“يا نفس ما تشتهي”.. طقوس يمنية بآخر يوم من شعبان تعود لقرون.. ما قصتها؟

أعد المادة لـ”يمن ديلي نيوز” – عدنان الشهاب: لدى الكثير من اليمنيين فإن اليوم الأخير من شهر شعبان يشبه اليوم المفتوح، والذي يقومون خلاله بتناول الأطعمة والأشربة التي تشتهيها النفس قبيل دخول شهر رمضان المبارك.
وفي هذا اليوم يردد كثيرون عبارة “يا نفس ما تشتهي” وتتزاحم العوائل أمام المطاعم لتناول غداء آخر يوم من شعبان كأحد طقوس المجتمع في استقبال الشهر الفضيل خاصة في العاصمة صنعاء.
لايعرف الكثير ممن دأبوا على عادة “يانفس ما تشتهي” بدايات هذه العادة، وكثير من المواطنين الذين سألهم “يمن ديلي نيوز” يرون فيه فرصة لاستغلال اليوم الأخير من شعبان بالأكل والشرب قبل حلول الصيام.
وفقا لمفتي اليمن الراحل القاضي “محمد بن إسماعيل العمراني” فإن هذه العادة لها بعد آخر على علاقة بالصراع المذهبي في اليمن بين الهادوية “المغالية” وبعض المتعصبين من المذاهب السنية في اليمن.
ففي رد على تساؤلات أحد السائلين له عن قصة “يانفس ما تشتهي” يقول القاضي العمراني إن بدايتها يعود إلى أيام انتشار الهادوية في صنعاء، وانتشار صيام يوم الشك بين المتعصبين من اتباع المذهب وانتشار هذه العادة بين عوام الناس.
والهادوية نسبة إلى يحيى الرسي الذي أطلق على نفسه إسم الهادي، وانشق عن الدولة العباسية وتنقل باحثًا عن السلطة في أماكن عدة بينها طبرستان جنوب بحر قزوين، واستقر به المطاف في محافظة صعدة شمال اليمن في العام (245 ـ 298 هـ).
وعرف الرسي بغلوه وتشدده وقاد عشرات الحروب القائمة على أسس مذهبية حارب فيها “أهل السنة” وفرض نفسه إماما للمناطق التي سيطر عليها بالقوة وفق ما تقول المصادر التاريخية.
يقول القاضي العمراني في رد على السؤال حول بدايات ظهور عادة “يانفس ما تشتهي”: “كان متعصبو المذهب الهادوي يصومون يوم الشك احتياطاً وهو صيام منهي عنه عند علماء الجمهور”.
وأضاف: قام بعض المتعصبين من المذاهب السنية بالرد عليهم بطريقة مشابهة، عبر المبالغة في إظهار الإفطار في ذلك اليوم، أكلًا وشربًا، في الأسواق والبيوت والمساجد، كنوع من دعوة الناس إلى الإفطار.
ويضيف العمراني: بعد ذلك استمرت كعادة يمارسها اليمنيون لكنها انحسرت إلى شهوة الأكل والشرب قبل دخول شهر الصيام، وفرح بها بعض التجار فصرح بها في كل حاضر وباد”.
يذكر أن عادة “يانفس ماتشتهي” لا زالت متوارثة حتى اليوم، واتسع نطاق انتشارها في معظم الجغرافيا اليمنية ولم تعد مقتصرة على المناطق التي كانت تشهد جدلا ومواجهات عقائدية بين أتباع المذهب الهادوي ومخالفيهم من اليمنيين السنة.
وعلى الرغم من مرور قرون من الزمن من بداية قصة “يا نفس ما تشتهي” إلا أن تلك العادة ترسخت في موروث اليمنيين وطقوسهم في استقبال رمضان.
وخلال السنوات الماضية أدت الحرب الناجمة عن اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في 2014 إلى تلاشي بعض طقوس استقبال رمضان بسبب تردي أوضاعهم المادية وتوقيف الحوثيين لصرف المرتبات منذ العام 2016.



