
تقرير خاص أعده لـ”يمن ديلي نيوز”: إسحاق الحميري.. ماذا تعرف عن الاحتلال البريطاني لعدن وجنوب اليمن وأسباب قيام ثورة 14 أكتوبر ضده؟ سؤال طرحه “يمن ديلي نيوز” على طلاب في جامعة “عدن” في إطار قياس مستوى تشبع الأجيال الحالية بثقافة ثورة 14 أكتوبر 1963 على الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن.
السؤال طرح على 15 طالبا وطالبة من كليات وأقسام مختلفة داخل الجامعة حيث تحدث 9 طلابا بينهم طالبتين أن السبب الرئيسي لاندلاع ثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، لأنه احتلال في المقام الرئيسي، مهما وفر من حريات، ومن مشاريع وغيرها.
ومن بين من أجابوا على سؤال “يمن ديلي نيوز” طالب وطالبة قالوا إنهم يعرفون عن الاحتلال البريطاني أنه حول عدن إلى مدينة من أجمل مدن الشرق الأوسط مفعمة بالحريات، وأن الأمل كان في أن يشهد الناس بعد ثورة 14 أكتوبر وضع أفضل إلا أن ذلك لم يتم، كما قالوا.
وطبقا للطالبة “نهى” – إسم مستعار – قالت إن أسر كثيرة قالت إنها ثارت على الاحتلال البريطاني مازالت تتلقى رواتب شهرية من الاحتلال حتى اليوم.
ومن بين الطلاب المستطلعين أربعة من الطلاب ساروا في اتجاه آخر حيث أكدوا أن مقاومة المحتل تظل غريزة فطرية في كل الشعوب الحية والحرة، فضلا عن أن الاحتلال البريطاني مارس أبشع أنواع التنكيل والتمييز العنصري والتمزيق للمجتمع، بغض النظر عما حاول يرسمه عن نفسه في مدينة عدن.
ويأسف الطالب “عبدالعليم الشيباني” أن هناك تغييب لجرائم الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن، أسهمت فيه النخبة السياسية والنخبة الحاكمة، وكذلك الاعلام الذي ركز صورة الاحتلال على شارع المعلا في عدن.
وحمل “الشيباني” وزارة التربية جزء من المسؤولية عن تغييب جرائم الاحتلال البريطاني من المنهج الدراسي الذي اقتصر على ذكر أن أول إذاعة وأول سينما وأول صحيفة وأوليات أخرى كانت في عدن في عهد الاحتلال البريطاني، وأغفلت ممارسات المحتل الارهابية.
ودعا إلى عدم تحميل الأجيال الحالية مسؤولية عدم معرفتهم بممارسات الاحتلال البريطاني وإنما الأنظمة المتعاقبة التي جاءت بعد ثورة 14 أكتوبر، التي كرست صورة الاحتلال البريطاني في الاعلام والمناهج بأنه كان مجرد محتل.
وقال إن الأنظمة التي جاءت بعد ثورة 14 أكتوبر أظهرت أن الثورة كانت لمجرد أنها ثورة ضد الاحتلال، دون أن تتحدث أن الثورة لم تأت إلا بعد أن عاش الجنوب كله حالة غياب كلي عن العالم باستثناء مدينة عدن التي كان يحاول الاحتلال فصلها عن الجنوب، وإظهار أنها ليست يمنية.
أصوات نشاز
بناء على إجابات الطلاب التي أظهرت ضعف معرفة الغالبية لممارسات الاحتلال البريطاني وأسباب اندلاع ثورة 14 أكتوبر، طرح “يمن ديلي نيوز” سؤالا عن أسباب قيام ثورة 14 أكتوبر، على اثنين ممن عايشوا الثورة وهل كانت لمجرد أنه محتل، أم أن هناك أسباب أخرى؟.
في البداية يأسف سكرتير الحزب الاشتراكي الأسبق في مديرية المعافر بتعز “عبدالله الحداد” لتعالي الأصوات في زمننا الحالي، التي تحسن من صورة الاحتلال، وتنقل للأجيال صورة مغلوطة عنه، وتقول أنه ساهم في بناء البلاد.
ووصف “الحداد” في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” تلك الأصوات بالنشاز، وقال إنها تقوم بنقل معلوماتها مضللة وغير مقبولة للأجيال الحالية.
واتهم “الحداد” “الدولة والأحزاب السياسية والمثقفين بالمشاركة في خلق هذه الصورة التي تزين الاحتلال وتنقله بغير صورته الحقيقية التي مارست أبشع أنواع التنكيل والارهاب والتمزيق والعنصرية بحق أبناء جنوب اليمن”.
وروى “الحداد” في حديثه مع “يمن ديلي نيوز” كيف كان الناس جميعا مندفعين لثورة 14 أكتوبر بعد أن مارس الاحتلال بحقهم كل جرم قائلا: شاهدت بعيني عندما كنت في سن الـ 15 كيف انتفض الجميع وشاركوا في الثورة، وكنا ننقل الذخائر للمقاتلين ونمدهم بالمعلومات.
وأردف: “كان الجميع يشارك بما يستطيع رجال ونساء أطفالا وشيوخا، حتى طرد المحتل الغاشم، ولم يطرد بفاتورة بسيطة فقد كان يقصف حتى القرى ويقتل الأرامل والأطفال ليأتي اليوم من يزين صورة الاحتلال”.
وأضاف: بعيدا عما مارسه المحتل البريطاني بحق أبناء اليمن في المحافظات الجنوبية فالاحتلال يبقى احتلال ولا يمكن التصالح معه.
وتحدث “الحداد” عن جانب من التفاعل الشعبي الذي سبق ثورة 14 أكتوبر، مؤكدا أن اليمنيين جميعا شمالا وجنوبا كانوا يعيشون كل تفاصيل البلد المحتل، حيث عمل الاحتلال على حرمان اليمنيين من كافة حقوقهم وحريتهم، وسلبهم حقهم في الحياة الكريمة، ومصادرة ثرواتهم.
وقال: “تلك الممارسات جعلت الشعب بكل أطيافه ومكوناته من نقابات وأحزاب وتكتلات يخرج ويرفض وينتفض بوجه الاحتلال حتى اندلاع ثورة الـ 14 من أكتوبر والتي أتت بعد نجاح ثورة 26 سبتمبر، التي رفدت المحافظات الجنوبية كثيرا وتكللت تلك الجهود بانتصار الثورة بعد 129 عام من الاحتلال.
وأشار إلى أن حركات التحرر في المنطقة العربية وخصوصا مصر، وكذلك نجاح ثورة 26 سبتمبر، بالإضافة على تشكل الوعي لدى المواطن اليمني، شكلت حافزا كبيرا لقيام الثورة الكبير وانتصارها على الاحتلال الذي مارس الظلم بحق شعبنا”.
السلطات المتعاقبة
في السياق يقول الشيخ وللحديث عن أسباب قيام ثورة أكتوبر يقول “عبدالله محمد” أحد المشاركين في ثورة 14 أكتوبر وشيخ قبلي حاليا في محافظة تعز إن الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة هي نفس الأسباب الذي تشعل الثورات في كل العالم من رففض للوصاية الأجنبية، والتمسك بحقه في التحكم بالثروات، ونيل الحرية والتخلص من التبعية.
وقال لـ “يمن ديلي نيوز” إن ممارسات الاحتلال التي ارتكبها بحق اليمنيين من قتل وتشريد ونهب للثروات، وحرمان أبناء البلد منها، وقمع حرياتهم، وسلب حقوقهم، بالإضافة إلى منع أغلب اليمنيين من العمل في الموانئ واستبدالهم بجنسيات أخرى، وغيرها من الممارسات، دفعت الشعب لإطلاق شرارة الثورة من كل بقاع الوطن.
وحمل “عبدالله محمد” السلطات المتعاقبة في البلاد، مسؤولية عدم توضيح الصورة الكاملة للأجيال، الذين لايعرفون الفظائع التي ارتكبها الاحتلال بحق اليمنيين، والتي أدت إلى اندلاع شرارة الثورة، ساخرا من الأحاديث التي تصوّر الاحتلال بالباني والمشيد للبلدان المحتلة.
وأمس السبت احتفل الشعب اليمني بمرور 60 عاما على اندلاع شرار ثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني، والتي أشعلها الثائر راجح بن غالب لبوزة من جبال ردفان بمحافظة لحج، وكانت الشرارة الأولى لاندلاع ثورة شعبية عارمة انتهت بانقشاع الاحتلال وإعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967.



