بمفردها لا تأتي بنتيجة شاملة مع جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا.. مردفة: يجب أن تكون هناك حلول شاملة تأخذ في الاعتبار البعد السياسي أيضا.

ليس بشكل كبير
من ناحيته الباحث غير المقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط “إبراهيم جلال” توقع أن لا تؤثر التدابير الأميركية الاخيرة بشكل كبير على قدرات الحوثيين، نظرا لامتلاك الحوثيين خطوط إمداد كثيرة.
وقال لـ”يمن ديلي نيوز”: هجمات الحوثيين الأخيرة تبدو أكثر تركيزا وهذا يعود في النهاية إلى طبيعة التقنيات المستخدمة في هذه الهجمات من الاطلاق وحتى تحقيق المسيرات والصواريخ لأهدافها.
وأضاف: يحاول الحوثيون الآن كسر عزيمة التحالف الدولي وإحراجه دوليا عبر الاستهدافات الأكثر دقة، وجزء من ذلك مساومتهم أمام التدابير الحكومية الأخيرة والتي يبدو انها تحظى بدعم دولي.
ودعا “الباحث في مركز كارينغي للشرق الأوسط إلى تبني مقاربة مختلفة تعلي معالجة اختلال ميزان القوى داخل اليمن لتحقيق النجاح المطلوب في تأمين خطوط التجارة الدولية وتحقيق أمن البحرين الاحمر والعربي وخليج عدن عموما.
وقال: إن تأمين خطوك الملاحة يتطلب “مقاربة أمنية مختلفة طويلة المدى على رأسها ربط ملف البحر بسيناريوهات السلم والحرب في اليمن”.
وخلال يونيو/حزيران الجاري أعلن الإدارة الأمريكية تنفيذ عمليتي إدراج عقوبات ضد كيانات مرتبطة بالحوثيين.
ففي يوم الأحد 17 يونيو/حزيران الجاري أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على أفراد وكيانات وسفينة، قامت بتيسير توريد الأسلحة، لجماعة الحوثي المصنفة إرهابياً، والتي تستخدمها في تنفيذ الهجمات ضد السفن التجارية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية “ماثيو ميلر”، “صنفنا 3 أفراد و6 كيانات سهلت شراء الأسلحة للحوثيين، كما صنفنا سفينة واحدة مملوكة من أحد الكيانات التي تم فرض عقوبات عليها، واعتبرناها ممتلكات محظورة”.
ووفقًا لبيان لوزارة الخزانة الأمريكية، نشرته في موقعها الرسمي تابعه “يمن ديلي نيوز”، “تشمل العقوبات جهات متمركزة في الصين، مكّنت الحوثيين من تحقيق الإيرادات والأستحواذ على مجموعة من المواد اللازمة لتصنيع الأسلحة المتقدمة، التي يستخدمونها لشن الهجمات الإرهابية الحالية”.
وفي 10 يونيو/حزيران الجاري، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الاثنين، عن عقوبات جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب، طالت أفراد وكيانات وسفينتين، قالت إنها تدعم جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا في هجماتها المتواصلة على حركة الملاحة البحرية.

11 عقوبة
وفي وقت سابق رصد “يمن ديلي نيوز” 11 عملية إدراج لقيادات في جماعة الحوثي وكيانات وسفن وشخصيات مرتبطة بالحوثيين منذ العام 2014 وحتى ديسمبر 2023.
فبعد شهر ونيف من سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وتحديدا في 8 نوفمبر/تشيرن الثاني 2014 فرضت واشنطن عقوبات على القياديين الحوثيين عبدالخالق الحوثي، وأبو علي الحاكم إضافة إلى الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح لاتهامهم بتهديد السلام والاستقرار في اليمن.
وفي 23 مايو/أيار 2018 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات جديدة ضد خمسة إيرانيين على صلة بأنشطة الحرس الثوري الإيراني في اليمن، على خلفية غارات صاروخية استدفت مدنا ومواقع نفطية في السعودية مصدرها الأراضي اليمنية.
وفي ١٢ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٩ أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، شبكة شركات شحن إيرانية متورطة في تهريب معدات قاتلة من إيران إلى اليمن بالنيابة عن (فيلق القدس) على لائحة عقوباتها.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2020 فرضت وزارة الخزانة الأميركية، عقوبات على خمسة من القيادات الأمنية التابعة لجماعة الحوثي وهم عبدالحكيم الخيواني، ومطلق عامر المراني، وعبدالقادر الشامي، وسلطان زابن، وعبد الرب جرفان، لارتكابهم انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ومشاركتهم في الممارسات السائدة المتمثلة في الاحتجاز التعسفي والتعذيب للمواطنين اليمنيين وصحفيين وسياسيين.
وفي 2 مارس/آذار 2021 أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على القياديين في جماعة الحوثي “منصور السعدي” رئيس أركان القوات البحرية و “أحمد علي أحسن الحمزي” قائد القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي للحوثيين بتهمة إطالة أمد الحرب الأهلية في البلاد ومفاقمة الأزمة الإنسانية.
وفي 20 مايو/أيار 2021 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على رئيس الأركان العامة للحوثيين “محمد عبد الكريم الغماري” والقيادي البارز في الجماعة “يوسف المداني” بسبب قيادتهم هجوما على محافظة مأرب، حيث لايزال الاثنين يحتفظان بمنصبيهما.
وفي 10 يونيو/ حزيران 2021 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على مالك شبكة صرافة وأحد موردي السلع يدعى “سعيد الجمل” وأعضاء شبكته لدورهم في بيع سلع مثل البترول لتمويل الحوثيين.
وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إدراج القيادي في جماعة الحوثي “صالح مسفر الشاعر” قائد التنظيم اللوجستي العسكري للحوثيين ضمن قائمة العقوبات، لضلوعه في أعمال تهدد بشكل مباشر أو غير مباشر السلام و الأمن أو الاستقرار في اليمن، وفقًا للأمر التنفيذي رقم 13611.
وفي 23 فبراير/شباط 2022 فرضت واشنطن عقوبات على أعضاء شبكة دولية “تموّل” الحوثيين يديرها “سعيد الجمل” وقامت بنقل عشرات ملايين الدولارات إلى اليمن عبر شبكة دولية معقّدة من الوسطاء لدعم هجمات الحوثيين”.



