عمال ومسافرون من محافظات شمالية يدفعون حياتهم ثمنا لتحريض نشطاء ”الانتقالي الجنوبي“

تقرير خاص بـ”يمن ديلي نيوز“: تكررت حوادث التعذيب حتى الموت في المحافظات الجنوبية بحق مواطنين ذنبهم الوحيد ينتمون إلى المحافظات الشمالية دون أي جرم يقترفوه سوى انتمائهم الجغرافي.
ويدفع العمال والمسافرون من أبناء المحافظات الشمالية، حياتهم ثمنا لخطاب الكراهية والعنصرية، والتحريض المستمر من قبل قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي.
آخر ضحايا ذلك التحريض المواطن “محمد حسن عبده قائد“ الذي توفي، السبت 15 يوليو/تموز بعد يوم من خروجه من سجن لقوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية “جعار” بمحافظة أبين.
تنتمي الضحية إلى مديرية “حزم العدين” بمحافظة إب، وتقول بعض المصادر إنه كان يعاني من ذوي الاحتياجات الخاصة (فاقد السمع) وكان يعمل في مدينة “عتق” بمحافظة شبوة ببيع الماء والمناديل في شوارع المدينة.
وأظهرت الصور آثار تعذيب تعرض له ”المسن“ في كل أنحاء جسمه، في حين قالت تقارير حقوقية إنه توفي نتيجة ”التعذيب الوحشي“ الذي تعرض له منذ نحو شهر من اختطافه.
وسافر الضحية “محمد مهدي”، قبل عيد الأضحى المبارك، عائدا من محافظة شبوة، لقضاء إجازة العيد بين أطفاله، وتم اختطافه في أحد الحواجز الأمنية التابعة لقوات الحزام الأمني، في مديرية “جعار” بمحافظة أبين، ولم يعلم أحد مصيره حتى خروجه من السجن ووفاته.
تشابه جرائم المليشيات
أبناء مديرية ”حزم العدين“، المنطقة التي ينتمي إليها الضحية خرجو ببيان أكدوا فيه أن ”الجريمة لن تسقط بالتقادم“، داعيين المنظمات الحقوقية لإدانة الجريمة والوقوف والتضامن مع أسرة الضحية، وممارسة الضغط لضبط المجرمين ومحاسبتهم وفق القانون.
وتحدث البيان عن تشابه بين جرائم جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، والمجلس الانتقالي الجنوبي، ضد المواطنين الأبرياء، وهو “ما يدل على الفوضى التي تعيشها المناطق الخاضعة لسلطات المليشيات“ – وفقا للبيان.
انعكاس للتحريض المناطقي
وعن أسباب تصاعد الجرائم والمشاهد المأساوية بحق أبناء المحافظات الشمالية، يقول المسؤول الإعلامي لملتقى أبناء حزم العدين “وليد الشعوري”، إنه ”انعكاس للغة التحريض التي تتبناها قيادات سياسية وإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي”.
ويشير “الشعوري”، في حديث لـ”يمن ديلي نيوز“ إلى أنه “خلال ثمانية أشهر فقط قتل اثنين من أبناء مديريته نتيجة التحريض والشحن المناطقي المقيت“، مؤكدا أن ”الضحايا أبرياء لا علاقة لهم بالسياسة والحزبية، وذهبوا للبحث عن لقمة عيش يطعمون أطفالهم ومن يعولون“.
ويقول “الشعوري”، وهو مختطف سابق لدى جماعة الحوثي: “كل كلمة تحريضية تخرج من لسان ناشط انتقالي موتور بالمناطقية تتحول إلى رصاصة غادرة في فوهة بندقية أحد مسلحيهم ليطلقها في جسد مسافر بريء مثقلاً بهموم الحياة، ومنشغلاً بالبحث عن لقمة العيش لأطفاله وأسرته”.
وتابع: “لغة التحريض التي تطلقها المليشيات في محافظات جنوبية أفرزت جرائم بشعة تسببت في ازهاق ارواح أبرياء خلال السنوات الماضية”، مشيرا إلى أن “تلك اللغة لا تزال تحصد المزيد من الضحايا الأبرياء”.
