
قصة صحفية أعدها لـ”يمن ديلي نيوز” – عدنان الشهاب: لأول مرة في القضاء على مستوى اليمن تتعامل المحكمة الابتدائية في المنطقة العسكرية الثالثة، إلكترونيا، ابتداء من تقديم الدعوى، والترافع وصولا إلى الجلسة الأخيرة وصدور الحكم وتسليم نسخ منه للمتخاصمين.
منذ مطلع سبتمبر الماضي ألزم رئيس المحكمة القاضي، “عقيل تاج الدين”، ومقرها مدينة مأرب، الأطراف بالتعامل إلكترونيا أمام المحكمة، ابتداء من تقديم الدعوى والمرافعات وكتابة المحاضر، كمبادرة شخصية في محاولة منه لـ “حوسبة القضاء” كما يقول.
يأمل القاضي عقيل، أن ترى مبادرته النور وأن تعمم على كل المحاكم والنيابات في القضاء العسكري والمدني، ابتداء من مأرب وبعدها في كل محافظات الجمهورية.
يلخص القاضي عقيل في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” أبرز مشاكل القضاء وعرقلة تسليم الأحكام في ما يسمى “التحصيل” ويقصد به “كتابة الأحكام وما يبرز منها من ثغرات فساد مالي شوهت سمعة المحاكم والقضاء وتأخير استلام الأطراف للأحكام.
تلك المشكلة دفعت القاضي عقيل تاج الدين إلى التفكير بإيجاد حل لها يتمثل في حوسبة القضاء، ولتكن المحكمة التي يرأسها نواة للفكرة التي يحلم بها، لإنهاء معاناة الجميع.
طبقا للقاضي “عقيل”: تهدف المبادرة إلى تحويل العمل في المحاكم إلى الطريقة الالكترونية ابتداء من تقديم الدعوى والمرافعات والمحاضر وكتابة الأحكام والمراسلات وتدوين البيانات الإلكترونية في المحاضر لكل من يتم الاستماع لأقوالهم من مدعين ومدعى عليهم وشهود لسهولة التواصل معهم لاحقا، ما يمكن للقاضي وأطراف النزاع من سهولة الرجوع إلى محاضر الجلسات وملف القضية أثناء التقاضي.
كما تهدف المبادرة إلى أرشفة القضايا ومن ضمنها القضايا القديمة، والأحكام وغيرها من سجلات المحاكم.
لا تقتصر فائدة “الحوسبة – كما يقول القاضي عقيل – على القضاة وموظفي المحكمة بل تعم فائدتها المتخاصمين بحيث يتم إعلان مواعيد الجلسات والتكاليف والأوامر للمتخاصمين وسرعة تسليم نسخ الأحكام والأوراق الأخرى.
كما يتمكن الخصوم من مشاهدة المرافعات أمامهم على شاشة قاعة المحكمة وإدخال كل ما يقدمون من عرائض إلكترونيا ضمن المحاضر في نفس الجلسة مما يضمن سلامة التحصيل.
ستوفر “الحوسبة”، بحسب القاضي عقيل، الوقت للكُتاب والخُصوم معا، إضافة إلى تنظيم كل أنشطة المحكمة الادارية والقضائية الكترونيا، بما لا يتعارض مع القانون والأنظمة المعمول بها وسهولة الرجوع إليها وقت الحاجة.
منذ مطلع سبتمبر الماضي 2023، فصلت المحكمة الابتدائية في المنطقة العسكرية الثالثة، عشرات القضايا الكترونيا.
يقول القاضي عقيل: جهزنا قوالب إلكترونية خاصة بالمحاضر، وأخرى بالمسودات، وقوالب خاصة بالأحكام بما لا يتعارض مع القانون، ويسهل العمل، وقد أثبتت المبادرة أن العمل الالكتروني مريح وسهل.
يأمل القاضي عقيل أن تطبق تلك الرؤية في حوسبة القضاء، واستغلال التكنلوجيا في خدمة القضاء وتخفيف الضغط على القضاة والكتاب والمواطنين أيضا.
عشرات القضايا التي أنجزتها المحكم الابتدائية في المنطقة العسكرية الثالثة، برئاسة القاضي عقيل، تجربة كافية لضمان فاعلية المبادرة.
يبدي القاضي عقيل أسفه من عدم تفاعل الجهات المعنية مع المبادرة، ومع ذلك لم ييأس فاستخدم جهازه الشخصي، ووفر أخرى لموظفي المحكمة للبدء في “حوسبة” المحكمة التي يرأسها.
تضمنت المبادرة أيضا، احتياجات المحاكم والنيابات في مارب، لبدء العمل الكترونيا، تمثل في 25 جهاز حاسوب وطابعة، وتوظيف عدد قليل من ذوي المهارات العالية في الكتابة أثناء الجلسات، إضافة إلى تأهيل موظفي المحاكم والنيابات ومأموري الضبط القضائي، بدورات تخصصية.
والقاضي “عقيل” حاصل الليسانس عام 1995، من كلية الحقوق جامعة عدن، ولديه 25 عاما من الخبرة في العمل في النيابات والمحاكم في أمانة العاصمة ومحافظة إب ومن محافظة مأرب.
تدرج عقيل، في عمله ابتداء من أمين سر، إلى عضو نيابة وحاليا رئيس محكمة، وهو من مؤسسي نقابة المحاكم والنيابات، كذلك أحد خريجي الدفعة الأولى، دورة نيابات، من معهد القضاء عام 2005.
قبل نحو عامين كان القاضي عقيل، يعاني من أمية الكترونية، لكنه تجاوزها مستفيدا من خبرة أولاده في هذا المجال.
ويضيف أن تصميمه على تعلم الحاسوب، عندما بدأ في إعداد أحد بحوثه، ووجد عناء في الكتابة يدويا، وكانت البداية مع اللابتوب.
للقاضي عقيل بحث بعنوان ” الشامل في القيود والأوصاف” وتمت طباعته، كما لديه بحوث أخرى، منها “الدفوع القانونية” وبحث في “فن التحصيل وطباعة الأحكام” وبحث آخر بعنوان “المحاضر.. ما هيتها واهميتها وطرق حمايتها”، يقول إنه مصمم على نيل الشهادات العليا في تخصصه.



