“أبو حاتم”.. طبيب “أورام” قدم رسالة الطب الإنسانية على حسابات الربح والخسارة

أعد القصة لـ”يمن ديلي نيوز” – عدنان الشهاب: منذ نحو ثلاثين عاما يعمل الدكتور “عبدالحميد ابوحاتم” في علاج شريحة الأطفال اليمنيين، بهيئة مستشفى الثورة في العاصمة صنعاء.
تخصص “أبو حاتم” المنتمي لمديدية “نهم”، التابعة لمحافظة صنعاء، في أمراض دم وأورام (أطفال)، ويعد من الأطباء القلائل الذين يعملون في هذا التخصص.
أكمل دراسته الثانوية في العاصمة صنعاء، وحصل على منحة دراسية في الاتحاد السوفيتي (سابقا)، لدراسة الطب في جامعة بطرسبورغ، وحصد المركز الأول على الدفعة، ليعود بعد سنوات في منحة مجانية من الجامعة لدراسة الماجستير، وحصل أيضا على المركز الأول، مع دفع الجامعة ذاتها لتكافئه الجامعة بمنحة مجانية لدراسة الدكتوراه أمراض الدم PHD.
يقول الطبيب “أبو حاتم” إنه لا يحب العمل في المستشفيات الخاصة، ويرفض فكرة العيادة الخاصة، كون مرضاه من المصابين بأمراض دم وراثية أو بالسرطان، لأنه لايريد بناء بيته من أموال مرضى باعوا ممتلكاتهم من أجل العلاج.
منذ نيله شهادة البكالوريوس عام 1984، عمل “أبوحاتم” في مستشفى هيئة الثورة في العاصمة صنعاء، وبعد نيله الدكتوراه في تخصص أمراض الدم وأورام أطفال، 1995، عاد للعمل في المستشفى ذاته واستمر في أداء واجبه حتى أجبر على مغادرة صنعاء في 2017.
يقول “أبو حاتم” إنه وبعد سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابية، على العاصمة صنعاء، “لم يعد هناك مجالا للعيش والعمل أيضا، فقد دمرت المليشيات كل المرافق الخدمية وحولتها إلى أملاك خاصة لتوظيف عناصرها، وهناك أطباء يعملون تحت القوة وبدون مقابل”.
بداية رحلة التنقل
غادر “أبوحاتم” العاصمة صنعاء باتجاه مدينة مأرب (شمالي شرق اليمن) المدينة النائية والناشئة أيضا في سنوات الحرب، ليؤدي واجبه في علاج الأطفال، وكان متحمسا للعمل، لكنه تفاجأ باعتذار مكتب الصحة بالمحافظة عن قبول ملفه بحجة “عدم الاحتياج”، فلا يعرف “أبوحاتم” سببا مقنعا لعدم قبول ملفه.
إلى اليوم تفتقر مأرب لطبيب مختص في أمراض الدم والأورام، ومع ذلك لم يتم استيعاب الدكتور “ابوحاتم” في أي من المرافق الصحية الحكومية، وهو الذي لايرغب بالعمل في المستشفيات الخاصة، كما يرفض فكرة العيادة الخاصة، كون مرضاه من المصابين بأمراض دم وراثية أو بالسرطان، فكيف يبني بيته من “مرضى باعوا ممتلكاتهم ما يملكون من أجل العلاج”، حد تعبيره.
بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء اضطر أبو حاتم للانتقال إلى مأرب في العام 2017، وفيها قدم ملفه لمكتب الصحة، والأمل يحدوه بالعودة لتقديم رسالته الانسانية نظرا لحاجة مأرب لتخصصه لكنه فوجئ بالرفض بحجة “عدم الاحتياج”
بعد اعتذار مكتب الصحة بمأرب، غادر برفقة أطفاله، وزوجته وهي طبيبة استشارية في أمراض النساء والولادة، غادر باتجاه سيئون، وعمل في مستشفى “بن زيلع” ستة أشهر ثم غادر إلى العاصمة المؤقتة عدن بعد تكليفه مديرا للمخيمات الطبية في الجمهورية في 2018، وحتى 2020.