نهبوا بسطته.. فأحرق نفسه
وفي 20 حزيران/يونيو الماضي، قبيل عيد الأضحى المبارك، أقدم أحد الباعة المتجولين بمديرية “الشيخ عثمان” في العاصمة المؤقتة عدن على إحراق نفسه أمام مبنى السلطة المحلية بالمديرية احتجاجا على نهب مسلحين تابعين لمدير المديرية لبسطته بعد رفضه دفع جبايات شبه يومية لهم.
وانتشرت حينها. صور ومقاطع فيديو للشاب “وازر’، على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثارت سخطا وانتقادات واسعة ضد مدير مديرية “الشيخ عثمان”، “أسامة معاوية” وممارساته بنهب بسطات الباعة المتجولين وفرض جبايات جائرة عليهم.
وتفاعل الشارع العدني مع الجريمة وخرجوا في مظاهرة منددة بها، ما دفع محافظة عدن “احمد لملس’، بتكليف مدير أمن عدن اللواء مطهر الشعيبي بالتحقيق مع “وسام معاوية”، والذي بدوره أصدر بيان بالتوقف عن العمل حتى ينتهي التحقيق.
كتاب وناشطون ووسائل إعلام تفاعلت بشكل كبير مع الضحية وانتقدت بشكل واضح ممارسات مدير المديرية “أسامة معاوية” بحق الباعة المتجولين واستغلال سلطته لابتزازهم ونهب ما يحصلون عليه رغم الوضع الاقتصادي الصعب.
طالبه بسداد الدين.. فأرداه قتيلا
وفي كانون الأول/نوفمبر الماضي، قتل عامل “كفتيريا” في مدينة “عتق” بمحافظة شبوة برصاص مسلح أطلق عليه النار بعد أن طالبه بدفع حساب الوجبة التي أكلها.
وينتمي الشاب الضحية “زكريا عبدالله علي قاسم”، إلى مديرية حزم العدين محافظة إب، وكان يعمل في المدينة منذ سنوات، ليلقى حتفه على يد “مسلح ينتمي لتشكيلات مسلحة خارجة عن القانون” كما يقول أقارب الشاب “زكريا’.
وألقت الأجهزة الأمنية بمدينة “عتق”، في وقت لاحق القبض على الجاني وأودعته السجن، ولا تزال القضية كما يؤكد أهالي الشاب “منظورة أمام القضاء في المحافظة”.
وجدوا بحوزته دولارات فأعدموه
وفي أيلول/سبتمبر من العام 2021م، قتل الشاب اليمني – الأمريكي “عبدالملك أنور أحمد السنباني”، 30 عاماً، في حاجز أمني تابع لقوات “المجلس الانتقالي الجنوبي”، في منطقة طور الباحة بمحافظة لحج، أثناء عودته من الغربة في أمريكا، عبر مطار عدن الدولي، لزيارة أهله بمحافظة ذمار.
وتعرض الشاب “السنباني” للتوقيف والتفتيش المكثف، وعندما وجد مسلحو “الانتقالي الجنوبي” بحوزته دولارات أمريكية هي مدخرات غربته، حاولوا سلبها منه بالقوة، فامتنع عن ذلك ودخل معهم في عراك بالأيدي.
وبعد مشادات كلامية، ألقى أفراد النقطة القبض على ”السنباني”، دون مسوّغات قانونية وقاموا لاحقاً بإعدامه بدم بارد ومصادرة أمواله.
وأثارت قضية مقتل ”السنباني“ حينها، ضجة شعبية كبيرة وحوّلت الحادثة إلى قضية رأي عام، تفاعل معها الجميع في الشمال والجنوب على حد سواء، نظراً لبشاعة الحادثة وأسلوب القتل الذي اتبعه الجناة.
وشنت قوات المجلس الانتقالي أكثر من مرة حملات ميدانية مناطقية في عدن ضد العاملين من المحافظات الشمالية، كانت بدايتها في العام 2016 عندما حملة أمنية واسعة استهدفت أبناء محافظة تعز وطردتهم من محلاتهم، وحملتهم على “شاحنات” كبيرة، ونقلتهم إلى مناطق حدودية بين شطري الجمهورية سابقا قبل مايو1990.



