تفجير المنازل .. جريمة الحرب “المنسية” التي غابت عن الحقوقيين فتصدرتها خديجة

مقتبسات :
– نتابع بألم واهتمام عمليات تفجير منازل اليمنيين باستمرار من قبل الحوثيين.
– جرائم تفجير المنازل دخيلة على المجتمع اليمني، ولم تعرف سوى في حكم الإمامة.
– الحوثي بتفجيره للمنازل يوصل رسالة بأن السلام لا يعنيه، وأنه ليس مستعدا له.
حوار / أمة الغفور السريحي : حتى الآن لم تأخذ جريمة تفجير منازل الخصوم من قبل جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، حقها في الاهتمام، سواء من قبل الجهات المعنية في الحكومة، أو المنظمات العاملة في المجال الحقوقي، باستثناء بضعة سطور ترد في التقارير السنوية لبعض المنظمات الحقوقية.
وتصنف هذه الجريمة ضمن “جرائم الحرب”، وترتكبها جماعة الحوثي منذ ماقبل سيطرتها على العاصمة صنعاء وإسقاط الدولة، وواصلت الجماعة سياستها في تفجير المنازل رغم ادعائها أنها باتت تمثل الدولة التي تجرم قوانينها تفجير المنازل.
حتى مارس الماضي فجر الحوثيون ستون منزلا في مأرب، رغم الوعود التي قطعتها قيادات الجماعة بالتخلي عن لغة الانتقام وانتهاج لغة التعايش قبل سقوط تلك المديريات، وبهذا يرتفع عدد المنازل التي تم تفجيرها منذ سبتمبر 2014 إلى أكثر من 950 منزل.
أمام هذه الجريمة “المنسية” التي يعاني ضحاياها التشرد والنزوح، ثمة جهود تبذل للفت الانتباه لهذه الجريمة في إطارها الحقوقي، تقف وراءها حقوقية جندت نفسها مع آخرات لتبني هذه القضية وأخذت على عاتقها إشهار هيئة مدنية لضحايا تفجير المنازل في يوليو من العام 2019م.
تتخذ الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل من مأرب مقرا لها، وتنفذ أنشطتها بجهود ذاتية، وفق مديريتها التنفيذية خديجة علي التي حاورها “يمن ديلي نيوز”، وتعمل على التعريف بهذه الجريمة، وتوثيق جرائم تفجير المنازل وتمكين المتضررين من الحصول على التعويض المادي والمعنوي.
إلى ماسبق تجيب خديجة علي، على جملة من الأسئلة المتعلقة بدوافع الحوثيين لتفجير المنازل، وأين تصنفها القوانين الدولية والإنسانية، وما هو المطلوب من ضحايا تفجير المنازل، والجهات الحكومية والمنظمات الحقوقية، وعدد من الأسئلة الأخرى.
لا سلام
تقول خديجة “إنها “تتابع بألم واهتمام عمليات تفجير منازل اليمنيين باستمرار من قبل جماعة الحوثي الإرهابية، وآخرها تفجير منازل المدنيين في قرية الزور بمديرية صرواح غرب محافظة مارب”.
وتابعت: “الحوثي بتفجيره للمنازل يوصل رسالة بأن السلام لا يعنيه، وأنه ليس مستعدا للسلام، كما يوصل رسالة لليمنيين بأنه كل ما سيطر على شبر من الأراضي اليمنية أمعن في تعذيب أهلها”. مؤكدة أن الهيئة تتابع وترصد وتوثق هذه الجرائم وتسعى لحصول الضحايا على التعويض العادل.
وعن إحصائيات تفجير المنازل، قالت الحقوقية خديجة علي، إن الهيئة تمكنت من رصد وتوثيق ضلوع جماعة الحوثي في تفجير أكثر من 900 منزل في مختلف المحافظات.
وأضافت: وجدنا من خلال الرصد الميداني أعدادًا كبيرة من المنازل نهبها الحوثيون وأحرقوها أو صادروها ففي أمانة العاصمة وحدها أكثر من 500 منزل تم نهبه ومصادرته، و20 منزل في الحديدة. وفي مأرب، قالت إن الهيئة وثّقت تفجير 60 منزلاً منها 50 منزلاً في مديرية صرواح.
ثقافة متوارثة
خديجة علي تحدثت ل “يمن ديلي نيوز” عن دوافع الحوثيين لتفجير منازل المدنيين، مؤكدة “تفجير منازل الخصوم ثقافة متأصّلة في جماعة الحوثي ورثتها عن أسلافها وعقيدة تدّرسها لأتباعها، وعندما تسيطر على قرية أو مدينة تعمد إلى تفجير منازل خصومها ومن يختلفون معها سياسياً أو فكرياً”.
وقالت إن هذه الجرائم دخيلة على المجتمع اليمني، ولم تعرف سوى في حكم الإمامة البائد الذي أسقطه اليمنيون خلال ثورة 26 سبتمبر 1962، فلقد كان الإمام يفجر منازل خصومه، ويأتي الحوثيون على هذا النهج الإرهابي”.
التوصيف القانوني
وأشارت إلى التوصيف القانوني لهذه الجرائم، وقالت إن تفجير المنازل في القانون الدولي الإنساني على أنها جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، ولا تسقط بالتقادم.
وأوضحت أن الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل، تقوم برصد وتوثيق هذه الجرائم وتقديم ملفاتها للمحاكم المحلية والدولية، كما تسعى لتمكين الضحايا من الحصول على التعويض العادل، وإدراج قضيّتهم ضمن أجندات السلام وبرنامج إعادة الإعمار عقب إنهاء الحرب.
وتهدف الهيئة المدنية، وفق مديرتها التنفيذية خديجة علي، إلى الضغط من أجل “إصدار قوانين تجرّم تفجير المنازل وإنزال أقصى العقوبات بحق من يرتكب هذه الجريمة المهددة للحياة والاستقرار”.
ولفتت إلى أن “الدستور اليمني يحرم ويجرم تفجير المنازل، إلا أن جماعة الحوثي لا تعترف بالدستور اليمني ولا بالعهود والمواثيق الدولية، فهي مليشيا إرهابية تسعى لحكم الناس بالقوة، وحتى اتفاقية جنيف تنص على تجريم تفجير المنازل أو تفتيشها بدون إذن نيابي، إلا أن “هذه جماعة فاشية لا تعترف بالعهود والمواثيق”.
الدور الحقوقي
وتطرقت في حوارها مع “يمن ديلي نيوز” إلى دور الهيئة في مواجهة جرائم تفجير المنازل والوقوف مع الضحايا، وقالت: يقتصر دور الهيئة على رصد وتوثيق هذه الجرائم وتقديم الدعم النفسي للضحايا وبعض المواد الإغاثية والمبالغ المالية البسيطة بالتعاون مع بعض الداعمين والمنظمات.
وأوضحت أن الهيئة جهة حقوقية غير حكومية، وليست منظمة تنموية أو إغاثية، وتحاول الوقوف إلى جانب هذه الفئة من الضحايا الذين تمارس جماعة الحوثيين ضدهم أبشع الجرائم، والمتمثّلة بتفجير منازلهم وتهجيرهم من قراهم وعزلهم.
وقالت خديجة علي إن “جماعة الحوثي تعتقد أنها ستُفلت من العقاب ولهذا تمعن في ارتكاب أبشع الجرائم بحق المواطنين، وهنا تكمن أهمية ودور المنظمات الحقوقية في رصد وتوثيق هذه الجرائم من أجل تقديم مرتكبيها للمحاكمة والمحاسبة”.
خديجة علي طالبت الحكومة والمنظمات الحقوقية بالتعاون مع الهيئة في مواجهة هذا النوع من الجرائم ومحاسبة المجرمين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب”.
ودعت ضحايا تفجير المنازل، للتعاون مع راصدي الهيئة والتواصل معها لتوثيق الجرائم التي تعرّضوا لها.. شاكرة كافة الأهالي الذين بادروا بالتواصل مع الهيئة لتوثيق الجرائم التي تعرّضوا لها والمطالبة بحقوقهم والسعي للحصول على التعويض وجبر الضرر.
وخديجة علي إحدى الناشطات العاملات في الجانب الحقوقي، ووفق ما تؤكده فقد دفعها لتبني قضية الدفاع عن ضحايا تفجير المنازل هي الأوضاع التي يعيشونها في التشرد والنزوح، جراء فقدان منازلهم، بعد أن قام الحوثيون بتفجيرها، وفي ظل غياب النشاط الحقوقي الذي يتبنى هذه القضية التي تمثل جريمة حرب، واقتصار النشاط الحقوقي على أخبار هنا وهناك ورصد بسيط ضمن تقارير حقوقية شاملة.