في 2021م، توقف “أبوحاتم” من عمله كمدير للميخمات الطبية في الجمهورية، وتوقف البرنامج – كما يقول – بعد أن نهب مسؤولون في وزارتي الصحة والمالية ميزانية البرنامج 140 مليون ريال، وحينها، أبلغ “أبو حاتم” رئيس الحكومة، الدكتور معين عبدالملك، بما حدث، الا أنه لم يتخذ أي اجراء.
العودة إلى مأرب
عقب استشهاد قائد قوات الأمن الخاصة بمأرب، العميد عبدالغني شعلان، وهو يقود المعارك ضد جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، قرر الدكتور “أبوحاتم” العودة إلى مأرب، وكان حزينا على صديقه الشاب القائد شعلان، فقد كان على تواصل دائم به.
استشهاد صديقه “شعلان” دفعه لتقديم ملفه إلى دائرة الخدمات الطبية العسكرية في مارب ليخدم في الجيش.
يكمل “أبوحاتم” عقده السادس، وقد غزى البياض سواد شعر رأسه ولحيته ايضا، ومع ذلك لا يمتلك طبيب الأطفال منزلا، ولم يفتح عيادة خاصة به منذ أن بدأ ممارسة مهنته كطبيب.
فمنذ نحو 30 عاما قدم رسالته وواجبه “مجانا” عبر هيئة مستشفى الثورة في صنعاء حيث كانت الدولة تتكفل بعلاجهم، وبعض المؤسسات الخيرية التي تدعم مرضى الأورام ومرضى الدم الوراثية.
قبل سنوات عرضت عليه إحدى الجهات فتح جمعية لمرضى السرطان، فاستحسن الفكرة وأبدى موافقته، لكنه سرعان ما انسحب، عندما عرف أن المشروع تجاري يدفع المرضى مقابل علاجهم.
في أحدى المستشفيات الحكومية التي عمل فيها بمدينة مأرب لأشهر، يقول أبو حاتم “إن المسؤول عنه يحمل شهادة دبلوم، وأن بعض المستشفيات الخاصة يعمل فيها ممرضين بدون مؤهلات”.
يكمل “أبوحاتم” عقده السادس، وقد غزى البياض سواد شعر رأسه ولحيته أيضا، ومع ذلك لا يمتلك طبيب الأطفال منزلا، ولم يفتح عيادة خاصة به منذ أن بدأ ممارسة مهنته كطبيب.
ينتقد “ابو حاتم” أداء المستشفيات بمأرب، قائلا: “لا يوجد لوائح داخلية تنظم عملها، إضافة إلى افتقارها للإدارة الصحيحة”.
يأمل ويعمل الدكتور “أبو حاتم” بالتواصل مع الجهات المعنية والجميعات الانسانية من أجل تأسيس مركز لمرضى الدم والسرطان في مأرب، نظرا لافتقار المحافظة لمركز متخصص لمرضى السرطان، ويضطر المرضى لقطع آلاف الكيلومترات بحثا عن مركز متخصص أو السفر خارج البلاد بعد أن باعوا ممتلكاتهم بحثا عن العلاج.
يعد الدكتور عبدالحميد منصور ابوحاتم “أنموذجا فريدا”، في زمن تحول الطب إلى تجارة مربحة بدلا من كونه رسالة إنسانية بحتة، فهو ينظر للطب على أنه رسالة مقدسة.
رفض “أبوحاتم” كل المغريات لتحويلها إلى مهنة للتربح على حساب البسطاء الذين رمتهم الأقدار بما لم يقدرون على حمله وتحمله، ويرى من نفسه أنه سندا يمنعهم من التعثر ليمكنهم من السير نحو الحياة قدر ما يستطيع.
الوظائف الطبية التي تقلدها:
1.طبيب طوارئ عامة مستشفى الثورة
2.طبيب طوارئ أطفال ـ الثورة
3.مشرف قسم الولاد والخدج ـ الثورة
4.أخصائي قسم الأطفال ـ مستشفى “متنه” صنعاء
5.استشاري قسم الولادة ووحدة الخدج ـ الثورة
6.رئيس وحدة أمراض الدم والأورام ـ الثورة
7.نقيب الأطباء ـ مستشفى الثورة
8.نائب المدير العام للشؤون الفنية ـ مستشفى الثورة
9.استشاري أطفال.. مستشفى بن زيلع سيئون
10.مدير عام برنامج المخيمات الطبية ـ وزارة الصحة 2019ـ 2021



