أهم الاخبارتقارير

بعيدا عن فاتورة الحرب .. رصد خاص لـ”يمن ديلي نيوز” يظهر رقماً “مهولاً” لحجم الدعم الدولي “المعلن” لليمن خلال 8 سنوات

 

الاقتصادي والمهتم بالمنح الدولية الدكتور عبدالقادر الخراز لـ”يمن ديلي نيوز”: رغم حجم التمويلات الاقليمية والدولية الضخمة لليمن إلا انها لم تحقق شيئا على الأرض ، فضلا عن أن 70-80% من التمويل يذهب لصالح الحوثيين.

تقرير خاص أعده لـ”يمن ديلي نيوز” – محمد الواشعي: بلغت المساعدات الدولية المتدفقة على اليمن منذ بداية الحرب التي أشعلها الحوثيون وإسقاطهم للعاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، أكثر من 43 مليار دولار، غير المبالغ الأخرى والهبات الغير معلنة والتي قدمت كدعم “مباشر”، وتمويلات لا تظهر في موقع التتبع العالمي.

واحتلت المملكة العربية السعودية، صدارة الدول الداعمة لليمن، جاءت بعدها الامارات العربية المتحدة ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الاوروبي.
وبحسب رصد لموقع ” يمن ديلي نيوز” لبيانات الأمم المتحدة، وإعلانات الدول المانحة، فإن 24.8 مليار دولار من إجمالي الدعم المقدم لليمن الذي يتجاوز 43 مليار دولار، تم تقديمه عبر الأمم المتحدة كتمويل لخطط الاستجابة الانسانية، منها 10 مليار دولار مقدمة من السعودية.

ومع آخر دعم حصلت عليه الامم المتحدة، المقدر بـ 1.3 مليار دولار من تعهدات مؤتمر المانحين الذي عقد في جنيف آواخر فبراير/شباط المنصرم، تصبح استجابة اليمن ثاني أغلى استجابة انسانية في العالم بعد سوريا، إلى ما قبل اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، بحسب عاملين في المجال الإنساني في دراسة نشرها مركز صنعاء للدراسات والبحوث.

لا ينكر مختصون بوجود تأثير إيجابي للمساعدات الدولية، في تخفيف حدة الأزمة الانسانية في اليمن والتي كانت من أسوأ أزمات العالم، حيث يرون أن المساعدات نجحت في تغطية احتياجات مايقارب 9 مليون شخص وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

تفاصيل المنح المعلنة
وبالعودة إلى بيانات الدول المانحة، فقد تبدو الأرقام فلكية، وضرب من الخيال، مقارنة بأثرها على أرض الواقع.

ففي بيان صادر عن اجتماع المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي بتاريخ 24 مارس 2023 قال البيان إن إجمالي ماقدمته كافة دول المجلس من مساعدات إنسانية وتنموية لليمن تجاوزت (36) مليار دولار.

ومن بين 36 مليار دولار قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي لليمن خلال الثمان سنوات الماضية كان نصف المبلغ المعلن من نصيب المملكة العربية السعودية بواقع 18 مليار دولار وفق تصريحات سفير المملكة “محمد آل جابر” في 25 فبراير/شباط الماضي.

ووفق تصريحات “آل جابر” فإن 9 مليار دولار من المنح المقدمة لليمن قدمت كدعم لخطط الأمم المتحدة، و9 مليار أخرى توجهت للشعب اليمني مباشرة، خارج خطة الاستجابة الإنسانية التي تنفذها الأمم المتحدة، من خلال مركز الملك سلمان، وبرنامج إعادة إعمار اليمن.

وتمثل الدعم السعودي “المباشر” كودائع في البنك المركزي لتعزيز استقرار العملة والتي تجاوزت 4 مليار دولار، ومساعدات إنسانية وإغاثية، ومنح المشتقات النفطية في عموم محافظات الجمهورية اليمنية بما فيها الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، بحسب آل جابر.

وجاءت الإمارات العربية المتحدة كثاني مانح لليمن، حيث أعلنت خلال مؤتمر المانحين الأخير المنعقد بتاريخ 27 فبراير/شباط الماضي أن إجمالي المساعدات الاماراتية لليمن بلغت 6.6 مليار دولار منذ عام 2015 بالإضافة إلى وديعة بقيمة 300 مليون دولار لدعم العملة الوطنية.

وفي حين قالت الولايات المتحدة الأمريكية، على لسان وزير الخارجية “انتوني بلينكن” إن إجمالي المساهمة الأمريكية في اليمن منذ بداية الصراع بلغت 5.4 مليار دولار، أعلن الاتحاد الأوربي أن الإسهام المالي المقدم من الإتحاد لليمن بلغ مليار و 400 مليون يورو منذ 2015م.

وتوزعت مساهمات الاتحاد الأوروبي، على ثلاثة مجالات هي الدعم السياسي، المساعدات الإنسانية والمساعدات التنموية، تذهب إلى مشاريع ينفذها “شركاء” الاتحاد الأوروبي في مختلف أنحاء البلاد.

واقعية الأرقام
ومع دخول خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن عامها التاسع العام، وما حظيت به من دعم، إلا أن يمنيين يرون أن الأرقام المعلنة كفيلة بتحويل الشعب اليمني إلى دولة غنية، خاصة إذا ماقيست بالموازنات الحكومية إلى ماقبل العام 2015 والتي كانت تترواح مابين 4 إلى 6 مليارات دولار.

وجهت العديد من الانتقادات للأمم المتحدة في أنها تنفق أموال المساعدات في خطط طارئة وغير مستدامة، وهو الأمر الذي يجعل من تأثير هذه المساعدات مؤقتا، ولا يسهم في إيجاد تنمية حقيقية على أرض الواقع.

وفي هذا السياق لم يشكك الاقتصادي والمهتم بالمساعدات الانسانية في اليمن الدكتور عبدالقادر الخراز بواقعية الأرقام المعلنة، مؤكدا أن الأرقام “صحيحة ولا يستطيع أحد إنكارها، لكنها غير ملموسة على الأرض، مع أن حجم التمويل الهائل كفيل بإعادة بناء البلد”.

وقال “الخراز” الذي كان يشغل رئيس الهيئة العام للبيئة بالحكومة اليمنية في تصريح لـ”يمن ديلي نيوز”: “رغم حجم التمويلات الضخمة إلا انها لم تحقق شيئا على الأرض ، فضلا عن أن 70-80% من التمويل يذهب لصالح الحوثيين”.

وانتقد الخراز سياسة الأمم المتحدة في تقديمها للمساعدات الانسانية وقال إنها تبني خططا “طارئة” ما يعني أنه لا يوجد فيها “تنمية مستدامة، ولا تصل المساعدات للمحتاجين” وجزء من التمويل يذهب تحت مسمى “تسهيلات” سواء لنافذين حوثيين، او نافذين يتبعون الحكومة.

وذكر “الخراز” أن المتوسط السنوي لبرنامج الغذاء العالمي يبلغ مليار ونصف دولار، ويرتفع أحياناً إلى مليارين و500 مليار دولار، مؤكدا أن هذا المبلغ “يكفي لدفع مرتبات جميع الموظفين في اليمن مدنيين وعسكريين، ما يعني توفير مرتبات لثلث الشعب اليمني، إلى جانب توفير المواد الغذائية لكل الشعب اليمني”.

واستدرك بالقول: “لكن هذا لم يحدث، وغير ملموس، والمحتاجين لا يصلهم إلا الفتات، من أغذية فاسدة ومواد تالفة، والصالح منها يذهب إلى الحوثيين ودعم جبهاتهم”، متهما الأمم المتحدة بـ”ضخ تمويلات كبيرة لمليشيا الحوثي وتسلم لها ملايين الدولارات بذريعة تمويل مشاريع نزع الألغام، في حين أنها تدرك أن الحوثيين هم من يقومون بزراعتها”.

وتحدث الخراز – الذي كان يشغل منصبا حكوميا – مسؤولين في الحكومة الشرعية بتقديم تسهيلات لدخول أموال من المنح الدولية للحوثيين، قائلا: خلال الأعوام 2017- 2018 منح وزراء في الحكومة الشرعية الموافقة على تنفيذ خطط ومشاريع للأمم المتحدة الطارئة يذهب 70-80 بالمئة منها، إلى جانب ما تستقطعه منظمات الأمم المتحدة من مبالغ تفوق 40-50 بالمئة من تمويل مشاريع أخرى لموازناتها التشغيلية.

ولا ينكر مختصون بوجود تأثير إيجابي للمساعدات الدولية، في تخفيف حدة الأزمة الانسانية في اليمن والتي كانت من أسوأ أزمات العالم، حيث يرون أن المساعدات نجحت في تغطية احتياجات مايقارب 9 مليون شخص وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

تجدر الاشارة إلى أن الأرقام التي جمعها “يمن ديلي نيوز” في هذا التقرير ليست كل المساعدات الدولية المقدمة لليمن، حيث لم يشمل التقرير حجم المساعدات المقدمة من دول أخرى تقدم بين الحين والآخر مساعدات نقدية ومشاريع إنسانية ومن ضمنها بريطانيا واليابان وتركيا ودولا أخرى.

كما أن المساعدات المعلنة والتي بلغت 43 مليار دولار، خصصت فقط للجانب الانساني، ولا يشمل الدعم المقدم للشرعية اليمنية من قبل التحالف العربي والمجتمع الدولي لإنهاء انقلاب الحوثيين، وتطبيق القرارات الدولية، وكذلك التمويل الايراني الذي يصل شهريا إلى 30 مليون دولار، تقدم على شكل منح نفطية للحوثيين.

وطبقا لمسؤولين حكوميين واقتصاديين فإن المساعدات الانسانية الدولية أسهمت نسبيا في تحقيق استقرار الاقتصاد الوطني، وعدم انهيار أسعار الصرف، في ظل استهداف الحوثيين المستمر لمصادر تمويل موازنة الحكومة اليمنية، بداية من فصل العملة الوطنية، ووصولا إلى استهدافها صادرات النفط.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى