
يمن ديلي نيوز – حوار خاص: مؤخرا نشر الباحث والأكاديمي الموريتاني “محمد المختار الشنقيطي” تدوينات على حسابه في “إكس” امتدح فيها جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا بعد إعلانها تنفيذ سلسلة عمليات استهدفت سفنا في البحرين الأحمر والعربي تتحدث الجماعة أنها على صلة بالاحتلال الإسرائيلي.
وتقول جماعة الحوثي إن عملياتها في البحرين الأحمر والعربي تأتي في سياق الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء حصاره على قطاع غزة، وقامت باختطاف السفينة “غالاكسي” ونفذت العديد من الاستهدافات لسفن من جنسيات عدة.
وخلال الأعوام الماضية تبنى “الشنقيطي” مواقف مناهضة للحوثيين وحذر في العام 2021 دول الجزيرة العربية من التفريط في مأرب وقال إن مأرب تحمي دول الجزيرة، وإن حدث وسقطت بيد الحوثيين فستتمزق الجزيرة العربية “كل ممزَّق، كما تمزق أهل سبأ القديمة”. كما قال.
والشهران الأخيران نشر “الشنقيطي” تدوينات على حسابه في “إكس” امتدح فيه ما تعلنه جماعة الحوثي من عمليات مساندة لغزة، ووصف موقفها بالشجاع، الأمر الذي يلقى انتقاد شريحة واسعة من المعجبين اليمنيين بالدكتور الشنقيطي وأطروحاته الفكرية التي يرون أنها متقدمة.
آخر تلك التدوينات قيام “الشنقيطي” بإعادة نشر خبر نشره موقع الجزيرة نت، الاثنين 5 فبراير/شباط بعنوان: “خبراء عسكريون: #اليمن صار قوة إقليمية وعلى أمريكا وقف عدوانها”.
هذا العنوان أثار ردود مدونين يمنيين أعربوا فيها عن استيائهم من نشر هذا العنوان، ووجهوا انتقادات حادة لتناولاته الأخيرة، حيث يرون فيها مساندة وتبييضا للانتهاكات “الفظيعة” لجماعة الحوثي بحق الشعب اليمني.
وقال في تدوينة نشرها منتصف يناير/كانون الثاني الماضي: إذا كان #الحوثيون يدعمون #غزة عن إيمان ومبدئية فتلك شهامة ومروءة منهم، وإذا كانوا يدعمونها بحثا عن السمعة والشرعية السياسية فذلك ذكاء سياسي منهم. وفي الحالتين فعلوا فعلا يستحق الثناء. فالمتظاهر بنصرة الحق أفضل من المجاهر بالإثم في كل الأحوال، بغضّ النظر عن المقاصد.

ويبلغ عدد المتابعين للدكتور الشنقيطي في منصة “إكس” أكثر من 980 ألف، وتلقى منشوراته رواجا وتداولا واسعا، وعلى المستوى اليمني يجد كثير من متابعيه عدم رضاهم عن تعليقاته التي تثني على عمليات جماعة الحوثي في البحر الأحمر والعربي، فيسارعون للرد إما انتقادا أو توضيحا.
وأمام الجدل الذي تثيره تدويناته رأت هيئة تحرير موقع “يمن ديلي نيوز” التواصل مع الدكتور “الشنقيطي” للتعرف عن قرب على القضايا الجدلية المثارة بشأن مواقفه الأخيرة، وكيف يرد على منتقديه، ونحن في موقع “يمن ديلي نيوز” نشكر له استجابته وتجاوبه السريع في الرد على أسئلة الحوار.
إلى الحوار:
- بداية ما هو مبرر الدكتور الشنقيطي لمواقفه الأخيرة المساندة لجماعة الحوثي؟
أشكركم شكرا جزيلا على إتاحة هذه الفرصة الكريمة لمخاطبة الجمهور اليمني الكريم.
وقبل إجابة سؤالكم اسمح لي أن أبدأ بالقول إن المقدمة التي بدأتم بها تضع إطارا خاطئا لهذا الحوار، فأنا لا أدعم جماعة الحوثيين، بل أدعم دعم الحوثيين لأهل غزة، وهنالك فرق كبير بين الموقفين.
كما أن المقولة التي نسبتم لي في المقدمة هي عنوان تقرير إخباري على موقع “الجزيرة نت”، وليست من كلامي، فنسبتها لي لمجرد أني نشرت رابطها ليس مناسبا.
أما عن سؤالكم فجوابي أني لا أجد حاجة لتبرير مواقفي الأخيرة، ولا مواقفي القديمة. فدعم أهل غزة في حرب الإبادة التي يواجهونها، والإشادة بمن وقف معهم، من البديهيات الأخلاقية التي لا تحتاج – في رأيي- تفسيرا ولا تبريرا.
- هناك من يقول إن موقف الدكتور المساند للحوثيين هو موقف عاطفي أكثر منه موقف مبني على معرفة بالشأن اليمني.. كيف تعلق؟
تعبير “الدكتور المساند للحوثيين” تكرار للخطأ، وإصرار على وضع الحوار في إطار غير مناسب. وجوابا على السؤال أقول إني لا أعتبر نفسي أقلّ إلماما بالشأن اليمني من غالبية الكتاب والإعلاميين والمحللين السياسيين العرب الذين يخوضون في هذا الأمر.
