ملخص كتابالأخبار

كتاب ”فلسطين أرض الرسالات السماوية“ لروجيه غارودي.. تأصيل منهجي للحق الفلسطيني ودوافع الدعم الأمريكي لاسرائيل

استعرض الكتاب لـ ”يمن ديلي نيوز“ – عبدالله العطار: كتاب ”فلسطين أرض الرسالات السماوية“، في 388 صفحة، للكاتب والمفكر الفرنسي ”روجيه غارودي“، ترجمة قصي أتاسي، وميشيل واكيم.

جنسية الكاتب الغربية، كانت سببا في دراسة فلسطين دراسة دقيقة شاملة قائمة على المنهج العلمي الدقيق، وهذا ما سيتم سرده في هذا الاستعراض.

بدأ الكاتب بمدخل تحت عنوان ”ماذا تعني فلسطين؟“، عرف فيه فلسطين بأكثر من تعريف، ولكنه فضل تعريفها بأنها ”المنطقة التي خضعت للانتداب البريطاني 1932 – 1948م“، مشيرا إلى أن حضارة آلاف السنين اختصرت بـ ”أعوام قليلة بهدف طمس تاريخ فلسطين وإلغائه“.

ويضيف ”لقد عاشت فلسطين سنوات من العزلة بسبب مطامع الوافدين إليها، مع أنها امتدت على مدى أكثر من ثلاثة آلاف عام”.

وأكد الكاتب على 3 حقائق قال إنها ضرورية للانطلاق في دراسته لفلسطين، وتتمثل تلك الحقائق في:
• أنها عضو من كيان عضوي أوسع وأشمل وهو الهلال الخصيب.
• الوحدة التي جمعت دول الهلال الخصيب هي الثقافة الروحية التي تجمعها.
• وحدة الحضارة والعقيدة التي جمعت الدول كلها.

وبناء على تلك الحقائق الثلاث، فإن الحضارة نفسها هي التي دافعت عن فلسطين وما زالت إلى اليوم، وفقا للكاتب.

بدأت المقاومة الفلسطينية عام 1919 على يد الفلاحين لتبدأ مرحلة ثانية من ميلاد المقاومة الفلسطينية، تمثلت بمقاومة عز الدين القسام عام 1933، ثم حركة فتح وهي أول حركة وكانت في 1957م، ثم منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964م.

ثم بين الكاتب أن حضارة دول الهلال الخصيب قد أهملت لمدة ألف عام وهذا الإهمال كان سببه المزاعم ذات الصبغة الدينية المتمثلة بتبني الغرب المسيحية، وتصوير الامتياز اليهودي، مؤكدا أن من أهم المزاعم أن “التاريخ العبري هو النموذج الأمثل للدين، وأن المعجزة الإغريقية هي النموذج الأمثل للثقافة”.

في مبحث التمهيد، تحدث الكاتب عن فلسطين قبل التاريخ، وقد أثبت أنها كانت كيانا من وطن وشعب وثقافة، وهذا الكيان كما وضحه سابقا هو الهلال الخصيب الذي يضم سورية ولبنان والأردن وفلسطين وهذه الأرض التي هي فلسطين هي أرض كنعان التي وجدت قبل 3100 قبل الميلاد.

الحضارة الكنعانية

وضح الكاتب أن الحضارة الكنعانية، تشكلت قبل 3100 قبل الميلاد، وقد وجد 1700 لوحة في القر بسورية تثبت وتؤكد وجود الكنعانية قبل أن يدخلها اليهود.

ويؤكد أن الحضارة الكنعانية قد استوعبت المهاجرين إليها من كل منطقة، ومنهم العبرانيون، كما أسهمت إسهاما كبيرا في الحضارة وأعظم إسهام لها هو اختراع الأحرف الأبجدية.

ويضيف ”قد كانت الكنعانية في بدايتها تؤمن بتعدد الآلهة لكن مع الوقت فقد آمن الكنعانيون بالإله الواحد كما أمرهم بذلك الملك أخناتون، ومع هذا التوحيد إلا أن الكهنة لم يتوقفوا من استهداف الكنعانية وحاولوا مرارا إيجاد نوع من التميز العبري، وقد كان عهد يشوع مع الشعب هو السبب في ظهور العبرانيين”.

ولادة التوراة

لقد كان العبريون يعبدون (بعل) بسبب تأثرهم بالكنعانية، إلى أن ظهرت التوراة على أساس أنها أسفار داوود الخمسة، وأن هذه التوراة هي بقلم موسى عليه السلام، بحسب الكاتب.

وأورد المؤلف أربعة مصادر للتوراة، تمثلت في (اليهوي، الأيلوهيمي – نسبة إلى إيلوهيم – الاسترياع اتشيه، والكهنوتي).

تفسخ دولة العبريين

يواصل المؤلف سرده التاريخي، حيث قال إنه “بعد موت سليمان تفسخت دولة داوود مع أن هذه الدولة كانت قد بدأت بالانفصال في عهد سليمان لكنها بعد موته انقسمت إلى مملكتين: مملكة يهوذا في الجنوب، ومملكة إسرائيل في الشمال، ودارت بينهما نزاعات استمرت لسنوات”.

يقول الكاتب إنه كلما مر الوقت فإن إسرائيل تنفضح وتتعرى، واختتم الكتاب بأهم نصيحة وهي أن ”تاريخ المقاومة المشرق يعتمد على توحدها وفضح أكاذيب إسرائيل واستمرار الأحرار بالصمود والنضال”.

واستدرك بالقول “لكن الدولة الآشورية بعد ذلك اجتاحت اسرائيل وجعلتها تابعة لها، أما الملك (نبوخذ) فقد استولى على مملكة داوود بعد ذلك”.

الأنبياء العبريين

لقد كان أول الأنبياء العبريين هو النبي (عاموس) الذي تنبأ بالكارثة العسكرية التي ستحصل لإسرائيل وكذلك السبي الذي سيحصل لأبنائها، وكان آخر نبي هو (ملخيا) الذي فضح فساد الرسالة الكاذبة الخاصة ببني إسرائيل.

وذكر أن الأنبياء العبريون تعددوا، لكن جميعهم فضحوا عيوب قادة إسرائيل وخيانتهم للعهد الأول، ولا بد أن يكون المخلص من نسل داوود.

من النبوئية إلى اليهودية

عند العودة من المنفى قام (عزرا) (وتحميا) المتعاونان مع الملك الفارسي بإصلاح أحوال العبريين، وقتل (منسى) ملك يهوذا ، وابنه (جوزياس) صار راشدا، وحاول إقامة مملكة داوود ثانية مستغلا ضعف مصر آنذاك، لكن فرعون مصر قتله وصارت فلسطين تحت حكم مصر، لكن ملك بابل (نبوخذ نصر) سحق الفرعون واسترجع فلسطين.

وأشار الكاتب في سرده إلى أن ”عزرا ونحميا قضيا على مستقبل الازدهار الرائع لثقافة الأنبياء الروحية، وبتسليم جوزياس للسلطة وبدأت القرون المظلمة في تاريخ فلسطين، وبعدها تدهورت الأوضاع حتى صارت فلسطين تابعة لمملكة روما”.

ويضيف: ”ومن ثم فقد ظهر (هيردوس) الذي نجح في إقناع القيصر على تنصيبه ملكا فوافق على ذلك حينها بنى هيردوس أورشليم وازدهرت في عهده، وأعاد بناء الهيكل ولكنه بعد موته تقسمت مملكته ثانية وعاد إلى وضعها المنهار”.

فلسطين المسيحية

وفقا للكاتب، فقد ظهر يسوع مع يوحنا المعمدان الذي تنبأ أن ملكوت الله سيتنبأ به اليسوع، وكانت رسالة يسوع هي التي انتقلت من الإطار القومي إلى العالمية وقد كانت رسالته تعد نقضا لشريعة موسى.

وذكر أن “رسالة يسوع قامت على المحبة حب الله وحب البشر وكانت تعاليمه تحولا جذريا في فكرة الله”.

ظهرت المسيحية (بحسب روجية غارودي) في فلسطين كطائفة يهودية في فلسطين الرومانية في القرن الأول الميلادي، وبدأت مع ظهور يسوع، وراحت المسيحية المتشددة تتشكل وتنمو ولعل دير القديس سابا قرب القدس أشهر وأكبر مثال على هذا التطور الروحي المسيحي.

فلسطين المسلمة

قسم الكاتب والمفكر الفرنسي هذا المبحث إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: من القرن السابع حتى العاشر. حيث دخل المسلمون فلسطين عام 638 بسبب تعصب البيزنطيين وحكمهم ولكن المسلمين هزموهم في معركة اليرموك، وبعدها ظهر تسامح الأمويين مع الناس وبنيت قبة الصخرة حينها وعاشت فلسطين قرون السلام والازدهار، وبنيت أماكن التعليم وقد كانت أكاديمية طبريا التي مثلت إشعاعا ثقافيا آنذاك.

يتحدث المؤلف عن سياستين لإسرائيل داخلية وخارجية، تتمثل بتجريد الفلسطينيين من الأرض والتوسع ونشر العرقية، أما الخارجية فقد عمل الجيش الإسرائيلي على التكامل مع الجيش الأمريكي ويجربون كل أنواع الأسلحة على الفلسطينيين.

المرحلة الثانية: من القرن العاشر إلى القرن الثالث عشر. حيث أصيبت فلسطين في هذه المرحلة بثلاث نكبات وهي (البيزانطيين، السلاجقة، الصليبيين).

المرحلة الثالثة: من القرن الثالث عشر إلى القرن التاسع عشر. فقد مثلت السيطرة التركية على فلسطين وقد عاشت حينها حالة مأساوية مظلمة إلا في عهد سليمان القانوني فقد عاشت قليلا من الازدهار. كما يقول المؤلف.

فلسطين في مخيلة الغرب

قال الكاتب الفرنسي “غارودي”، إن الغرب حاولوا كثيرا في طمس تاريخ فلسطين، منذ العهد القديم وولادة الصهيونية المسيحية.

وقال إن العقيدة الأسطورية الصهيونية أدت دورا كبيرا في مخيلة الشعوب بأن اليهود هم شعب الله المختار وهم وحدهم من لهم الاصطفاء، وأن المسيح لن يعود إلا بعودة فلسطين إليهم، وقد دعمتهم أمريكا في ذلك وما زالت وهذا زاد من التمييز العنصري عند اليهود على غيرهم من الشعوب.

وتابع ”الشخص المسيحي الحق ينفي امتلاك الأرض وتميز اليهودي عن غيره، وأن المسيح واليسوع لم يربطا دعوتهم بامتلاك الأرض ،وأن تفسير التوراة وقراءتها على النحو المتعصب ما هو إلا ضرب من التجديف والجنون”.

ويشير إلى أنه وبعد أن كان اليهود طائفة حاول العرب أن يصبحوا أمة، واستوعبوهم بعد أن طردوا من كل بلدان العالم، لكن اليهود لا دين لهم ولا ملة فهم عاشوا يريدون التخلص من العرب، بل أنهم حاولوا التخلص من اليهودية الدينية وحولوا اليهودية من دين إلى نزعة عرقية تتناسب مع تمجيد القوة العسكرية ولذلك رفضوا الاندماج مع الآخرين لأنهم مفضلون عليهم واختفوا تحت قناع (العودة) لتغطية غزوهم الاستعماري.

واستدرك حديثه قائلا: “لكن المعارضة الدينية تتهم الصهيونية السياسية بأنها تضر باليهودية، وهذه الصهيونية السياسية قد ولدت على يد (تيودور هرتزل) عام 1904م“.

المؤلف أورد أسبابا كثيرة لنجاح الصهيونية السياسية، من أهمها “تفكك الامبراطورية العثمانية – الحرب العالمية الأولى – الحرب العالمية الثانية”.

وأضاف “هرتزل سعى إلى معاداة السامية وقد جعلها قوة دافعة لحركته واستغل مذابح هتلر ومقاتلة النازية ومعارضتها ورفض أي ملجأ غير فلسطين”، مبينا أن كل هذه الأمور كانت “سببا لنجاح حركة هرتزل ونجاح الصهيونية السياسية”.

تاريخ غزو

استخدم الغزو الصهيوني، بحسب ما ذكر المفكر الفرنسي في مؤلفه، “حججا دينية لغزو فلسطين ومن أهمها أنها أرض الميعاد، وهي هبة من الله، وقد مارسوا ما مارسه الصليبيون من تغيير للعقيدة وتحريفها وتشويهها”.

