قصص صحفيةأهم الاخبارالأخبارتقارير

عبدالمجيد الزنداني.. الثائر الجمهوري والشيخ الجليل ورجل الدولة والسياسة (محطات من حياته)

تقرير خاص أعده لـ”يمن ديلي نيوز” – فؤاد محمد: عرف “عبدالمجيد الزنداني” طوال العقود الماضية بالشيخ (الشيخ الزنداني) هكذا يطلق عليه الجميع، محبيه وخصومه، فهو شيخ الدين وشيخ العلم، وهو مؤلف الكتب البارع والمحاضر المقنع، والثائر الجمهوري ورجل الدولة والسياسة.

منذ عودته إلى اليمن في ستينات القرن الماضي للمشاركة في تثبيت أركان ودعائم ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 برفقة أستاذه الشهيد محمد محمود الزبيري، ظل “الزنداني” أحد أكثر رجالات اليمن حضورا وتأثيرا وإثارة على مدى 7 عقود من الزمن.

وعبدالمجيد بن عزيز الزنداني (الشيخ) من مواليد محافظة إب مديرية الشعر عام ١٩٤٢ (وسط اليمن) وتعود أصوله إلى مديرية أرحب بمحافظة صنعاء، حيث تلقى تعليمه الأولي فيما كان يعرف بالكتاتيب ثم أكمل تعليمه في عدن لينتقل بعد ذلك إلى مصر.

وفي مصر التحق “عبدالمجيد الزنداني” بقسم الصيدلة في جامعة عين شمس كما درس العلوم الشرعية في الأزهر الشريف، لكنه قطع دراسته وعاد مع أبي الأحرار محمد محمود الزبيري إلى صنعاء للمشاركة في دعم قيام النظام الجمهوري وحماية مكتسبات الثورة.

ظل “الزنداني” منذ عودته أحد أكثر رجالات اليمن حضورا وتأثيرا، فكرس حضوره المؤثر في ترسيخ دعائم الجمهورية، وخاض في سبيل ذلك غمار التوعية بشتى وسائلها (المنبر والاعلام والسياسة والاقتصاد والتأليف وأنشأ الهيئات والمعاهد والكليات … إلخ).

تدرج “الزنداني” في المناصب الحكومية منذ سنوات مابعد الثورة وحتى استقالته الطوعية من منصبه كنائب للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، كما تدرج في منابر الوعي من برنامج في إذاعة صنعاء إلى أن أنشأ جامعة الإيمان في تسعينات القرن الماضي.

في أول حكومة برئاسة أحمد محمد نعمان شغل “عبدالمجيد الزنداني” نائبا لوزير الإرشاد القومي والإعلام، لينتقل في سبعينات القرن الماضي لتولي إدارة الشؤون العلمية في وزارة التربية والتعليم (المعارف).

وفي العام ١٩٧٥م عين “الزنداني” رئيسًا لمكتب التوجيه والإرشاد عند إنشائه في عهد الرئيس عبدالرحمن الإرياني، وبعدها نائبا لوزير المعارف.

في العام 1990 اختير “الزنداني” عضوا في مجلس الرئاسة بعد إعلان الواحدة اليمنية برئاسة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ونائبه علي سالم البيض، وبعد حرب صيف 94 أصبح “الزنداني” نائبا لرئيس مجلس الرئاسة لكنه قدم استقالته الطوعية عام 1996.

خاض “الزنداني” غمار العمل السياسي حيث ساهم إسهاما فاعلا في تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح – أحد أكبر الأحزاب اليمنية – عام 1990 وتدرج في الحزب حتى وصل رئيسا لمجلس الشورى وبعدها عضوا في الهيئة العليا للحزب حتى وفاته.

أدرك “الزنداني” معركة العلم والوعي وأنها المعركة الأساسية لحماية الثورة والجمهورية، فكرس جهده منذ كان عمره 21 عاما عبر برنامج “الدين والثورة” في إذاعة صنعاء، وقام في العام ١٩٦٨م بتأليف كتاب التوحيد لطلاب المدارس من الإعدادية والثانوية منذ ذلك الحين حتى عام ٢٠٠٤م.

وفي ستينات القرن الماضي تولى الشيخ الزنداني إدارة معهد (النور) العلمي في حي (الشيخ عثمان) بمحافظة عدن، كما ألف كتاب تعليم الواجبات الدينية، وكتاب الإيمان، فيما ساهم في سبعينات القرن الماضي في تدريس عدد من المواد العلمية كمادة الأحياء، وألف كتاب “نحو الإيمان”، “طريق الإيمان”.

وفي العام ١٩٧٨م اتجه الزنداني إلى السعودية وتفرغ لدراسة العلوم الشرعية لدى كبار علماء السعودية ليستأنف ما بدأه في الأزهر وكبار علمائه، وعمل في التدريس وإلقاء المحاضرات في مدارس وجامعات المملكة.

أسس مع عدد من العلماء “الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية” وشغل منصب أمينها العام، ثم رئيسا شرفيا، وطاف العالم للمشاركة في العديد من المؤتمرات الدولية في الإعجاز العلمي، موسكو، ماليزيا، أندونيسيا، باكستان وغيرها.

أصدر الزنداني عددا من المؤلفات في مجال الإعجاز العلمي وعلى رأسها “تأصيل الإعجاز العلمي”، و “إنه الحق” و”منطقة المصب والحواجز بين البحار”، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان.

في تسعينات القرن الماضي أصدر عددا من الكتب أهمها “علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة”، “بينات الرسول ومعجزاته”، “الصفات ومنزلقات الفرق”، كما أسس في العام 1994 كلية الإيمان والتي تحولت فيما بعد إلى جامعة تعنى بالعلوم الدينية.

ومنذ نشأة جامعة الإيمان كانت تتلقى بين الحين والآخر هجمات إعلامية “تشويهية” مناهضة، قادها تيار الإمامة المتخفي تحت عباءة حزب الحق وصحيفة البلاغ والوسط، والشوروي.

وفي العام 2014 تحولت جامعة الإيمان إلى أحد أبرز اللافتات التي رفعها الحوثيون لإقناع المجتمع الدولي بإسقاط العاصمة صنعاء، حيث بادر الحوثيون فور إسقاطهم للعاصمة إلى اقتحام الجامعة والسيطرة عليها ومازالت تحت سيطرتهم حتى اليوم.

نشط “الزنداني” عام ١٩٩٨م في المجال الاقتصادي وترأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول للبنوك الإسلامية ودعم إنشاءها، كما خاض صراعا محليا للحفاظ على نجاح الشركات المساهمة ودفع الشعب للمشاركة في تأسيسها.

وحاز الزنداني في العام 2011 على براءة اختراع في “أسلوب استخدام الأعشاب في علاج الإيدز” من “المنظمة العالمية للملكية الفكرية” ونشر تطبيقه البحثي على موقعها في أبريل 2011.

ولم ينحصر تأثير الشيخ الزنداني على الداخل اليمني بل تجاوز تأثيره حدود المنطقة إلى العالم الإسلامي، وطافت محاضراته وكاستاته التي كان يصدرها بين الحين والآخر معظم دول العالم، وخصصت له قنوات وفضائيات عربية برامج دينية خاصة في الاعجاز العلمي في القرآن الكريم.

غادر عبدالمجيد الزنداني العاصمة صنعاء في العام 2014 بعد اقتحام جماعة الحوثي لها، حيث كان أحد المطلوبين للجماعة، وانتقل بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية ومن ثم إلى إسطنبول في تركيا، حيث أصيب مؤخرا بوعكة صحية أدخل على إثرها المستشفى ليعلن اليوم الاثنين 22 إبريل/نيسان 2024 وفاته.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من يمن ديلي نيوز Yemen Daily News

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading