
أجرى اللقاءات لـ”يمن ديلي نيوز” – إسحاق الحميري: في كلمة متلفزة له الخميس الماضي 18 إبريل/نيسان، أقر زعيم جماعة الحوثي المصنفة إرهابية “عبدالملك الحوثي” بمشاركة جماعته في الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الجاري.
وقال “الحوثي” إن الهجوم الإيراني الذي شارك فيه “المحور” في إشارة إلى الكيانات التابعة لإيران في العراق واليمن ولبنان، “مثل فرصة مهمة لاستهداف العدو الإسرائيلي”.
وأطلقت إيران، مطلع الأسبوع الماضي، أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ على إسرائيل ردا على ضربة جوية استهدفت قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، واتهمت إسرائيل بالمسؤولية عنها.
يجمع باحثون سياسيون وعسكريين تحدثوا لـ”يمن ديلي نيوز” على تبعية جماعة الحوثي لإيران منذ نشأتها وأن إقرار زعيم الحوثيين بالمشاركة في الرد الإيراني يأتي في سياق تعريف المعرف، إلا أنهم اعتبروا المشاركة تأكيدا على أن الجماعة تنطلق في كل تحركاتها لحماية والدفاع عن المصالح الإيرانية وتنفيذ أجندتها في المنطقة.
تفسير واحد
يقول الخبير العسكري العميد “محمد الكميم” إن “مشاركة الحوثيين في الرد الإيراني على إسرائيل له تفسير واحد هو أن هذه الحركة أنشئت لتحقيق المصالح الإيرانية، وتستخدمها إيران لتحقيق مصالحها، حتى إذا استدعى الأمر إشراكها في الدفاع عن إيران وقصف أعداء إيران”.
وقال لـ”يمن ديلي نيوز”: “اعتراف زعيم الحوثيين بالمشاركة في الرد الإيراني على إسرائيل إثبات أن الحوثي مشروع إيراني بتبعية مطلقة، لا علاقة له باليمن ولا بالمشروع اليمني على الإطلاق”.
وذكر أن مشاركة الحوثيين في الرد الإيراني ينسحب على الهجمات التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر، وأن هذه الهجمات “ليست لأجل غزة على الإطلاق، وإنما تنفيذا لأجندة إيران في المنطقة”.
وقال: “هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خدمت إيران وأظهرت أن إيران أصبحت ذات نفوذ إقليمي في المنطقة، لذلك الحوثي هو أحد الأذرع الإيرانية التي تعمل بغباء كبير جداً بعيداً عن مصالح الشعب اليمني”.

وتحدث “الكميم” عن تبعات وصفها بالخطيرة للتبعية الحوثية المطلقة للمشروع الإيراني الخطير في المنطقة. وقال: “عندما يرتبط مشروع ما بدولة كإيران لها مشاريع وأجندات مفتعلة لتصدير ثقافتها ومشروعها، فإنه خطر على تلك الدول”.
ومن مؤشرات خطورة التبعية الحوثية لإيران – طبقا للكميم – “تمزق النسيج المجتمعي، وتفتيت اليمن، رغم تعايش اليمنيين لعقود طويلة، وهذا يعني أن هناك خطورة كبيرة على اليمن بسبب هذه التبعية المطلقة لإيران، التي لا تخدم سوى مشروع إيران فقط”.
وأوضح أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والهجمات التي نفذتها الأذرع الإيرانية الأخرى في العراق ولبنان وإن كانت ضمن قواعد اشتباك محدودة تحت لافتة غزة، لم تخدم غزة بقدر ما أثبتت إيران من خلالها نفوذها الإقليمي في المنطقة، وأنها قادرة على نقل المعركة من مضيق هرمز إلى البحر الاحمر، وهو ما يمثل خطورة على اليمن واليمنيين.
إعلان تبعية
بدوره، اعتبر نائب رئيس مركز البحر الاحمر للدراسات، حسين الصادر، إعلان الحوثيين مشاركتهم في الرد الإيراني “إعلان التبعية والولاء لإيران وهذا ليس جديد ولا غريب، كون الحوثي أحد الاذرع الإيرانية في المنطقة”.
وتساءل “الصادر” في حديثه لـ“يمن ديلي نيوز” بالقول: “ما هي المساهمة الحوثية الفاعلة في إعلان المشاركة في الرد الايراني غير الدعاية لطهران والولاء لها؟..”، مضيفا: “وهذا هو الهدف من الاعلان عن مشاركتهم”.
وقال: “يمكن توصيف العلاقة الإيرانية بالحوثيين أنها علاقة تبعية.. بمعنى أدق أن الحوثي هو تابع أو هو ذراع إيراني وهو يؤكد هذا من خلال إعلانه وتأييده لكل ما تفعله إيران وإعلان مشاركته في العملية الإيرانية ضد إسرائيل”.
وتحدث “الصادر” عن “مخاطر كبيرة” لتبعية الحوثي لإيران، والتي قال إنها “تحول اليمن إلى ساحة تصفية الحسابات في أي حرب إقليمية قادمة، وهذا سوف يعرض السلام المنشود لمخاطر كبيرة ويؤجل عملية السلام بشكل كبير، ويضاعف معاناة الشعب اليمني”.
تعقيد التسوية السياسية
ويتفق الباحث السياسي، الدكتور عادل دشيلة، مع ما ذهب إليه “الصادر” في أن “استمرار جماعة الحوثي في تبعيتها لإيران يعقد من الوصول إلى تسوية سياسية عادلة وشاملة بين المكونات اليمنية”.
وقال: “لا أحد ينكر واعتبر تبعية الحوثيين لإيران، إلا أنه يرى أن أولى نتائج هذه التبعية تتمثل في عدم التوصل لاتفاق مع جماعة الحوثي نظرا لأنها تنطلق من تحقيق المصالح الإيرانية أولا”.
وأضاف “دشيلة” لـ”يمن ديلي نيوز”: “تبعية الحوثيين لإيران تجعل الأمل في عقد اتفاق معهم وفق المصالح المشتركة أو وفق القواسم المشتركة باعتبارها جزءا من النسيج المجتمعي اليمني أصبح صعبا في الوقت الراهن”.
وذهب الدكتور “دشيلة” لاستدعاء الوضع اللبناني كمثال على فشل تحقيق أي تقارب بين حزب الله التابع لإيران والقوى اللبنانية، متسائلا: “ماذا استفادت القوى اللبنانية من الشراكة مع حزب الله سوى تفكك الدولة ونشأت المذهبية التي طغت على الدولة الوطنية، واليمن يمشي في نفس الطريق، إذا لم يتم تدارك الأمر قبل فوات الأوان”.
وأردف: “ولهذا الوضع معقد وعملية السلام معقدة والحديث عن التسوية السياسية في ظل هذه الصراعات الاقليمية أصبح أكثر تعقيد من أي وقت مضى”.
واستبعد “دشيلة” احتكام جماعة الحوثي لصوت العقل والمنطق، والذهاب إلى تسوية عادلة وشاملة، معللا ذلك بأنها – أي جماعة الحوثي – “لا تمتلك القرار السياسي، فهي مرتبطة بإيران، وأي تسوية سياسية قادمة ستعرض مصالح إيران للخطر سترفضها جماعة الحوثي”.
وذكر أن تبعية الحوثيين لإيران “ليست جديدة، فإيران هي من دعمتهم منذ اليوم الأول واعترفت بهم دبلوماسيا وسلمت لهم سفارة الجمهورية اليمنية في طهران، ولا أحد يستطيع أن ينكر أو يتجاوز هذه العلاقة”.
واعتبر الدكتور عادل دشيلة مشاركة الحوثيين في الرد الإيراني “دليلا على أن مهاجمة الحوثيين للسفن في البحر الأحمر، لم يكن من منطلق قومي وعقائدي ودفاعا عن المظلومين في فلسطين، وإنما اندفعت وفقا لأجندات القوى التي تحرك هذه الجماعة”.
وأشار إلى جملة مخاطر أخرى لتبعية الحوثيين لإيران، منها “تحول هذه الجماعة إلى خطر ليس على الأمن والسلم الدوليين فقط، ولكن حتى على مصالح اليمنيين، لأنه بات ينظر إلى اليمن على أنه مصدر تهديد في المنطقة”. حد تعبيره.
تجاوز حرب غزة
في السياق، قالت لباحثة في مركز صنعاء للدراسات، ميساء شجاع الدين، إن “الحوثيين يعتبرون إيران قائدة محور المقاومة، ضمن مفهوم محور المقاومة الذي لا يعطي تمييز ما بين الساحات المختلفة ضمن مفهوم وحدة الساحات”.
وأضافت “شجاع الدين” في حديث لـ”يمن ديلي نيوز”: “بالنسبة لوجود الحوثي مع إيران أو دفاعه عنها أو انخراطه في المعركة الحالية والمعنية بها إيران وليس غزة، يشير إلى أن علاقة ودور الحوثي الإقليمي كان ضمن محور المقاومة وليس كيان منفصل، وهذه نقطة جوهرية في فهم تحركاتهم”.
وتحدثت عن تبعات للتبعية الحوثية لإيران مرتبطة بمدى استمرار الصراع الإقليمي”، مشيرة إلى أن هناك “مخاوف من أن تتجاوز هجمات البحر الأحمر حرب غزة، وارتباطها بأي تصعيد مع محور المقاومة مستقبلا”.
ومنذ 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تنفذ جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر، يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، ردا على عدوانها وحصارها لقطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وألحقت هجمات الحوثيين في البحرين الأحمر والعربي، أضرارا كبيرة بالاقتصاد بمعظم الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخاصة مصر، كما أعاقت حركة الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي يمر عبرها 12% من التجارة العالمية، وتسببت بمضاعفة كلفة النقل.


