بين مدينة تعز المحاصرة وضواحيها.. زيارات الأرحام في العيد لمن استطاع إليها سبيلا

تقرير أعده لـ”يمن ديلي نيوز” – نسيم الشرعبي: مع حلول عيدي الفطر والأضحى تستنفر الأسر اليمنية نفسها لزيارة الأهل والأقارب وخاصة الأرحام والقريبات اللائي انتقلن مع أزواجهن إلى مناطق بعيدة عن مسكن أسرهن الأول، الأمر الذي يضاعف من تكاليف التزاور والتي تعتبر من الضروريات العيدية.
قد يبدو الأمر طبيعيا لغالبية اليمنيين الذين اعتادوا منذ نعومة أظفارهم على شد الرحال سفرا على الأقل عيد واحد في العام لزيارة أرحامهم، لكن الأمر يختلف اليوم بالنسبة للساكنين مدينة تعز التي يخضع سكانها لحصار تفرضه جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا منذ 9 سنوات.
ففي العام 2015 فرض الحوثيون حصارا مطبقا على المدينة بعد فشلهم في اجتياحها وتمكن الجيش والمقاومة دحر مسلحي الجماعة إلى أطرافها، حيث أغلق الحوثيون الطرق الرئيسية بين المدينة وضواحيها، ما قطع أوصالها وباعد أسفارها حتى لم يعد بإمكان القريب وصل قريبه.
يؤكد سكان محليون تحدثوا في هذا التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” أن الوصول إلى منطقة الحوبان الواقعة ضمن ضواحي مدينة تعز لزيارة الأقارب والأرحام بات يتطلب شد الرحال والاستعداد الكامل للسفر.
ووفقا للسكان فإن الوقت قبل سيطرة الحوثيين كان يستغرق ربع إلى ثلث ساعة للمتنقل بين مدينة تعز والحوبان لكنه اليوم أكثر من 8 ساعات ذهابا وإيابا، أما رسوم التنقل فارتفعت من 400 ريال إلى 40 ألف ريال في الذهاب والإياب.
والحوبان هي البوابة الشرقية لمدينة تعز وعبرها يمر الشريان الرئيسي الذي يصل مدينة تعز باليمن وخاصة المحافظات الشمالية وعلى رأسها العاصمة صنعاء، لكنها منذ العام 2015 باتت ضمن نطاق سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا.
وفور إحكام الحوثيين سيطرتهم على الحوبان بادروا لإغلاق الطريق كليا أمام المسافرين وناقلات الشحن وفرضوا حصارا مطبقا على المدينة وأجبروا مواطني المحافظة على سلوك طرق طويلة ووعرة، أرهقت المواطن التعزي وفرضت عليه أعباء لاطائل لها.
من 400 إلى 40 ألف
ورغم المآسي الكثيرة والمتعددة الناجمة عن إغلاق الطريق، تعد صلة الأرحام واحدة من المآسي التي خلفها إغلاق الطريق بين مدينة تعز والحوبان.
وفي السياق يروي يوسف الدميني (30 عاماً) أحد سكان مدينة تعز ويعمل في حقل التعليم، معاناته في زيارة أقاربه المقيمين في منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، حيث أنه وبسبب قطع الطرقات أصبح لايرى أهله إلا في الأعياد.
يقول يروي لـ”يمن ديلي نيوز”: في آخر زيارة العام الماضي عانيت كثير، بدل ماكان يحتاج الأمر مني 400 ريال سيرة وجيه خلال ربع ساعة أصبح الأمر يحتاج مني السفر لمدة 4 ساعات أقل تقدير ذهاب و 4 ساعات عودة.
ويضيف: الطريق البديل تمر على منطقة الأقروض والدمنة وعدد من سلاسل الجبال الخطيرة للوصول إلى منطقة الحوبان بعد أن كانت تأخذ 15 دقيقة سابقاً.
ويتحدث الدميني عن معاناة أخرى تعود لقيام النقاط المتعددة والكثيرة للحوثيين بممارسات وصفها لا إنسانية بحق معظم المسافرين أثناء التفتيش، وكل تلك الممارسات جعلت صلة أرحامه مشقة لا تطاق.
ويشير “يوسف الدميني” إلى أنه كان يسكن في منطقة صالة قبل أن يتعرض منزله للقصف من قبل الحوثيين – كما يقول – فانتقل هو إلى مدينة تعز بحكم عمله معلم في أحد المدارس، بينما انتقل أقاربه إلى منطقة الحوبان
وفيما يتعلق بتكاليف السفر يقول الدميني: “أصبحت أحتاج إلى مبالغ كبيرة إذا قررت زيارة أهلي في الحوبان، فتكاليف المواصلات إلى هناك لا تقل عن 20 الف ريال، وأيضاً نفس الشيء خلال العودة، والذي يزيد من معاناتي أنا والكثير من المسافرين هو فارق سعر العملة في المناطق التابعة للحوثي وعدم قبول التعامل بعملتنا الجديدة هناك”.
وفي حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” يطالب “يوسف الدميني” جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا بفتح الطرقات ونزع الألغام التي زرعوها في تلك الطرق والتعامل مع هذا الوضع بإنسانية نظراً للمعاناة التي يعانيها المواطنين بالسفر لساعات طويلة عبر طريق وعره وخطيرة جداً.
وقال: “يجب أن لاتنسى تلك الجماعة بأن قطع الطريق عمل غير إنساني ويتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامي الذي حرم قطع الطريق”.
الهاتف بديلا
وفيما البعض يتجشم عناء السفر لزيارة أرحامه إما في مدينة تعز أو الحوبان، لجأ الكثير إلى الهاتف باعتباره أقرب وسيلة تواصل يمكن من خلاله إيصال السلام للأهل والأقارب.
محمد خالد الشرعبي (32 عاماً) أحد مواطني مدينة تعز وأب لبنت وولدين، ويقطن والده ووالدته في مديرية شرعب الرونة الخاضعة لسيطرة الحوثيين يؤكد لـ”يمن ديلي نيوز” إنه لم يتمكن من زيارتهما منذ 5 سنوات، ويقتصر التواصل معهم على الاتصال الهاتفي.
يقول: “مرت عليا خمس سنوات منذ آخر زيارة لأهلي المقيمين في مديرية شرعب الرونة وأنا هنا في المدينة أسكن مع زوجتي وأطفالي ولايوجد لدي أحد من أقاربي هنا، واتخذت طريقة الاتصال الهاتفي كحل بديل لصلة رحمي.
يعيد السبب لعدم قدرته على زيارة أهله في شرعب إلى قطع الطرق الرئيسية واتخاذ طرق جبلية وعرة يصعب عليه السفر منها هو وعائلته، فضلا عن أن والديه كبيرين في السن ولايستطيعون تحمل وعورة الطريق للقدوم إلى مدينة تعز بسبب مشقة الطريق ووضعهم الصحي المتعب.
وأكد “محمد خالد” أنه ليس الشخص الوحيد الذي يعاني من تلك من قطع الطرق أمام الأهالي، بل كافة المواطنين يعانون من هذا الفعل ومحرومون من زيارة أهلهم وأقاربهم المقيمين خارج أسوار المدينة.
وفي آخر حديثه طالب محمد خالد الشرعبي المنظمات الدولية والإنسانية بالنظر إلى ما يعاني منه أهالي مدينة تعز، والضغط على جماعة الحوثي بفتح الطرق الرئيسية والتوقف عن تلك الممارسات الغير أخلاقية التي لادين لها وتنتهك حقوق الإنسان.
وتفرض جماعة الحوثي المصنفة إرهابيًا حصارًا خانقًا على مدينة تعز التي تضم أكثر من مليوني نسمة منذُ ثمان سنوات، وسط تنديد دولي واسع بالحصار.
ومنذُ العام 2018 يرفض الحوثيون تنفيذ الالتزامات التي وقعوا عليها في اتفاق “ستوكهولم”، مع الحكومة اليمنية، والذي تضمن رفع الحصار عن تعز، في حين نفذت الحكومة اليمنية والتحالف التزاماتهم بما يخص فتح الموانئ وتخفيف القيود عن مطار صنعاء.