وصنف المؤلف الغزو الصهيوني بخمس أطروحات، تمثلت في:

1- اجتياح فلسطين ليس قضية تتصل بالعقيدة بل تتصل باستغلال القوة المحركة.
2- غزو فلسطين يستوجب نزعة قومية متعصبة شبيهة بالنزاعات القومية التي حصلت في القرن التاسع عشر.
3- اندماج الحركة الصهيونية بالاستعمار الغربي بحيث يكون غزو فلسطين مظهرا من مظاهر السياسة الاستعمارية الغربية.
4- الادعاء بأن فلسطين أرض الميعاد ما هو إلا حجة وشعار كاذب من أجل الاستعمار.
5- أهداف الغزو الاستعماري هي لحماية قوة كبرى والوسائل المستخدمة هي نفسها والهدف النهائي مازال سريا.

ولادة إسرائيل

عن ولادة دولة اسرائيل، ذكر المؤلف أن التقسيم للوطن العربي وسياسة الأمر الواقع كان سببا لوجود إسرائيل، إضافة إلى أن مجلس الأمن والجمعية العمومية منحت إسرائيل الحق في احتلال فلسطين؛ لأن أغلبية الأعضاء كانوا من اليهود وممن يدعمونهم، وأولهم رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الأمريكي.

وعن دور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وكيف ساهمت في ولادة فلسطين، قال المؤلف إن وجودهم وانتشارهم زاد في كل المجالات وخصوصا في الاقتصاد، ولذلك فإن أمريكا دعمت إسرائيل.

العقيدة الأسطورية الصهيونية أدت دورا كبيرا في مخيلة الشعوب بأن اليهود هم شعب الله المختار وأن المسيح لن يعود إلا بعودة فلسطين إليهم، وقد دعمتهم أمريكا في ذلك وما زالت وهذا زاد من التمييز العنصري عند اليهود على غيرهم من الشعوب.

ولفت إلى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل وصل في الستينيات إلى سبعة مليارات دولار، وما زالت حتى اليوم تدعمها لقتل العرب واحتلال فلسطين كلها.

ويشير إلى أن لدولة إسرائيل سياستان داخلية وخارجية، السياسة الداخلية تتمثل بتجريد الفلسطينيين من الأرض والتوسع وكذلك نشر العرقية، أما الخارجية فهم لا يؤمنون لا بقوانين ولا قرارات، ولا يحترمون المعاهدات، ولذلك فقد عمل الجيش الإسرائيلي على التكامل مع الجيش الأمريكي ويجربون كل أنواع الأسلحة على الفلسطينيين.

المقاومة الفلسطينية

حينما خالفت بريطانيا تعهداتها للعرب وأخلفت وعدها فإن العرب اغتاظوا وهذا كان أول سبب لميلاد المقاومة، وقد بدأت أول مقاومة في عام 1919م، وبدأت تتزايد، حيث بدأت على يد الفلاحين، وفقا للكاتب.

وبين المؤلف أن المرحلة الثانية من ميلاد المقاومة، تمثلت بمقاومة عز الدين القسام عام 1933، ثم حركة فتح وهي أول حركة وكانت في 1957م، ثم منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964م، وهكذا تولدت المقاومة الفلسطينية وتوسعت حتى الآن.

يقول الكاتب أنه كلما مر الوقت فإن إسرائيل تنفضح وتتعرى، واختتم الكتاب بأهم نصيحة وهي أن ”تاريخ المقاومة المشرق يعتمد على توحدها وفضح أكاذيب إسرائيل واستمرار الأحرار بالصمود والنضال”.

خاتمة:

لقد كان هذا الكتاب بمنزلة فيلم سينمائي صور تاريخ فلسطين بدقة متناهية وأظهرها كما هي في الواقع، وفضح كل مؤامرات الغرب واليهود على دولة فلسطين، وكيف يسعون إلى طمس تاريخها وحضارتها، وهو من الكتب المهمة التي يجب أن تنشر على مستوى واسع ليدرك الجميع حقيقة اليهود وفكرهم الاستعماري.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى