الأخبارتقارير

ثلاثون عاما من الحروب الاسرائيلية على قطاع غزة.. من يبتلع الآخر؟

تقرير خاص أعده لـ”يمن ديلي نيوز”: عدنان الشهاب .. قبل أكثر من 30 عاما، في العام 1962، قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني، إسحاق رابين، “أتمنى أن أستيقظ يوما من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر”.

لطالما شكل قطاع غزة برجاله ونسائه وأطفاله، شوكة في حلق الاحتلال الصهيوني، فمن مخيم جباليا، انطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى والتي عرفت بـ “انتفاضة الحجارة” كان ذلك عام 1987.

تنوعت أساليب المقاومة في غزة، لم يهنأ الاحتلال بالبقاء، حتى سلم القطاع إداريا للسطلة الفلسطينية عام 1994، أنهكت المقاومة جنود الاحتلال ومستوطنيه حتى أعلن الانسحاب بشكل كامل عام2005.

حتى مطلع الألفية الجديدة كانت المقاومة في غزة تستخدم وسائل بدائية تمثلت في الحجارة، و “المقلاع” و “الملوتوف” “السلاح الأبيض” ثم “الأحزمة الناسفة” و”العمليات الفدائية”.

وفي العام 2001، كشفت “القسام” عن أول صاروخ محلي الصنع بمدى لا يتجاوز 3 كم، ووزن المادة المتفجرة نحو 5 كجم.

وخلال سنوات طورت المقاومة قوتها الصاروخية وصل مدى بعضها إلى 250 كم، إضافة إلى سلاح “المسيرات” والطائرات الشراعية وغيرها من الصناعة المحلية لأسلحة القنص، كما جهزت المقاومة بنية تحتية للحفاظ على تحركاتها وقواتها بشبكة من الأنفاق.

في يونيو 2006، تمكنت كتائب “القسام” من أسر الجندي جلعاد شاليط، خلال اشتباك بري مع جيش الاحتلال في حي الشجاعية شمال القطاع.

مثّل أسر الجندي شاليط ضربة موجعة لجيش الاحتلال وعجز عن تحريره سواء عبر المعارك العسكرية أو بالضغوط السياسية والحصار، لكنه استسلم لشروط حماس وأفرج عن 1027 من الأسرى الفلسطينيين بينهم أعضاء في المجلس التشريعي كان ذلك في أكتوبر 2011.

في سبتمبر 2007، أعلن الكيان الصهيوني أن قطاع غزة كيانا معاديا، وبعد شهر أعلنت عليه الحصار الخانق، وبدأ شن الحروب على القطاع بين حين وآخر.

حروب غزة

شن جيش الاحتلال جولات عدة على قطاع غزة في 2008، و2014، 2018، 2021، 2023، بهدف القضاء على حكم “حماس” وسيطرتها على القطاع وتحرير “شطاليط” ومنع اطلاق الصورايخ وتدمير الأنفاق، بعد 15 عام من انطلاق أول حرب لم يتحقق من ذلك شيء.

كانون 2008

في 27 ديسمبر 2008، شن الاحتلال الصهيوني حربا على غزة  “الرصاص المصبوب” وردت المقاومة الفلسطينية بعملية أطلقت عليها “معركة الفرقان”.

استمرت المعركة 23 يوما، استخدم الاحتلال سلاح الجو والمدفعية لاستهداف المدنيين، في حين استهدفت المقاومة المستوطنات في محيط غزة (17 كم) بنحو 750 صاروخا وأسدود وبئر السبع.

وأسفرت المعركة عن استشهاد أكثر من 1430 فلسطينيا بينهم أكثر من 400 طفل 240 امرأة، و134 شرطيا، واصابة أكثر من 5400، وتدمير أكثر من 10 آلاف منزل كليا أو جزئيا.

في المقابل أعلن جيش الاحتلال عن مقتل 13 شخصا، بينهم 10 جنود، وإصابة 300 آخرين.

نوفمبر 2012

بدأت المعركة باغتيال الاحتلال لقائد كتائب عزالدين القسام أحمد الجعبري، ويوم 14 نوفمبر2012، شن الاحتلال حربا على غزة أطلق عليها “عامود السحاب” وردت المقاومة بعملية سمتها “حجارة السجيل” واستمرت 8 أيام بهدف تدمير مخازن الصواريخ للمقاومة.

الخسائر: استشهد 180 من سكان غزة، بيهم 42 طفل، و11 امرأة، وأصيب نحو 1300 آخرين، في حين قتل جنديين، و20 إسرائيليًا واصابة 645 آخرين.

في هذه الجولة أطلقت المقاومة 1500 صاروخ وصل بعضها إلى سماء تل ابيب، واعلن الاحتلال عن خسارته الاقتصادية بـمليار دولار.

يوليو 2014

في السابع من يوليو2014، شن الاحتلال الصهيوني عدونا جديدا على القطاع أطلق عليها “الجرف الصامد”، وردت عليها المقاومة بمعركة “العصف المأكول”.

وتعود أسباب المعركة لاغتال الاحتلال 6 من أعضاء حركة حماس، بعد مقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، نفت حماس علاقتها بمقتلهم، بعدها أقدم مستوطنون على خطف الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير وعذبوه وقتلوه حرقا.

أهداف المعركة تدمير شبكة الأنفاق التي بنتها المقاومة تحت الأرض في غزة.

استمر العدوان 51 يوما، شن الاحتلال أكثر من 60 الف غارة جوية على القطاع.

كما أطلقت كتائب القسام أكثر من 8 آلاف صاروخ أطلقتها كتائب القسام، وتم استهداف مدن حيفا والقدس، تسببت بإيقاف الرحلات في مطار تل أبيب.

كما تم لأول مرة استخدام الطيران المسير، وتمكنت “القسام” من أسر الجندي شاؤول آرون.

نتج عن قصف الاحتلال استشهاد 2322 شخص، بينهم أطفال ونساء، واصيب 11 ألف آخرين.

الخسائر في صفوف الاحتلال مقتل 68 جنديا، واصابة 740 آخرين، كما قتل 4 مدنيين واصابة 1780، آخرين.

نوفمبر 2019

في 12 من نوفمبر2019، اغتال الاحتلال عبر “مسيرة” قياديا في سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في غزة بهاء أبو العطا في شقته السكنية في غزة، واستشهد مع زوجته.

ردت حركة الجهاد الإسلامي على الاغتيال بعملية أطلقت عليها “معركة صيحة الفجر” أطلقت خلال أيام مئات الصواريخ على مواقع وبلدات للاحتلال.

نتج عن المعركة استشهاد 34 فلسطينيا، وجرح أكثر من 100 آخرين.

 حرب2021

بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح، وكذلك اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى، ردت المقاومة الفلسطينية بقصف صاروخي (أكثر من 4 آلاف صاروخ) على بلدات ومدن داخل الأراضي المحتلة، من بينها القدس المحتلة، تجاوز مدى صواريخ المقاومة 250كم.

اطلقت على العملية “سيف القدس” وسماها الاحتلال “حارس الأسوار”.

نتج عن المعركة استشهاد 250  فلسطينيا، واصابة أكثر من 5 آلاف آخرين، وأعلن الاحتلال مقتل 12 مستوطنا وإصابة نحو 330 آخرين.

 أغسطس 2022

في 5 أغسطس 2022، اغتال الاحتلال أحد قيادي سرايا القدس بـ “مسيرة” في منزله بحي الرمال في غزة، بعد أيام من اغتيال قيادي آخر في جنين بالضفة “بسام السعدي”.

وردا على الجريمة أطلقت سرايا القدس مع فصائل أخرى مئات الصواريخ استهدفت بلدات ومدن محتلة من ضمنها  تل أبيب ومطار بن غوريون وأسدود وبئر السبع وعسقلان ونتيفوت وسديروت.

استشهد في المعركة 24 مدنيا بينهم 6 أطفال، واصيب 203 آخرين.

أطلق الاحتلال على العملية اسم “الفجر الصادق” وردت حركة الجهاد بعملية سمتها “وحدة الساحات”.

أكتوبر 3023

فجر السابع من أكتوبر 2023، شنت المقاومة الفلسطينية هجوما مباغتا على مواقع وقواعد لجيش الاحتلال وصولا إلى المستوطنات على غلاف غزة وما بعدها، أطلقت المقاومة في بداية الهجوم نحو 5 آلاف صاروخ تم استهداف مواقع ومطارات جيش الاحتلال.

المعركة التي أسمته المقاومة “طوفان الأقصى” ردا على الانتهاكات المتكررة للمستوطنين حرمة المسجد الأقصى، والجرائم بحق المقدسيين.

هجوم المقاومة هو الأول من نوعه، ضد جيش الاحتلال، من عدة محاور برا وبحرا وجوا، وتمكنت المقاومة من أسر وخطف العشرات من الجنود والضباط والمستوطنين الصهاينة، وكشف عن هشاشته وعدم مقدرته على حماية نفسه.

أعلنت حكومة الاحتلال “حالة الحرب” وأطلقت عملية عسكرية أطلقت عليها “السيوف الحديدية” وفرضت حصارا خانقا على غزة بعد أن قطعت الماء والكهرباء ومؤخرا قطعت الاتصالات والانترنت، وهددت أي مساعدات تدخل من معبر رفح.

شن الجيش آلاف الغارات الجوية العنيفة التي استهدفت أحياء سكنية بشكل كامل وقتلت حتى اليوم (1 نوفمبر)  استشهد نحو 10 آلاف شهيد ما يقارب نصفهم من الأطفال، ولا يزال نحو 1400 تحت الأنقاض، وجرح نحو 21 ألف آخرين.

الهجوم البربري لم يسبق في كل حروب الاحتلال على القطاع، استهداف متعمد للمدنيين، وكل شيء في غزة، أبيدت أحياء سكنية وعوائل بكاملها مسحت من السجل المدني، قتل عشرات الصحفيين، والطواقم الطبية، وموظفين أمميين، واستهدفت المساجد والكنائس ومواقع الأونروا، استخدم الاحتلال أسلحة أكثر قدرة تدميرية بدعم امريكي معلن منذ اليوم الأول للهجوم.

أما خسائر الاحتلال فبلغت نحو 1540 قتيل، بينهم نحو 320 ضابطا وجنديا، وجرح نحو 5 آلاف آخرين من الجنود والمستوطنين، و250 اسير من ضباط وجنود ومستوطنين لدى المقاومة.

كما أجلى الاحتلال 125 ألف مستوطن، من مستوطنا في غلاف غزة وشمال الأراضي المحتلة.
وحتى اليوم (بعد 26 يوم من القصف) لا تزال المقاومة تقدم المفاجئات في استهداف جنود وآليات الاحتلال.

المستجدات:

في معركة أكتوبر 2023 لا جديد في أداء جيش الاحتلال، سوى المزيد من القتل والدمار والمجازر الجماعية، عبر غارات جوية بشكل غير مسبوق، نتج عنها قتل آلاف من المدنيين وتدمير أحياء سكنية.

من جانب حماس فإن الجديد دخول الطيران الشراعي في المعركة من اللحظة الأولى للهجوم، واستخدامه في الانزال الجوي خلف خطوط العدو خلال أيام المعركة، وكذلك الاشتباكات المباشرة.

تمكنت حماس من خلال المواجهات المباشرة من قتل 15 جنديا للاحتلال خلال 24 ساعة (30 اكتوبر) وتدمير عدد من الآليات العسكرية.

الموقف الغربي

انحازت الحكومات الغربية بشكل واضح مع الاحتلال ضد أطفال ونساء غزة بحجة دفاع “إسرائيل” عن نفسها.

ووصل إلى تل ابيب تباعا كل من: وزير خارجية الولايات المتحدة، بيلنكن، ولحقه الرئيس الأمريكي بايد، ورئيس وزراء بريطانيا، ورئيس فرنسا، والمستشار الألماني، وأعلنوا كلهم دعمهم ووقوفهم إلى جانب الاحتلال.

إعلاميا انحازت مؤسسات إعلامية غربية كبرى للاحتلال وتبني موقفه بشكل فاضح خاصة بعد أن تبين أن معظم تلك القصص الإخبارية كاذبة.

الموقف العربي

عربيا وإسلاميا رفضت مصر والأردن والسعودية وقطر الطلب الأمريكي والغربي إدانة حماس في هجومها يوم 7 أكتوبر على جيش الاحتلال وأسر جنود ومستوطنين.

أما عن الجرائم والمجازر التي يتعرض لها سكان قطاع غزة، لم يتجاوز الموقف بالإدانة والشجب والمطالبة بوقف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة.

على المستوى الشعبي خرجت مظاهرات حاشدة في عواصم ومدن العالم خاصة لندن ونيويورك وباريس ومدريد، تندد بالحرب على المدنيين في غزة.

الموقف الدولي

ودوليا فشل مجلس الأمن من التوافق على مشروع لوقف اطلاق النار كهدنة إنسانية أو فتح ممرات انسانية.

أعلن الاحتلال أن العملية تهجير سكان قطاع غزة نحو سيناء المصرية، قبل أن يتراجع إلى تهجيرهم نحو جنوب القطاع بهدف الاجتياح البري والقضاء على حماس والمقاومة.

جيش يقهر ويذل
حروب وحشية استخدمت فيها إسرائيل على مدى 30 عاما أسلحة فتاكة وعنيفة، وقبل ذلك وبعده حصار خانق للسكان، وتحويل القطاع إلى أكبر سجن في تاريخ البشرية، كل ذلك لم يتمكن الاحتلال من قمع المقاومة أو القضاء عليها، بل إن المقاومة تمكنت من تطوير وسائلها وهاجمت الاحتلال في قعر ثكناته وقواعده ومستوطناته.

تمكنت “المقاومة” خلال ثلاث ساعات فقط، وبعشرات من المقاتلين، من القضاء على سمعة ومكانة جيش الاحتلال الذي صُور للعالم بأنه “جيش لا يقهر” قهرته “القسام”  وكشفت سوءته وقبح العالم ووحشيته.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من يمن ديلي نيوز Yemen Daily News

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading