تسجيل أربع حالات خلال شهرين.. الطبيعة “الساحرة” لمحافظة ريمة يتسلل إليها “الانتحار”

تقرير أعده لـ “يمن ديلي نيوز” / عارف الواقدي: من محافظة ريفية تخلو من كل مظاهر الجريمة، إلا جمال الطبيعة الساحرة التي تتمتع بها مناطقها وجبالها، تحولت مؤخراً إلى بيئة خصبة تغشاها أشكال من مظاهر الحزن، بعد انتحارات متزايدة في أوساط كثير من شبابها في ظل مأسي صعوبة المعيشة التي أوجدتها الحرب.
تتميز محافظة ريمة الواقعة وسط اليمن، بطبيعة جمالية خلابة، أضفت إلى حياة سكانها البساطة والألفة، وظلت بعيدة إلى حد ما عن تأثير الحرب المباشر عليها، إلا أنها انعكاساتها ألقت بظلالها على واقعهم المجتمعي، نتيجة الأوضاع المعيشية التي زاد من بؤسها ممارسات الافقار الشاملة التي يمارسها الحوثيون.
مؤخرا، وخلال الفترة من 11 فبراير/شباط وحتى 21 أبريل/نيسان 2023م أي خلال شهرين ونيف، شهدت ريمة (4) حالات انتحار، منها حالتين في مديرية السلفية لشابين، وحالة واحدة في مديرية الجعفرية لامرأة متزوجة، وأم لثلاثة أطفال، وحالة لشاب في مديرية بلاد الطعام، بحسب مصادر محلية لـ”يمن ديلي نيوز”.
جاءت اليمن الثالث عربيا في معدلات الانتحار بعد مصر والسودان، في معدلات الانتحار، وفق تقرير لمنظمة الصحة العالمية، في حين أكد البنك الدولي في دراسة نشرها موقعه أن معدل الانتحار بين السكان في اليمن عام 2019م وصل إلى 5.8 لكل 100 ألف نسمة.
ففي 21 أبريل/نيسان (ليلة عيد الفطر المبارك) عثر مواطنون في مديرية “السلفية” على مواطن في العقد الرابع من العمر، يدعى “عبدالله صالح مراد” مشنوقًا داخل منزله، في عزلة بني العبدي.
وطبقًا لمصادر محلية تحدثت لـ”يمن ديلي نيوز”، فإن “مراد” أصيب بحالة نفسية بسبب ضيق العيش وسوء الحالة المادية، في ظل قطع الحوثيين للمرتبات، واستحواذهم على مختلف موارد الدولة لصالحها الشخصي.
وأشارت المصادر إلى أن الضحية، أصيب باضطراب نفسي وطرد زوجته وأولاده من المنزل، قبل أن يعثر عليه أقاربه مشنوقًا في داخل منزله.
وجاءت حادثة الانتحار هذه، بعد أيام من عثور أهالي قرية الزنم التابعة لمديرية الجعفرية على امرأة انتحرت شنقًا في حادثة لاتزال مجرياتها غامضة حتى اللحظة، غير أن مصادر محلية أفادت “يمن ديلي نيوز” عن ضغوطات نفسية، ومعيشية هي السبب وراء حادثة الانتحار.
وفي 11 فبراير/شباط 2023 عثر سكان محليون في مديرية بلاد الطعام على جثة الشاب “فهد محمد حسن” مشنوقًا على فرع شجرة، في منطقة حبيل الهماس بعزلة بني شرعب، دون معرفة حيثيات الحادثة التي عُزيت إلى اضطرابات نفسية يعانيها الضحية.
وبحسب ناشطين في محافظة ريمة فإن الضحية يعاني منذ فترة من اضطرابات نفسية عميقة، بعد معاناة طويلة عاشها في ظل الظروف التي تمر بها البلاد نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها البلاد.
وكانت محافظة ريمة – وفق المصادر – شبه خالية من حوادث الانتحار، لكنها خلال الشهرين الأخيرين ظهرت بشكل لافت للانتباه.
الباحث الاجتماعي أحمد عفيف يتحدث لـ “يمن ديلي نيوز”: من أبرز أسباب الانتحار في اليمن الفقر، والبطالة، والعنف الأسري وعدم وجود أفق في الحياة لإصلاح الوضع الحاصل وضعف الوازع الديني.
وبحسب الباحث الاجتماعي أحمد عفيف، في حديث مع موقع “يمن ديلي نيوز”، فإن من أبرز أسباب الانتحار في اليمن هي الفقر، البطالة، العنف الأسري الناتج عن ضغوطات الحياة، وعدم وجود أفق في الحياة لإصلاح الوضع الحاصل، إضافة إلى الفشل في تحقيق العدالة لبعض الضحايا في قضايا عدة تتعلق بهم.
ولفت إلى أن العامل الاقتصادي المتردي يؤدي بالبعض إلى اتخاذ قرار الانتحار، إضافة إلى جانب ضعف الوازع الديني.. مؤكدًا أن تنامي هذه الظاهرة الخطيرة باليمن، يدق ناقوس الخطر، وهو الأمر الذي يستدعي – حسب عفيف – إلى إجراء دراسة لمعرفة الأسباب الأخرى والدوافع الأساسية التي أدت إلى ارتفاع حالة الانتحار بهذا الشكل المخيف.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية فإن يعد اليمن الثالث عربيًا بعد كل من مصر والسودان، في معدلات الانتحار، إذ يشهد نحو 2335 حالة انتحار خلال كل عام، بحسب آخر إحصائية لـ”منظمة الصحة العالمية” بشأن ظاهرة الانتحار في العالم، والتي أكدت توفر البيئة المُشجعة على الانتحار بدول الشرق الأوسط ومنها اليمن، بفعل الحروب والصراعات المتفاقمة.
ووفق موقع البنك الدولي، فقد وصل معدل الانتحار عام 2019م بين سكان اليمن إلى 5.8 لكل 100 ألف نسمة.
وبحسب الجنس يذكر تقرير منظمة الصحة العالمية الانتحار بين الذكور أعلى منه بين الإناث بمعدل 7 و 4.6 لكل 100 ألف للذكور والإناث على التوالي.
ووفقًا لتقديرات وأرقام حقوقية فقد بلغ عدد الوفيات المرتبطة بالانتحار في اليمن نحو 1699 حالة في العام 2020م، وهو ما يمثل 1.09 من إجمالي الوفيات بكافة أنحاء البلاد.
وبحسب دراسة بعنوان “ضرورة منع الانتحار في اليمن: تحديات وتوصيات– مراسلات” للباحثين طارق الأهدل ورمضان عبدالمعز فإن “هناك العديد من أسباب الانتحار في اليمن، لكن أزمة الحرب تؤثر بشكل مباشر على الصحة العقلية عند الأفراد”.
ومنذُ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 يواجه اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج معها قرابة الـ80% من السكان إلى المساعدة وذلك حسب موقع (رايلف ويب) التابع للأمم المتحدة (أغسطس/آب 2022) وهو ذلك الوضع الذي ألقى بظلاله على السكان الذين تقول تقارير أممية ان نحو 25% باتوا يعيشون مشاكل نفسية.