- يتحدث اليمنيون عن 300 ألف قتيل وقرابة 5 مليون مشرد بسبب “انقلاب جماعة الحوثي” كما يتحدثون عن حصاره لنحو 3 مليون إنسان في مدينة تعز اليمنية منذ تسع سنوات، والآن ينفذ عمليات في البحر الأحمر للمطالبة برفع الحصار عن غزة.
- السؤال: ماتفسير الدكتور الشنقيطي لحالة التناقض بين معركة الحوثيين اليوم المطالبة برفع الحصار عن غزة، بينما يستمر في حصاره لمئات الآلاف في تعز منذ تسع سنوات؟
هذا سؤال يجب توجيهه للحوثيين، فأنا لست مشاركا في حصار تعز، ولا في قتال مأرب، وآخر تغريدة لي عن اليمن تتضمن الدعوة لرفع الحصار عن تعز، وإطلاق سراح السجناء السياسيين في سجون الحوثيين.
- كيف ينظر الدكتور الشنقيطي لما يطرح من انتهاكات توصف بالفظيعة ارتكبها الحوثيون بحق اليمنيين؟
كتاباتي ومقابلاتي عن هذا الموضوع كثيرة، فأرجو التكرم بالرجوع إليها، وهذا ليس مقام تكرارها.
- ألا يرى الدكتور الشنقيطي أن منشوراته تمثل تبييضا لصفحة الحوثيين وتحسينا لصورتهم عربيا كما يطرح البعض؟
هذا كلام من لا يفقهون منطق العلاقات السياسية ومساحاتها الرمادية. وإلا فهل كانت إشادة الناس بدعم ماوتسي تونغ، وبريجينيف، وخروتشيف، وتيتو، للثورة الجزائرية تبييضا لصفحة هؤلاء الشيوعيين الملاحدة، أو تبريرا للفظائع التي كانوا يرتكبونها ضد شعوب عريقة في الإسلام تحت سطوتهم؟!
ولو أن الصينيين اليوم قرروا توفير السلاح للثوار السوريين، أو للفلسطينيين، أو لليمنيين المعارضين للحوثي، فهل سيرفض هؤلاء دعمهم بحجة اضطهادهم للمسلمين الإيغور؟
- منذ انقلاب الحوثيين واجتياحهم للعاصمة اليمنية صنعاء 2014 تحولت حياة اليمنيين إلى جحيم لا يبدو أن نهاية قريبة لهذا الجحيم.. ماهو موقف الدكتور الشنقيطي من انقلاب الحوثيين؟
موقفي مسطور في كتاباتي الكثيرة، ومنطوق في مقابلاتي الإعلامية العديدة. فأرجو الرجوع إليها.
- هل مواقف الحوثيين تجاه غزة يعطيهم مشروعية حكم اليمنيين؟
* لا طبعا. حكم اليمن حق للشعب اليمني كله، وما أدعو إليه منذ سنين هو وقف الحرب في اليمن، والتواضع على هدنة، ثم التوافق على سلطة انتقالية توافقية، تمهد السبيل إلى انتخابات ديمقراطية يقرر فيها الشعب اليمني من يحكمه.
ومن حق كل القوى السياسية اليمنية – بما فيها جماعة الحوثي – عرض بضاعتها السياسية على الشعب اليمني ليحكم لها أو عليها.
- كلمة أخيرة تحب أن تقولها؟
أتمنى أن تسود الحكمة اليمانية من جديد، وأن يستعيد اليمنيون الثقة في الذات، ويصبروا على بعضهم، ويفكروا في مصير اليمن بحاسة استراتيجية، بعيدا عن الوصاية الخارجية، و”العقدة اليزنية”، والمزايدات السياسية، والمهاترات الإعلامية.. وبارك الله فيكم.
نبذة تعريفية:
محمد المختار الشنقيطي: أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، ومدير مؤسسة (مشارق ومغارب). حاصل على إجازة في حفظ القرآن الكريم، وباكالوريوس في الفقه والأصول، وباكالوريوس في الترجمة (عربية – فرنسية – إنكليزية)، وماجستير في إدارة الأعمال من جامعة كولومبيا الجنوبية، ثم ماجستير ودكتوراه في تاريخ الأديان من جامعة تكساس بالولايات المتحدة. درَّس في جامعات عربية وأميركية، وهو مهتم بفلسفة الدين، والفلسفة السياسية، والقضايا الاستراتيجية.
من كتبه بالعربية: (1)” الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية”، (2) “الخلافات السياسية بين الصحابة”، (3) “خيرة العقول المسلمة في القرن العشرين”، (4) “فيلسوف القرآن الكريم محمد عبد الله دراز.”
ومن أعماله بالإنكليزية: (1) “أثر الحروب الصليبية على العلاقات السنية والشيعية” (رسالة دكتوراه)، (2) “الجهاد الدفاعي: أسلمة الأتراك وتتريك الإسلام”، (3) “رحلة أليمة إلى الخالق: لحظة التحول الروحي بين الغزالي وأوغسطين”، (5) “عَبِيد الله: الأفارقة المسلمون الأوائل في أميركا.”
تُرجمتْ جلُّ كتبه إلى اللغة التركية، كما تُرجِم بعضها إلى الأوردو، والمالاي، والفارسية، والكردية، والإنكليزية، والفرنسية، والألبانية، والبوسنية، والبشتو، والأمهرية، والتاميل. وهو يُسهم بانتظام في قناة الجزيرة وموقعها على الإنترنت، حيث نشر مئات المقالات التحليلية باللغتين العربية والإنجليزية.



